البروفيسور المعتصم أحمد الحاج مديراً مُنْتَخباً لجامعة أمدرمان الأهلية

 


 

 

(1)
تُعدُّ جامعة أمدرمان الأهلية فَلْتَةٌ مِنْ فَلَتَاتِ التعليم الأهلي الناجحة في السودان؛ إذ عرض بروفيسور محمد عمر بشير (1926-1992م) فكرة تأسيسها على بعض الشخصيات المجتمعية من أبناء أم درمان 1982م، فتبنوا الفكرة، وعقدوا أول اجتماع تأسيسي للكلية الجامعية عام 1984م. وبعد ذلك بدأت سلسلة من الاجتماعية الدورية تنتظم؛ لجمع الدعم المالي من بعض الخيرين من أبناء السودان، فكانت استجاباتهم بمستوى الرؤي والأهداف التي طرحها بروفسيور بشير. بدأت الدراسة بالكلية الجامعية النواة في أول نوفمبر 1986م بمدارس المليك بأم درمان، ثم انتقلت إلى مقرها الرئيس جوار مقابر حمد النيل عام 1993م. وبعد أن حققت الكلية الجامعية جملة من النجاحات، سعى مجلس أمنائها إلى ترفيعها إلى جامعة أم درمان الأهلية، فتحقق هذا الحُلم المنشود عام 1995م، بموجب قرار صدر من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، اتساقاً مع قانون الجامعة الذي يضمن استقلاليتها باعتبارها مؤسسة تعليمية أهلية غير ربحية. ويتشكل الآن الهيكل الأكاديمي للجامعة من تسع كليات، تشمل كليه العلوم التطبيقية والمعلوماتية، وكليه الدراسات التطبيقية، وكليه الآداب، وكليه العلوم الاقتصادية والإدارية، وكليه الهندسة والعمارة، وكليه العلوم البيئية، وكليه العلوم الصحية، وكليه التنمية البشرية والتكنولوجية، وكليه الطب؛ وأربع مراكزٍ بحثية، يأتي في مقدمتها مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، ومركز عون الشريف قاسم، ومركز سعاد الصباح، ومركز الطاقة البديلة والتنمية المستدامة.

(2)
عندما قرأت نبأ تعيين الأستاذ الدكتور المعتصم أحمد الحاج مديراً لجامعة أمدرمان الأهلية في الوسائط الاجتماعية، كتبتُ إليه تهنئةً مفادها: "حقاً سعدتُ بتعيينكم مديراً لجامعة أمدرمان الأهلية؛ لأنه قرار صادف أهله، وتقدير مستحق لعطائكم المستمر في تطوير الجامعة أكاديمياً وعمرانياً. يخطئ أهل السلطة عشرات المرات، ولكنهم يصيبون في بعض الأحيان، فهذه مأثرة تحسب. مع تمنياتي لك بالتوفيق والسداد الدائمين، فأنت أهل لهذا التكليف." فردَّ عليَّ قائلاً: "مع تقديري، الأهلية لا علاقة لها بالسلطة، الأهلية طبقت التحول الديموقراطي قبل وصول البلاد إليه، حيث تمَّ اجراء انتخاب سري بين مرشحين اثنين، وشارك في التصويت 13 عضواً بمجلس الجامعة، وكانت النتيجة 10 إلى 3 أصوات، وحسب قانون الجامعة، يتم فقط إخطار التعليم العالي بما تقرر وقرره مجلس الجامعة." حقاً هذه واحدة من النماذج التي يجب الاحتفاء بها، وذلك لسببين. أولهما، إنها خطوة رائدة تجاه الانتقال الديمقراطي الذي ينشده الجميع، بعيداً عن المزايدات السياسية غير الناضجة، والتي لا تخرجنا عن الدائرة الشريرة (نظام ديمقراطي، انقلاب عسكري، فترة انتقالية، نظام ديمقراطي، انقلاب عسكري، هكذا دواليك)، التي أفسدت استقرار السودان، وقادته بخطى حثيثة صوب نادي الدول الفاشلة. ثانيهما، إنَّ البروفيسور المعتصم من الأعضاء المؤسسين للجامعة الأهلية، والذين شهدوا بداياتها الجنينية، وأسهموا بجدارة في مراحل تطويرها المختلفة إلى أن اشتد عودها واستقام ميسمها، فأمثال هؤلاء أولى بإدارة المؤسسات التي ينتسبون إليها، لأنهم يملكون الخبرة الكافية، والولاء الصادق للمؤسسة وللعاملين فيها. عاطر التهاني والتبريكات لهذا الانتخاب الذي صادف أهله على مستوى المؤسسة، وطرح نموذجاً رائداً للممارسة الديمقراطية، نأمل أن تحتذي به الجامعات الأخرى والمؤسسات المهنية. لأن صوت الشارع وحدة لا يؤسس لنظام الديمقراطي، فالممارسة الديمقراطية تحتاج أن تخرج من عباءة الشعارات الرغائبية إلى حيز الثقافة والتنفيذ الميداني الذي يتبناها قطاع واسع من الناس، ويدافع عنه بوعي وجسارة، قبل أن "تُدولن القبيلة"، وتصبح دولة السودان أثراً بعد عين.

ahmedabushouk62@hotmail.com

 

آراء