البشير بين الجنائية والقضاء الوطني !!
ليس هناك خبر في أن يكون من بين القادة العسكريين من يرفض محاكمة البشير أمام محكمة الجنايات الدولية، فأكثر هؤلاء القادة يحملون فضل ومعروف المخلوع ونظامه على أكتافهم، فقد أبقى عليهم بالخدمة وتصعيدهم لأعلى المراتب بعد أن أزاح من طريقهم المئات من زملائهم الضباط الوطنيين والشرفاء بعضهم بالصالح العام وآخرين بإرسالهم إلى الدار الآخرة.
بيد أن هناك جانب موضوعي في النظر إلى هذه القضية، ويتعلق ذلك بالإجابة على السؤالي التالي:
هل زالت الآن الظروف التي كانت قد إقتضت إحالة محاكمة البشير ورفاقه أمام المحكمة الدولية والتي تتمثّل في مقدرة ورغبة أجهزة العدالة الوطنية في إجراء المحاكمة وتحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب والإبادة البشرية؟
واقع الحال هو الذي يجيب على هذا السؤال، ذلك أنه وبعد مرور نحو عامين على قيام الثورة، لم يُحرّك النائب العام إجراءات التحقيق حول الجرائم التي يُراد تقديم البشير وزملاء قائمته للمحاكمة بشأنها أمام محكمة الجنايات الدولية، كما أنه ليس هناك في الأفق ما يشير إلى جديّة أجهزة العدالة الوطنية في إتخاذ أي خطوات نحو إنجاز هذه المهمة التي تتعلّق بتهم تقع ضمن إهتمام وإختصاص الأجهزة الأممية لتعلقها بجرائم ضد الإنسانية بوجه عام، وليس فقط في طائفة البشر الذين وقعت بشأنهم الجرائم.
مؤدّى هذه الحقيقة أن المطالبة بعدم محاكمة المطلوبين لدى محكمة الجنايات الدولية، تعني إفلات المجرمين في هذه القضايا إلى الأبد، مع الأخذ في الإعتبار، أنه قد مضى من الزمن على إرتكاب هذه الجرائم ما أدّى إلى طمس كثير من البينات وكذلك غياب كثير من الشهود سواء بالوفاة أو الهجرة أو نسيان الوقائع التي مضى عليها عشرات السنوات. وعلى الذين يطالبون بإجراء المحاكمة أمام القضاء الوطني، أن يدلوا الضحايا على موعد ومكان إنعقاد هذه المحاكمة داخل الوطن.