البشير ـ هل يرد التحية بأحسن منها؟ … بقلم: جمال عنقرة
20 February, 2009
عيون بعض الناس ينطبق عليها قول الشاعر (تري الشوك وتعمي أن تري فوقها إكليلاً) ويصدق هذا القول في كل الذين استخفوا باتفاق حسن النوايا الذي وقع في العاصمة القطرية الدوحة يوم أمس الأول بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة بعد قتال شرس دام نحواً من خمس سنين فقد فيها الوطن الكثير. وظل القتال بينهما مستمراً حتي أثناء سير المفاوضات. فهؤلاء قالوا أن الإتفاق لا يساوي ثمن الحبر الذي كتب به، وبعضهم قال إنه إعلان مستتر لفشل المفاوضات حفظاً لما وجه الوسيط الذي هو دولة قطر وأميرها الشيخ حمد بن خليفة ورئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم ووزير الدولة للخارجية الشيخ أحمد بن عبد الله آل محمود. وهؤلاء هم الذين خرجوا لهذا الملف باسم الأمة العربية والإسلامية يسعون لوحدة صف دولة شقيقة ساء الناس كلهم ما صار فيها. وارتضت قطر وقادتها أن تحمل الأمانة وهي تعلم أن النجاح سوف يتبناه الجميع ولن تجد غيرها من يتبني الفشل إذا قدر له أن يكون.
مأخذ الناس علي المفاوضات الذي رأوه عيباً لا يدانيه عيباً أنها فشلت في توصيل الجانبين إلي اتفاق بشأن ملف الأسري الذي ظل يراوح مكانه طوال أيام التفاوض ولم يجدوا في الختام شيئاً سوي تعليقه للجولة القادمة المقرر لها بعد اسبوعين من انفضاض الجولة الأولي عسي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وأتفق مع هؤلاء في ان ملف الأسري ما كان له أن يأخذ كل هذا النصيب وأنا أراه أضعف ما بين الجانبين من خلاف. وكنت أتوقع أن يتأسي فيه المفاوضون بسيد ولد آدم كلهم محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل صلاة وأصدق تسليم لا سيما وأن جميع أعضاء الوفدين من الذين ظلوا يهتفون سنين عددا (الرسول قدوتنا) فالرسول صلي الله عليه وسلم عندما دخل مكة فاتحاً وكان قد رأي من أهلها ما رأي من صنوف التعذين والاستخفاف به وبدعوته وبحصبه الغر الميامين. فعندما دخل المعصوم عليه السلام مكة بعد الفتح وأجلس أهلها علي الأرض صاغرين م سألهم (ماذ تظنزن أني فاعل بكم؟) فردوا عليه (أخ كريم بن أخ كريم) فقال لهم عليه أفضل صلاة وأزكي تسليم (اذهبوا فأنتم الطلقاء) تلك هي السنة النبوية التي كنا نتمني أن يتأسي بها المفاوضون من جانبي الحكومة وحركة العدل والمساواة. ولكن مع ذلك لا أجد في عدم الاتفاق علي ملف الأسري ما يشين الاتفاق ويضعفه. فمجرد الإلتقاء يعتب إنجازاً كبيراً. ولقد صار به السلام الشامل في دارفور قاب قوسين أو أدني. ولا يدانيني شك في ان الجولة القادمة ستكون حاسمة وخاتمة باذن الله العليم.
ومع ذلك نرجو ان يحسم هذا الملف قبل ان تنطلق الجولة القادمة. وحسناً فعل الدكتور خليل رئيس حركة العدل والمساواة حينما قدم بين يدي توقيع الاتفاق بادرة حسن نية وأعلن اطلاق سراح بعض الأسري من جانب واحد. وأحسب أن الدكتور نافع علي نافع رئيس الجانب الحكومي في المفاوضات لو كان يمتلك السلطة الدستورية التي تخول له ذلك، لرد علي خليل في وقتها باطلاق سراح جميع المأسورين طرف الحكومة. أما والأمر كذلك فلا نجد غير الرئيس البشير ليفعل هذا وهو فضلاً عن امتلاكه سلطته يمتلك إرادته وتؤهله سيرته وشخصيته له تاهيلاً كاملاً. فعندما خرجت جماهير الفاشر وأحسنت استقباله في زيارته التاريخية للمدينة حياها باعلان العفو عن الصغار الذي شاركوا في غزو ام درمان وكانت المحاكم قد قضت عليهم بالاعدان شنقاً حتي الموت. وقلت ساعتها أن الرئيس قد وضع الكرة في ملعب خليل. وها هو خليل يرد الكرة لملعب الرئيس وننتظر من الكريم بن الكرمين عمر البشير أن يكرم خليل، ويكرم حركته العدل والمساواة، ويكرم كل المفاتلين، ويكرم أهل دارفور ويكرم أهل السودان كلهم ويكرم الوسيط القطري الذي بذل كل ما يدخر من جهد ويعلن من طرف واحد اليوم قبل الغد العفو عن كل المعتقلين والمأسوين من حركة العدل والمساواة ومن أهل دارفور كلهم. ومعهم كل الذين يقبعون في السجون والمعتقلات لأسباب سياسية. وأثق أن عمر لن يخذلنا، والله ناصرنا وهو ولي المخلصين.
gamalangara@hotmail.com