التجاني السيسا أمل وتحدي (1) … بقلم: محمد محمد خير
2 March, 2010
أقاصي الدنيا
برز الدكتور التجاني السيسا في عهد الديمقراطية الثالثة كقائد دارفوري تنسده عناية أكاديمية راجحة على خلفيته كأستاذ جامعي بدرس علم الاقتصاد بجامعة الخرطوم وشهدت فترة توليه إقليم دارفور أحداثا لا تقل ضراروة وفظاعة عن ما جرى خلال الفترة من 2003 حتى الآن بدارفور قبل أن تطيح الانقاذ بالحكومة الديمقراطية وتعقد صلحا سياسيا واجتماعيا بدارفور استمر حتى تفجر الأزمة من جديد على نحو مغاير وبأولويات مختلفة وباتساع للماعون الاقليمي والدولي وباصطفافات سياسية تجري على خطوط مطلبية وقبلية.
التحق الدكتور التجاني بقوى التجمع الوطني بالقاهرة ناشطا فيه عبر مسالك حزب الأمة وتفرغ للعمل كمتفرغ سياسي بعد استقالته من الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، وهنا تيسر لي معرفته عن قرب شديد كي ألخص أهم المعالم التي أفدتها من شخصيته في أنه ديمقراطي التوجه وإنساني النزعة ويتمتع بخاصية النظر بأفق مفتوح على كل الاتجاهات ولكل القضايا وله ارتباطات وثيقة جدا بمحيطه القبلي في شقه المتعلق بأهله من قبيلة الفور دون الخروج عن تشكيلة الطيف الدارفوري الآخر ويحظى السيسا بقبول كبير على خلفية هذه المزايا وتلك السمات التي تلون مواقفه وشخصيته بالرضا الكامل إن لم يكن الكبير.
خلال سنوات ( التيه ) التي كانت تسمى مجازا بـــ ( النضال ) في القاهرة إختلف السيسا مع مبارك الفاضل وكان هذا الاختلاف حتميا ، فالتجاني ديمقراطي ومبارك يتبنى مواقف باسم الديمقراطية تنبع من رغباته وتصب في مصلحته ، وخلال ذلك الصراع إصطف الأستاذ مهدي داؤود الخليفة في مخيم التجاني مؤكدا صواب رؤيته ومتخذا موقفا ناقدا لمبارك متجاوزا خصوصية العلاقة الأسرية لتي تربطه بمبارك بوصفه ( خاله ) قبل أن يكون قائده السياسي .
ارتبط الرجلان منذ ذلك الأوان الذي يعود لعام 1996م بموقف واحد تبدو من خلاله ملامح ملامح عديدة أهمها تعميق الديمقراطية واستغلالية الرأي والوضوح الكامل وتحديد الخيارات بنصية لا تقبل التحوير ضمن حوار عميق بين الجميع ليصبح الخيار جماعيا وليس تعليمات يمليها شخص وفق الرؤيا المصلحية لرغباته ، هكذا قاد التجاني ومهدي المعركة الحقيقية لمفهوم الإصلاح والتجديد في حزب الأمة ضد مبارك المهدي الذي أخضع المفهوم لاحقا لمصالحه وحوله من حركة صاعدة كادت أن تطيح به لشعار تكتيكي قضى به أوطارا وشهد به منافعا وحوله لاتجاه الصادق المهدي بعد أن كان مصوبا في اتجاهه في الأصل !!!
بعد أن ( قرف ) التجاني من هذا المحيط الغريب على وجدانه والمتناقض مع مواقفه والغير متسق مع اتجاهاته العامة ، توجه صوب بريطانيا لاجئا عاديا بعد أن كان أستاذا جامعيا في بلاده وحاكما لأكبر أقاليم السودان ومحاطا بعين الرضا من كل أهل دارفور.
وخلال تلك الغربة الموجعة في بريطانيا شهر التجاني سلاحه الرئيسي ملوحا به في كافة إتجاهات المنظمات الدولية والهيئات العالمية حتى ظفر ظفراى مبينا بوظيفة دولية موقرة تابعة للأمم المتحدة التي تبنت ( النيباد ) الشراكة الأفريقية الجديدة في التنمية التي كانت قانكوفر الكندية مسرحا لانطلاقها من قبل مجموعة الثماني (منظومة الدول الغنية) وأصبحت أديس أبابا مقرا للنيباد ومهوى التجاني المسكون بأهله والمجوس بدارفور وأحد أكفأ وأنبل وأرجح من ينتمون لدارفور عرقا وحكمة ،، هذه مقدمة كان لا بد منها لرجل تنعقد الآن آمال عراض عليه لحل أزمة أرهقت العالم ودوخت الدنيا.