التفاوض قيد الإقامة الجبرية

 


 

محمد بدوي
4 November, 2021

 

المراقب لراهن المشهد السودانى عقب إنقلاب الفريق البرهان القائد العام للقوات المسلحة السودانية في 24 أكتوبر2021 ، يقف على أن هنالك جهود وساطة من عدة جهات داخلية منها بعض ممثلي لقوي الحرية والتغيير ، و مجموعة السبعة ، و مبادرات أخري ، يلحظ أنها تسعي في الحركة بين الفريق البرهان دون غيره من تحالف 16 أكتوبر2021 و بين رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك ، لعل اللافت للنظر أن الوساطة تجري في حالة أشبه بما قبل سقوط نظام المؤتمر الوطني حينما حاول الفريق عوض بن عوف وزير الدفاع السابق بالتفاوض مع بعض قادة الأحزاب المعتقلين لدي جهاز الأمن والمخابرات الوطني اَنذاك للمشاركة في تسوية سياسية ، و لعل موقف المهندس صديق يوسف عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني اَنذاك بان لا تفاوض مع معتقل وهو لا يمثل الحزب الشيوعي ، و هو ما يدعو للتساؤل حول دور الوساطات المختلفة في تهيئة مناخ الحوار بوضع الحالة في نصاب صحيح بان لا حوار مع معتقل تعسفيا وبمعزل عن العالم الخارجي كشرط يقابل قبول الانخراط في المهمة هذا ان رغب رئيس الوزراء السوداني في ذلك ، كل ذلك يعزز رغبة البرهان التي كشف عنها في الساعات التي سبقت الإنقلاب بان يقدم حمدوك بحل الحكومة التنفيذية ، لم تتعدد مبادرات التوسط الإ لتعزز بان البرهان يدرك بأن قبول حمدوك بالبقاء في السلطة باي وضع بين رئيس الوزراء والمجلس السيادي يشكل ضمانة لاستمراره في السيطرة على السلطة مره اخري لكون الرجل يحظي بدعم غير مسبوق علي كل الاصعدة ، لعل الشروط التي وضعها حمدوك للتفاوض تعرف بالاطار النظري وهي
• الإعتراف بما حدث كإنقلاب عسكري
• إطلاق سراح كافة المعتقلين من المجلس السيادي والسلطة التنفيذية
• أبتعاد المكون العسكري عن العمل السياسي
بالنظر الي الشروط جميعها تمثل شروط قبل الحوار بما يعني أن هنالك شروط جديدة و لعل المراقب للحالة يقف على أن الراهن الذي يظهر فيه البرهان وحيداً ممثل الفريق العسكري ، بالقابل الدكتور عبدالله حمدوك الذي يشكل محور الإستهداف بالتفاوض من كافة مبادرات التسويات المحلية والخارجية ، يمثل مؤشر قد يقود إلي اعادة هيكلة المجلسين السيادي بصلاحيات شرفية بما يضمن بقاء جزئي للعسكريين والتنفيذي بصلاحيات كاملة و كذلك إعادة النظر في الصلاحيات لكليهما ، غياب تحالفي الحرية والتغير من المشهد يدفع للتساؤل حول بقاء أو اعادة هيكلة علاقتها بالجسمين السيادي والتنفيذي بما يرجح معه غيابها عن المشهد التنفيذي كما في السابق إذا أعادت الهيكلة شرط الكفاءات ، مواقف الحركات الموقعة علي اتفاق جوبا 2020 صار مرتبطا بالصلاحيات التي قد تنتج من الاتفاق الذي قد يقود الي وثيقة دستورية جديدة بضمانات دولية دون الإتحاد الأفريقي وحده
خارجياً كشف إنقلاب 24 أكتوبر2021 عن العمق الذي ظلت تتمتع به المحاور المختلفة سواء الإقليمية المرتبطة بالمكون العسكري االذي في قفزة حاول تجاوز المحور الدولي الداعم لرئيس الوزراء و المكون المدني أن صح التعبير ، حيث أن العلاقة بين المحورين المرتبطة بالسودان قد تسير في التهدئة الي اكمال التسوية قبل أن تعود التطورات التي قد تشكل خصما علي المحور الإقليمي التي تمادت في تعقيدات المشهد السوداني في مغامرة غير محسوبة ، فروسيا التي تدرك اهميتها و طبيعة العلاقات المرتبطة بالمصالح استطاعت ان تعيد ترسيم موقفها في مجلس الأمن بما قد يعود عليها بمصالح أكبر في ظل التحالفات الدولية حتي ولو بعيداً عن السودان وموارده .بالضرورة ستتأثر مواقف وعلاقة السودان الخارجية بناء على الأدوار و المواقف التى دعمها أي طرف ، بما قد يشمل عملية التطبيع مع إسرائيل .
بالنظر الي المبادارات الداخلية والخارجية مع موقف الشارع السوداني الذي خرج في 30 أكتوبر2021 فإنها قد تجد مقاومة في ظل القمع الذي شهده الشارع والخطوات التى قام بها البرهان مثل مناورة إطلاق سراح بعض الإسلاميين ومحاولات تكسير الإصلاح المؤسسي الذي تم بشكل نسبي في الفترة الإنتقالية .
ختاماً : كشف المشهد الراهن ضرورة التفكير خارج الصندوق و عدم تجاوز معالجة الملفات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية المستضافة بالسودان و ضوابط للسيطرة علي قطاع الموارد بوضع شروط تعطي الأولوية في الإستغلال للدولة لإعادة ترسيم التوازن المرتبط بالإحتياطي النقدي و ديون السودان الخارجية و مشاريع التنمية .

badawi0050@gmail.com

 

آراء