التناقض والإختلاف …العقل العاطفي الي اين يقودنا ( 2)

 


 

مجدي إسحق
29 January, 2023

 

تعيش قوى التغيير حالة من التشظي والتناحر لاتحسد عليها تستنزف قواها وتهدر في جهدها .
حالة تعكس دوامة الغفلة والضياع.حالة لاتعوزنا فيها القوة والحماس لكنها حالة إستلاب يحكمها العقل العاطفي الذي يحاصرنا ويقودنا لطريق الهاويه ومسارب الفشل.
يؤكد علم النفس السياسي إن الجماهير لامحالة قادرة على تحقيق أهداف التغيير اذا توفر لها
التنظيم والتمازج.
إن الإختلاف بين قوى الثورة والتغيير شييء طبيعي ومتوقع نتيجة لتباين رؤاها وتحليلاتها .
إن علم النفس السياسي يؤكد إن الإختلاف بين قوى التغيير وما تفرزه المواقف من مشاعر له دور أساسي في عملية التغييرأما سلبا أو إيجابا.
إن الإختلاف يفرز ثلاث أنواع من ردود الأفعال تتأرجح بين التناقض والتنافر والتناحر.حيث التناقض مرحلة يقبل الطرفين الاختلاف ويتعامل معه بينما التنافر يقود للشد والجذب بين المختلفين والتناحر حين مرحلة التشظي حيث ينعدم التعامل بين الأطراف وكل طرف يسعى لإقصاء الآخر بحجة أنه السبب في عدم تحقيق الهدف.إن الوصول لمرحلة الاختلاف التناحري يعني عدم التمازج وإستحالة التنظيم وبالضرورة يعني هدم أركان النجاح الفاعله في التغيير والتي تضمن للجماهير تحقيق الهدف .
إن المشاعر المتولده من المواقف المتباينه مهما كانت سلبيتها فإن العقل الموضوعي يستطيع السيطرة عليها وجعلها في دائرة التناقض الذي لايؤثر على حركة التغيير لكن عندما تسيطر المشاعر السالبه وتصبح مشاعر الغضب هي التي السائده يفقد العقل المنطقي دوره الفعال وتصبح حركة التغيير تحت رحمة العقل العاطفي المأزوم ويصبح الاختلاف في مرحلتي التنافر والتناحر.
إن العامل الحاسم في التعامل مع الاختلاف هو الوعي المنطقي والموضوعي الذي يذكرنا دوما بأن الإختلاف في الوسائل لن يعمينا عن وحدة الهدف الذي يجمعنا ولن يجعلنا ننسى ان قوتنا في وحدتنا وحوجتنا للآخر في تحقيق الهدف.إن سيطرة الوعي المنطقي والموضوعي هي الترياق الذي يحقق التناسق والانتظام فيحبس الخلاف في منطقة التناقض ويمنع العقل العاطفي من أن يجعل التناحر هو المسيطر ومن الاختلاف من ان يصبح تشرذما .إن العقل المنطقي بمحاصرته للاختلاف هوالصمام الذي يحقق التمازج وتوحيد الجهود.
نجد في واقعنا المأزوم اليوم كل فريق من قوى التغيير يسعى جاهدا بإستولاد المواقف وإستدعاء التاريخ لتبرير موقفه وتقديم تفسيرا لحالة التناحر والتشظي حيث نرى علاماته
اولا
إدعاء النقاء الثوري وأن الآخرين قد سقطوا في وحل القبول والتعامل مع العسكر والفلول..وأنهم الشرفاء الذين لم يقتربوا من أبواب الرذيله.
ثانيا
إن التعامل مع العسكر والفلول لا يمكن ان يفسر الا بفهم واحد هو الخيانة والإنتهازيه والتنازل عن المباديء والهدف.
ثالثا
إن للشرفاء طريق وحيد للتغيير وماعداه هو طريق الانتهازية والعماله
رابعا
مراجعة المواقف ليس فعلا سياسيا مقبولا مع إلغاء تاريخ من يفعل ذلك ورسم مواقفه بأنها كلها كانت تصب في خانة السعي للإنفراد والعمل ضد الاخرين.
خامسا
محاكمة نوايا الآخر بأنه حالة زائفه من المزايده والانتهازية ومحاولة إستمالة الجماهير والهروب من مسئولية التغيير.
هذه الحجج الدون كيشوتيه المهترئة التي يغذيها العقل العاطفي المأزوم يجب محاربتها ومحاصرتها فهي لا تستطيع الوقوف أمام العقل المنطقي والموضوعي الذي يضيء لنا طريق الثوره الذي يؤكد لنا
أولا
إن النقاء الثوري تعبير مخادع ذو بريق خاوي المحتوى والمنطق فالذي يؤمن بالحرية والعداله لن يقلل من ثوريته وإيمانه إذا تبنى المواقف الخطأ او الوسائل غير الفعاله.
ثانيا
إن إستدعاء التاريخ يعكس خطل هذه الدعاوي حيث ان قوى الثوره كلها قد تفاوضت وتعاملت مع الفلول بل ومع حكومات العسكر منذ دخول الشيوعيين المجلس المركزي مع عبود ومشاركتهم في مايو ومشاركة الامه والاتحادي مع مايو حتى مع الانقاذ نجدهم جميعا قد وقعوا تفاهمات مع المؤتمر الشعبي والاصلاح الان ومع الانقاذ في اتفاق القاهره بل شاركوهم في الحكومه والبرلمان
ثالثا
إختلاف الوسائل مع وحدة الهدف لم يكن يوما عائقا من العمل المشترك وتاريخ التحالفات مع الحركه الشعبيه والحركات المسلحه…ولم يتم تخوين أي فصيل عندما يجلس لمقاعد التفاوض.
رابعا
إن مصيدة محاكمة النوايا تلوي الحقائق لتلغي مجاهدات قوى التغيير وننسى تاريخها وتشوه مواقفها الايجابيه.
هذا الحقائق إذا إستصحبناها معنا في دروب التغيير لكانت كفيلة بحصارالعقل العاطفي المأزوم الذي يجعلنا نفشل غارقين في حالة التناحر مستلبة قوانا في دوامة التشظي والإحتراب.
هو العقل المنطقي الذي يجب إستعادة سيطرته لهزيمة العقل العاطفي الذي يقودنا يوميا في ظلام الحيره ودروب الضياع ويبعدنا من شمس الهدف و نور صباح الحريه ودولة المؤسسات.

 

آراء