الجنرال فى متاهته !!

 


 

 

 

مناظير

 

* بعد عشرين عاما فى قيادة البلاد والجيش، تخلى البشير عن قيادة الجيش وترك البيت الذى يحبه أكثر من أى بيت آخر، كما ظل يردد فى خطبه وكلماته كلما إلتقى بزملاء الجندية ورفقاء السلاح، وأظنه صادق فى ذلك، فلقد عرف بأنه كان عسكريا قحا قبل أن يخدعه الترابى ويدفعه للانضمام (للجبهة الاسلامية القومية) وقيادة الانقلاب المشؤوم الذى استولى على الحكم وقوض الديمقراطية وقضى على كل شئ جميل بما فى ذلك الشئ الوحيد الذى كان يفتخر به السودانيون وهو تفوق بلدهم على كل الدول الافريقية فى مساحته، برغم أن المساحة الكبيرة لا تعنى شيئا مع التخلف والفقر والجهل والمرض !!

 

* ومنذ أن استولت الجبهة الاسلامية على الحكم فى البلاد فى يونيو عام 1989 بقيادة (العميد) البشير الذى سرعان ما تدرج فى الرتب العسكرية الرفيعة حتى وصل الى رتبة المشير قبل أن يتقاعد أخيرا من مناصبه العسكرية للحاق بسباق الانتخابات الرئاسية، تراجع السودان خطوات كبيرة الى الوراء فى كل شئ بما فى ذلك مساحته التى تقلصت باستيلاء المصريين على حلايب والاثيوبيين على الفشقة ( فى صمت شديد) والمتمردين على أجزاء من دارفور مع انعدام الأمن فى أجزاء واسعة من الاقليم، وبعد عام واحد من الان ستذهب ثلث مساحة البلاد بانفصال الجنوب بشكل رسمى بعد ان انفصل فعليا منذ يناير 2005، بالاضافة الى خضوع أجزاء لسيطرة القوات الاممية حتى داخل العاصمة الخرطوم وانتهاك سيادة البلاد بالوجود العسكرى الأجنبى الكثيف فى أجزاء عديدة، فذهبت السيادة كما ذهبت المساحة ولم يعد هنالك ما يفاخر به السودانيون أقرانهم من الشعوب الأفريقية !!

 

* فى الاقتصاد انهارت الزراعة بانهيار مشاريع الجزيرة والرهد والنيل الاببض والازرق ودارفور ومشاريع الزراعة الآلية بشرق السودان وتقلصت اسواق السودان التقليدية فى الثروة الحيوانية .. إلخ .. وانهارت الصناعة بانهيار صناعة النسيج والحبوب الزيتية والجلود وانفتاح البلاد للسلع الصينية الرديئة .. إلخ، وإذا قلنا ان الانقاذ نجحت فى استخراج وتصدير البترول وتحقيق ايرادات ضخمة، فما هو العائد الملموس من هذه الايرادات التى كان يجب ان تستثمر فى مشاريع تنموية ضخمة تنعكس على إقتصاد البلاد وحالة الناس المعيشية وتبقى للأجيال القادمة ولكن لم يحدث أى شئ من ذلك وضاع البترول ــ الذى أوشك على النفاذ ــ على النفقات الحكومية ومجموعة (طرق وجسور) يسميها صانعوها ( الجسور والطرق قليلة التكلفة) بسبب مواصفاتها الضعيفة !!

 

* ولعلم من لا يعلم، لم يكن لايرادات البترول نصيب فى تشييد (سد مروى) الذى تعتبره حكومة ( الانقاذ) أكبر انجازاتها، وانما شيد من القروض الربوية الضخمة التى لم تسدد بعد، ولا يعلم إلا الله من أين ستسدد وماذا ستكون حصيلة سد مروى الذى قال مدير هيئة الكهرباء السابق وأحد سدنة الانقاذ المقربين بعد إقالته من منصبه بأن (كهربته لن تدخل الشبكة القومية للكهرباء حتى يلج الجمل الى سم الخياط) !!

 

* تقاعد المشير أخيرا ليدخل سباق الانتخابات .. وليته لم يفعل، ولم يرأس .. ولم يتلوث بالجبهة الاسلامية ، وبقى أحد أفذاذ العسكريين السودانيين، لكان أفضل له ولنا !!

السودانى، 15 يناير، 2010

www.alsudani.sd

drzoheirali@yahoo.com

 

آراء