الجيش السوداني: أسد علينا وفي الحروب نعامة
د. عبدالمنعم عبدالباقي علي
8 November, 2021
8 November, 2021
نشر في سودانايل بتاريخ 4 يوليو, 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
منشورات حزب الحكمة:
abdelmoniem2@hotmail.com
التأمين هو نوع من المقامرة ضدّ الخطر المستقبلي والذي ربما لا يحدث، وتكوين الجيش هو نوع تأمين للمواطن والوطن من أخطار الغزو الخارجي.
وقد قامت الجيوش الحديثة لتحقيق أطماع توسّعية لبلادها أو لحماية الأوطان من العدوان، وقد كانت طبيعة العدو تستلزم وجود السلاح والرجال، ولكن مع تقدّم البشرية تقنياً واكتشاف أسلحة فتّاكة تحتاج لخبراء وفنيين أكثر من رجال يحملون سلاحاً، قل الاعتماد على الرجال.
وقد حان وقت مراجعة وظيفة وشكل الجيوش مع تغيّر نوع العدو من عدو مباشر إلى عدو مغامر أو خفي، مثل الإرهاب، الذي يستخدم أنواعاً جديدة من الأسلحة بما فيها تفجير نفسه والذي صارت الجيوش بعتادها المريع عاجزة أمامه.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والدخول في الحرب الباردة، لم تعد للجيوش أدوار يمكن أن تلعبها في زمن السلم، وقد كان الوقت مناسباً للتفكير من جديد في حاجة الشعوب للجيوش، ولكنَّها استناداً على تاريخها، ونفوذها الكبير، واستخدام شعارات التخويف من عدوٍّ مستقبلي، وأيضاً نتيجة لإحساس المواطنين بالدَّيْن والعرفان تجاهها، حافظت على ميزانياتها بل وزادت عليها تطويراً لأسلحة أشد فتكاً.
وفي هذا السياق وكان لا بُدَّ من إيجاد دور جديد لها يعطي شركات الأسلحة سبباً لصنع وبيع أسلحتها، ولخزينة الدولة دخلاً ضريبيّاً بتشجيع هذا القطاع، دخلت الجيوش الأمريكية، ولاحقاً الجيوش الأوروبية، في حروب خارجيّة بدعوي القضاء على الشيوعية أو الحد من انتشارها، وقد بدأت هذه السلسلة من الحروب المتوالية منذ حرب كوريا وأعقبتها بفيتنام وفلسطين، ثمّ أمريكا الجنوبية وأفغانستان، ثمّ إيران قبل أن تعود لأفغانستان ومن بعدها العراق وسوريا الآن تعدّ العدّة لإيران.
اغتنمت شركات الأسلحة الظروف الاستعمارية لدول العالم الثالث فباعت أسلحتها للثوار ومن بعد الاستقلال دعمت الحركات المتمردة لتبدأ سلسلة الحروب الأهلية لتواصل مصانعها إنتاج الأسلحة ومواطنيها العمل.
ولكن كيف كان حال الجيش في السودان؟ تكوّن الجيش السوداني من نواة جيش الاستعمار الذي قتل بدم بارد آلاف السودانيين في موقعة كرري، ومن يومها، ما عدا البطل عبد الفضيل الماظ، لم توجّه سلاحهها إلا إلى صدور أهل السودان لأسباب سياسية وقرارات خاطئة اتّخذتها النخبة من المدنيين والعسكريين كان الأجدر التفاوض حولها، كما فعلوا لاحقاً، بدلاً من تحويل الوطن إلى جحيم.
وكوّن الاستعمار قوّة دفاع السودان لتحارب حروبه الداخلية والخارجية، وقد كان ثمن اشتراكها في الحرب العالمية الأولي والثانية الوعد بإعطاء حق الحكم الذاتي والاستقلال بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ساعد على تحقيق هذا الوعد إفلاس الإمبراطورية البريطانية وعدم مقدرتها على رعاية المستعمرات، وأيضاً حرص الإنجليز على فصل السودان من مصر لجعل ولائه لبريطانيا كبوّابة خلفية لأفريقيا، وأيضاً حرص أمريكا على استقلال المستعمرات تمهيداً للاستعمار الثقافي والعسكري بالنيابة عنها عن طريق المستلبين فكريّاً.
فما هي الحروب التي خاضها الجيش السوداني من قبل وبعد الاستقلال حماية للوطن وتبريراً لوجوده؟ الإجابة أنَّه لم يخض ولا حرب واحدة مع عدوٍّ خارجي بل ولم يدافع عن حمي الوطن حين احتل العدو الخارجي أرض الوطن.
فماذا كان يفعل طيلة السنين السابقة؟ كان يقوم بالانقلابات على الحكومات الشرعية ثمّ يدافع عن الطغاة حتى يثور الشعب وعندما يدرك قادة الجيش أنّ خسارتهم ستكون أكبر من ربحهم إذا سندوا الطاغية، يتظاهرون بالانحياز للشعب ويمسكون بمقاليد السلطة لمدّة تعقبها فترة ديموقراطية وجيزة يعقبها انقلاب آخر. فأين كان الجيش عندما أذاق قادته الحكّام الأمرّين للشعوب السودانية ولم ينحازوا له؟
إنّ حالنا حال من استأجر عصبة من البشر لتدافع عنه وتدفع عنه الخطر وأجزل لها العطاء فاختطفته مع أهله وعذّبتهم وقتلت منهم من قتلت، وأفقرتهم، ومن العصبة من أمر، ومنهم من نفّذ ومنهم من راقب. وعندما ثار الأهل ضدّ العصابة وكادوا أن يفتكوا بها، وأمر قائدها بقتلهم، فكّر وقدّر الذي اندسّ وراء الصفوف من العصابة مراقباً خوفاً على وظيفته، أو حياته أو ترقيته، أو طمعاً في فرصة مماثلة يكون فيها الآمر الناهي، فرفض تنفيذ الأمر واعتقل الباقين، ثمّ خرج على الناس ليمتنّ عليهم أنّه لم يكن كالباقين فلم يقتلهم، ولذلك فعليهم إظهار الحمد والولاء له بل وإعطائه الحق في مواصلة التحكّم في مصائرهم خوفاً عليهم من عصابة مثله!
ولذلك نسأل الآن: ماذا استفاد الشعب السوداني من بلايين الدولارات التي صرفت على رجاله وعتاده ومخصّصاته ليستخدم قوّته الممنوحة له بواسطة مال الشعب ضدّ الشعب؟
لو أنّنا لم يكن لنا جيش ماذا كان سيحدث لنا؟ هل كانت الدول الكبرى ستغزو أرضنا؟ أو الدول المجاورة؟ وهل وجود جيش كان رادعاً لهذه الدول من غزو بلادنا إذا أرادت؟ فأين جيش صدّام حسين؟
أم كان حالنا سيكون أسعد حالاً من غير ضيم وفقر ومرض وجهل؟ كم من المستشفيات والمدارس والطرق والمنازل كنّا قد بنينا لو أنّنا استثمرنا أموال الجيش منذ الاستقلال؟ أليست وحدة الصفوف وتماسك الجبهة الداخلية، واحترام حقوق الإنسان، وجعل السودان واحة سلام وعدل في صحراء العواصف والكوارث، وإقامة تنمية مستدامة ومرنة ونامية أنجع سلاح ضدّ الطامعين في ثرواته؟ فالملايين التي خرجت لتنشد الحرية والسلام والتنمية ستكون، إذا حاول مغامر أحمق في تهديد السودان، أكثر عدداً وأمضي عزيمة، وأشدّ صبراً وأشهر سلاحاً.
وأين الجيش اليوم؟ لقد استأسد على شعبه مراراً وعندما واجه أوّل اختبار لهيبته ومهنيّته خار وسقط سقوطاً شنيعاً، وذاب كما يذوب فصّ الملح في الماء. فحكومة الانقاذ أقصت منهم من قلبه على الوطن، ورقّت من أظهر الولاء ولم يبادر الجيش باعتراض، ثمّ لمّا قوي ساعد جهاز الأمن على حسابها وقام بمهامها لم نسمع كلمة احتجاج، وأخيراً عندما استعان الطاغية بجيش موازٍ لجيشهم لم ينبسوا بحرف، ولمّا تحدّاهم هذا الجيش الموازي وأهان كبار ضبّاطه سكت، والآن يقتل الأطباء والمرضي في حماهم داخل المستشفى العسكري ولا يزودون عن أرضهم وعرضهم فأي خزي هذا؟ وها هو يسود الساحة، ويتكلّم قائده عن ضمّ الشباب للجيش والدعم السريع لأنّهما في رأيه تنظيمان مختلفان والقوم كأنّ على رؤوسهم الطير.
لقد ثار الشعب السوداني اعتراضاً على كرامته وكرامة جيشه وقابله جيشه بالبكاء عجزاً. ألم يكن الأجدى لجنوده أن تستقيل من ضيم المهانة أو تنضمّ لقوي الشعب الثائرة بدلاً من صمت القبور والبكاء كالنساء؟
أيها الجيش السوداني لقد قمت بانقلابات خاطئة أدّت بنا إلى ما نحن فيه من هوان على الناس، وحان الوقت لتقوم بالانقلاب التصحيحي الوحيد المناط بك أداؤه ثمّ تسلّم السلطة لقادة من المدنيين حاذقين عارفين. فنحن نواجه عدوّاً حقيقيّاً منذ أوّل مرّة بعد الاستقلال، سيودي بهذه البلاد إلى حضيض الفوضى والدمار، وسينهي انقلابك العبث والفوضى ويمهّد الطريق لاستكمال استقلالنا المنقوص بالطائفية والأيديلوجية والعسكرية والقبلية والارتهان للعدو.
فأنّك مُدان للشعب السوداني بالكثير، وهذا أقلّ القليل الذي يمكنك أن تقدّمه لعلّه يغفر لك زلاتك ولا يقوم بحلّك في أوّل حكومة ديموقراطية، ويستخدم ميزانيتك المُخصّصة للاستثمار في عافية الوطن وأيضاً في دعم الشرطة والاستخبارات والقوات الخاصة وقوات الحدود والسواحل، التي ستقدر على مواجهة الجريمة ومُهدّدات الأمن العصرية.
ويستخدم ميزانيتك المُخصّصة للاستثمار في عافية الوطن، وأيضاً في دعم الشرطة والاستخبارات والقوات الخاصة وقوات الحدود والسواحل، التي ستقدر على مواجهة الجريمة ومُهدّدات الأمن العصرية.
ألا اللهم إنّي قد حذّرت اللهم فاشهد.
ودمتم لأبي سلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
منشورات حزب الحكمة:
abdelmoniem2@hotmail.com
التأمين هو نوع من المقامرة ضدّ الخطر المستقبلي والذي ربما لا يحدث، وتكوين الجيش هو نوع تأمين للمواطن والوطن من أخطار الغزو الخارجي.
وقد قامت الجيوش الحديثة لتحقيق أطماع توسّعية لبلادها أو لحماية الأوطان من العدوان، وقد كانت طبيعة العدو تستلزم وجود السلاح والرجال، ولكن مع تقدّم البشرية تقنياً واكتشاف أسلحة فتّاكة تحتاج لخبراء وفنيين أكثر من رجال يحملون سلاحاً، قل الاعتماد على الرجال.
وقد حان وقت مراجعة وظيفة وشكل الجيوش مع تغيّر نوع العدو من عدو مباشر إلى عدو مغامر أو خفي، مثل الإرهاب، الذي يستخدم أنواعاً جديدة من الأسلحة بما فيها تفجير نفسه والذي صارت الجيوش بعتادها المريع عاجزة أمامه.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والدخول في الحرب الباردة، لم تعد للجيوش أدوار يمكن أن تلعبها في زمن السلم، وقد كان الوقت مناسباً للتفكير من جديد في حاجة الشعوب للجيوش، ولكنَّها استناداً على تاريخها، ونفوذها الكبير، واستخدام شعارات التخويف من عدوٍّ مستقبلي، وأيضاً نتيجة لإحساس المواطنين بالدَّيْن والعرفان تجاهها، حافظت على ميزانياتها بل وزادت عليها تطويراً لأسلحة أشد فتكاً.
وفي هذا السياق وكان لا بُدَّ من إيجاد دور جديد لها يعطي شركات الأسلحة سبباً لصنع وبيع أسلحتها، ولخزينة الدولة دخلاً ضريبيّاً بتشجيع هذا القطاع، دخلت الجيوش الأمريكية، ولاحقاً الجيوش الأوروبية، في حروب خارجيّة بدعوي القضاء على الشيوعية أو الحد من انتشارها، وقد بدأت هذه السلسلة من الحروب المتوالية منذ حرب كوريا وأعقبتها بفيتنام وفلسطين، ثمّ أمريكا الجنوبية وأفغانستان، ثمّ إيران قبل أن تعود لأفغانستان ومن بعدها العراق وسوريا الآن تعدّ العدّة لإيران.
اغتنمت شركات الأسلحة الظروف الاستعمارية لدول العالم الثالث فباعت أسلحتها للثوار ومن بعد الاستقلال دعمت الحركات المتمردة لتبدأ سلسلة الحروب الأهلية لتواصل مصانعها إنتاج الأسلحة ومواطنيها العمل.
ولكن كيف كان حال الجيش في السودان؟ تكوّن الجيش السوداني من نواة جيش الاستعمار الذي قتل بدم بارد آلاف السودانيين في موقعة كرري، ومن يومها، ما عدا البطل عبد الفضيل الماظ، لم توجّه سلاحهها إلا إلى صدور أهل السودان لأسباب سياسية وقرارات خاطئة اتّخذتها النخبة من المدنيين والعسكريين كان الأجدر التفاوض حولها، كما فعلوا لاحقاً، بدلاً من تحويل الوطن إلى جحيم.
وكوّن الاستعمار قوّة دفاع السودان لتحارب حروبه الداخلية والخارجية، وقد كان ثمن اشتراكها في الحرب العالمية الأولي والثانية الوعد بإعطاء حق الحكم الذاتي والاستقلال بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ساعد على تحقيق هذا الوعد إفلاس الإمبراطورية البريطانية وعدم مقدرتها على رعاية المستعمرات، وأيضاً حرص الإنجليز على فصل السودان من مصر لجعل ولائه لبريطانيا كبوّابة خلفية لأفريقيا، وأيضاً حرص أمريكا على استقلال المستعمرات تمهيداً للاستعمار الثقافي والعسكري بالنيابة عنها عن طريق المستلبين فكريّاً.
فما هي الحروب التي خاضها الجيش السوداني من قبل وبعد الاستقلال حماية للوطن وتبريراً لوجوده؟ الإجابة أنَّه لم يخض ولا حرب واحدة مع عدوٍّ خارجي بل ولم يدافع عن حمي الوطن حين احتل العدو الخارجي أرض الوطن.
فماذا كان يفعل طيلة السنين السابقة؟ كان يقوم بالانقلابات على الحكومات الشرعية ثمّ يدافع عن الطغاة حتى يثور الشعب وعندما يدرك قادة الجيش أنّ خسارتهم ستكون أكبر من ربحهم إذا سندوا الطاغية، يتظاهرون بالانحياز للشعب ويمسكون بمقاليد السلطة لمدّة تعقبها فترة ديموقراطية وجيزة يعقبها انقلاب آخر. فأين كان الجيش عندما أذاق قادته الحكّام الأمرّين للشعوب السودانية ولم ينحازوا له؟
إنّ حالنا حال من استأجر عصبة من البشر لتدافع عنه وتدفع عنه الخطر وأجزل لها العطاء فاختطفته مع أهله وعذّبتهم وقتلت منهم من قتلت، وأفقرتهم، ومن العصبة من أمر، ومنهم من نفّذ ومنهم من راقب. وعندما ثار الأهل ضدّ العصابة وكادوا أن يفتكوا بها، وأمر قائدها بقتلهم، فكّر وقدّر الذي اندسّ وراء الصفوف من العصابة مراقباً خوفاً على وظيفته، أو حياته أو ترقيته، أو طمعاً في فرصة مماثلة يكون فيها الآمر الناهي، فرفض تنفيذ الأمر واعتقل الباقين، ثمّ خرج على الناس ليمتنّ عليهم أنّه لم يكن كالباقين فلم يقتلهم، ولذلك فعليهم إظهار الحمد والولاء له بل وإعطائه الحق في مواصلة التحكّم في مصائرهم خوفاً عليهم من عصابة مثله!
ولذلك نسأل الآن: ماذا استفاد الشعب السوداني من بلايين الدولارات التي صرفت على رجاله وعتاده ومخصّصاته ليستخدم قوّته الممنوحة له بواسطة مال الشعب ضدّ الشعب؟
لو أنّنا لم يكن لنا جيش ماذا كان سيحدث لنا؟ هل كانت الدول الكبرى ستغزو أرضنا؟ أو الدول المجاورة؟ وهل وجود جيش كان رادعاً لهذه الدول من غزو بلادنا إذا أرادت؟ فأين جيش صدّام حسين؟
أم كان حالنا سيكون أسعد حالاً من غير ضيم وفقر ومرض وجهل؟ كم من المستشفيات والمدارس والطرق والمنازل كنّا قد بنينا لو أنّنا استثمرنا أموال الجيش منذ الاستقلال؟ أليست وحدة الصفوف وتماسك الجبهة الداخلية، واحترام حقوق الإنسان، وجعل السودان واحة سلام وعدل في صحراء العواصف والكوارث، وإقامة تنمية مستدامة ومرنة ونامية أنجع سلاح ضدّ الطامعين في ثرواته؟ فالملايين التي خرجت لتنشد الحرية والسلام والتنمية ستكون، إذا حاول مغامر أحمق في تهديد السودان، أكثر عدداً وأمضي عزيمة، وأشدّ صبراً وأشهر سلاحاً.
وأين الجيش اليوم؟ لقد استأسد على شعبه مراراً وعندما واجه أوّل اختبار لهيبته ومهنيّته خار وسقط سقوطاً شنيعاً، وذاب كما يذوب فصّ الملح في الماء. فحكومة الانقاذ أقصت منهم من قلبه على الوطن، ورقّت من أظهر الولاء ولم يبادر الجيش باعتراض، ثمّ لمّا قوي ساعد جهاز الأمن على حسابها وقام بمهامها لم نسمع كلمة احتجاج، وأخيراً عندما استعان الطاغية بجيش موازٍ لجيشهم لم ينبسوا بحرف، ولمّا تحدّاهم هذا الجيش الموازي وأهان كبار ضبّاطه سكت، والآن يقتل الأطباء والمرضي في حماهم داخل المستشفى العسكري ولا يزودون عن أرضهم وعرضهم فأي خزي هذا؟ وها هو يسود الساحة، ويتكلّم قائده عن ضمّ الشباب للجيش والدعم السريع لأنّهما في رأيه تنظيمان مختلفان والقوم كأنّ على رؤوسهم الطير.
لقد ثار الشعب السوداني اعتراضاً على كرامته وكرامة جيشه وقابله جيشه بالبكاء عجزاً. ألم يكن الأجدى لجنوده أن تستقيل من ضيم المهانة أو تنضمّ لقوي الشعب الثائرة بدلاً من صمت القبور والبكاء كالنساء؟
أيها الجيش السوداني لقد قمت بانقلابات خاطئة أدّت بنا إلى ما نحن فيه من هوان على الناس، وحان الوقت لتقوم بالانقلاب التصحيحي الوحيد المناط بك أداؤه ثمّ تسلّم السلطة لقادة من المدنيين حاذقين عارفين. فنحن نواجه عدوّاً حقيقيّاً منذ أوّل مرّة بعد الاستقلال، سيودي بهذه البلاد إلى حضيض الفوضى والدمار، وسينهي انقلابك العبث والفوضى ويمهّد الطريق لاستكمال استقلالنا المنقوص بالطائفية والأيديلوجية والعسكرية والقبلية والارتهان للعدو.
فأنّك مُدان للشعب السوداني بالكثير، وهذا أقلّ القليل الذي يمكنك أن تقدّمه لعلّه يغفر لك زلاتك ولا يقوم بحلّك في أوّل حكومة ديموقراطية، ويستخدم ميزانيتك المُخصّصة للاستثمار في عافية الوطن وأيضاً في دعم الشرطة والاستخبارات والقوات الخاصة وقوات الحدود والسواحل، التي ستقدر على مواجهة الجريمة ومُهدّدات الأمن العصرية.
ويستخدم ميزانيتك المُخصّصة للاستثمار في عافية الوطن، وأيضاً في دعم الشرطة والاستخبارات والقوات الخاصة وقوات الحدود والسواحل، التي ستقدر على مواجهة الجريمة ومُهدّدات الأمن العصرية.
ألا اللهم إنّي قد حذّرت اللهم فاشهد.
ودمتم لأبي سلمي