الجيش السوداني تعرض الي عدوان وانتقام منهجي بواسطة الاسلاميين وعاني من اهمال بعض السياسيين

 


 

 

اثنين وسبعين ساعة فقط اصبحت تفصل عن الموعد الذي حددته القوي الثورية السودانية كموعد لتظاهرة مليونية كبري حدد بعد غدا الخميس الثلاثين من يونيو موعد لها وقبل ذلك التاريخ عودة بسيطة الي الوراء الي تاريخ الانتفاضات الشعبية والتحولات التي شهدها السودان اواخر مارس وبداية ابريل 1985 والانتفاضة الشعبية التي اسقطت حكم الرئيس السوداني السابق جعفر نميري بعد 16 عام من الحكم ..
في تلك الايام تمت الاطاحة بالشراكة الواسعة والعريضة بين نظام نميري والحركة الاسلامية التي اتجهت فور اعتقال قياداتها ودخولهم السجون الي تشكيل قيادة ظل وترتيب اوراقها بسرعة فائقة واتجهت فورا نحو اختراق الانتفاضة الوليدة ونجحت نجاح فائق فيما خططت له الي درجة ظهورها علي المسرح السياسي بعد سقوط نظام نميري مع المحتفلين بسقوط النظام بل اصبحت اجهزة الحركة الاسلامية اكثر حرية وقدرة علي الحركة بعد الانتفاضة من ايام نميري واستخدمت اذرعها الاقتصادية والاعلامية والامنية في خلق حالة من البلبلة والتناقضات وسط قوي الانتفاضة والاحزاب السياسية خلال الفترة الديمقراطية .
القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية بقيادة الراحل المقيم الفريق فتحي احمد علي ومن معه في هيئة القيادة اصدروا بيان وانذار للقوي السياسية بوضع حد للفوضي والتضارب حول الموقف من قضية السلام والمفاوضات مع الحركة الشعبية من اجل دعم الاستقرار وحماية الجبهة الداخلية بتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة استجاب رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي بعد تردد وانضمت اليه باقي القوي السياسية في الموافقة علي ماورد في مذكرة الجيش.
ماعدا الحركة الاسلامية التي اتجهت فورا الي الحشد والتعبئة السياسية والعسكرية واتخاذ قرار من مجلس الشوري باحتلال قيادات الجيش وضرب شبكة اتصالات القوات المسلحة بمشاركة عضوية الحركة الاسلامية وميليشياتها العسكرية من المدنيين ونجحوا بالفعل في الاستيلاء علي كل مؤسسات الدولة السودانية وليس الجيش والقوات المسلحة وحدها علي الرغم من انها كانت الهدف الرئيس من الانتقام بسبب موقفها من تطورات الاوضاع السياسية وقد نالت القوات المسلحة السودانية النصيب الاكبر من الاحالة للصالح العام والتشريد والانتقام والاعتقال والتعذيب الذي انتهي بمذبحة جماعية لضباط الجيش السوداني المحترفين والمهنيين واعدام ثمانية وعشرين ضابط من الجيش في يوم واحد باعتراف الرجل الثاني في الحركة الاسلامية والحاكم الفعلي للسودان لاحقا بطريقة تنسف تماما فرضية حدوث انقلاب عسكري في 30 يونيو 1989.
لاداعي لتقليب صفحات الماضي والحديث عن المررات والظلم والاهمال الذي تعرضت له القيادة الشرعية السابقة للجيش السوداني ومعظم النخب العسكرية التي كانت قد اتخذت من القاهرة مقر وسكن علي ايام المعارضة السودانية بينما توزعت مجموعة اخري من العسكريين من ضحايا التعذيب والاحالة للصالح العام علي عواصم وبلاد اخري.
استمر ذلك الوضع حتي لحظة الاختراق الكبري وتفيكك المعارضة السودانية وتقديمها قربنا لما كانت تعرف باتفاقية نيفاتشا وعودة الجميع الي الخرطوم يجرجرون اذيال الخيبة ويحتلفون بالاتفاقية المخادعة التي حصدت نتيجتها في النهاية مجموعة الانفصاليين الجنوبيين الذين يحكمون جنوب السودان اليوم ..
ومعروف ايضا كل ماحدث من تفاصيل ووقائع بعد سقوط النظام والمعالجات الغريبة لقضايا العدالة الانتقالية والمحاكمة اليتيمة للرئيس المعزول عمر البشير واقطاب الحركة الاسلامية المحاكمة التي لاعلاقة لها بكل ماجري في السودان منذ اول يوم لحكم الاخوان ولم تغطي كل فترات الحكم الاخواني وماحدث فيه من تجاوزات وانتهاكات والمصيبة الكبري انهم يحاكمون الرئيس الصوري المعزول وبقية الاسلاميين بتهمة انقلاب عسكري لم يكن له اي وجود بل ان العسكريين كانوا هم اول ضحايا الحركة الاخوانية المسلحة التي كشف الترابي تفاصيلها امام العالم كله وكان يعترف ساخرا بمافعلوا بالجيش قبل الانقلاب العسكري المزعوم ..
اطلعت قبل ايام علي مذكرة وقع عليها نفر كريم من العسكريين السابقين من ضحايا التعذيب والاحالة للصالح العام بعضهم عرفتهم بصورة شخصية في بدايات المعارضة السودانية وبعضهم عرفناهم قبل ذلك التاريخ من خلال مذكرة مكتوبة بخط اليد كانت توزع في قاهرة تلك الايام علي شكل رسالة من العميد ود الريح يحكي فيها عن الفظائع التي تعرضوا لها مع رفاقه في معتقلات النظام الاخواني ..
النداء والرسالة التي نتوجه بها الي ذلك النفر الكريم واختص منهم بالذكر العميد ود الريح والاخ مجاهد حسن طه والدرويش الصوفي النبيل يحي جمال وكل رفاق دربهم في تلك الايام بان لايكتفوا بمقاعد المتفرجين وان يتركوا السياسية والحكم وادارة البلاد للسياسيين في مستقبل ايام السودان وان يتمسكوا بحقهم الاصيل انابة عن كل شعب السودان في قيام مفوضية عسكرية قومية تتولي عملية اعادة هيكلة القوات المسلحة في البلاد بعيدا عن اي تدخلات داخلية او خارجية وهم مثل اهل مكة ادري بشعاب القوات المسلحة والجيش القومي السابق ومن حقهم ان يدخلوا القيادة العامة للجيش السوداني وهم يرتدون زي الجيش السوداني الذي اصبحت رتبه العسكرية تمنح لكل من يشاء في اطار الرشوة السياسية ولقادة الميليشيات وقد افتتح الاسلاميين هذه الفصل من العدوان علي الجيش القومي للبلاد عندما قاموا بارتداء زي الجيش السوداني ومنحوا انفسهم رتب عسكرية بدون استحقاق بعد ان اعدموا ضباط الجيش المهنيين ودفنوهم احياء في مقبرة جماعية..
نتمني ان تشهد البلاد في مستقبل الايام احتفالات رمزية بعودة القوات المسلحة السودانية الي حضن الشعب والامة السودانية وان يتم تشييع ضباط الجيش السوداني من شهداء حركة رمضان في جنازة عسكرية يتقدمها رفاق دربهم بمشاركة جموع الشعب السوداني في يوم قريب .
ستحتل قصة تفكيك الجيش القومي للبلاد والقوات المسلحة السودانية بواسطة منظمة الحركة الاسلامية العقائدية والمصير الذي انتهي اليه الجيش القومي السابق لجمهورية العراق في عملية مشتركة بين سلطة الاحتلال الامريكي والاحزاب العراقية الدينية الارهابية المتطرفة مكانة متميزة في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة كسوابق خطيرة واحد الاسباب المباشرة لانهيار الدولة القومية وانتشار الفوضي والميليشيات الدينية والدمار والمقابر الجماعية .

رابط له علاقة بالموضوع :
https://www.youtube.com/watch?v=KlFK6BWJO7E

 

آراء