الجَنجَوِيد وكَضبَة “المتفلتين” و”المندسين”

 


 

فيصل بسمة
27 December, 2023

 

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

كثر الحديث عن أن الإنتهاكات و الإعتدآءات التي تحدث بعد مهاجمة مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) للبلدات يمارسها ”متفلتون“ و ”مندسون“!!!...
إبتدآءً كل أفراد مليشيات الجَنجَوِيد قتلة متفلتون ، و ليس بينهم مندسين...
و قد أصبح الحديث عن نشأة و طبيعة مليشيات الجَنجَوِيد مكرر و ممل ، و مختصره هو أنهم جماعات عشآئرية تمتهن قطع الطريق و القتل و النهب و الإغتصاب و الخراب ، و أنهم قد تمددوا في بلاد السودان بتسهيلات من تنظيم جماعة الأخوان المتأسلمين (الكيزان) الذين إستغلوا خبرات و مقدرات الجنجويد في البطش و الفتك و الدمار و وظفوها في قتل الشعوب السودانية و قمع المعارضين السياسيين ، و أن الجنجويد و في غياب الأمن و الدولة قد تفلتوا و تجبروا و أكثروا الفساد في جميع عموم بلاد السودان...
تهاجم مليشيات الجَنجَوِيد البلدات و تقصفها عشوآئياً و تدمرها ، و تُقَتِّلُ من المواطنين الأبريآء ما تُقَتِّلُ ، و تنهبُ الدور و المخازن و الأسواق و البنوك ، و تسلبُ الناس مقتنياتهم و مدخراتهم و أشيآءهم ، و تغتصب الإناث ، ثم تأتي من بعد ذلك منصات تواصلهم الإجتماعية و مستشاروهم المتكاثرون و آخرون من دونهم يرمون اللوم فيما حدث من الإعتدآءات و الإنتهاكات على ”المتفلتين“ و ”المندسين“!!! ، ثم يشرعون في بث الرسآئل الكاذبة و المضللة عن أهداف المليشيات من بسط الأمن و نشر الطمأنينة إلى إقامة دولة القانون و العدالة!!!...
و مما يؤسف له أن هنالك جماعات من السودانيين قد إنخدعوا بالخطاب الجنجويدي المنافق و المضلل ، و قد برزت منهم طآئفتان أولاهما إنحازت إلى الجنجويد كرهاً في عقود ظلم جماعة الأخوان المتأسلمين (الكيزان) الفاسدة ، و هذا ليس بالمبرر المقنع أو الكافي لمساندة قتلة و ظالمين ، أما الطآئفة الثانية فهي بعضٌ من الذين آثروا عدم النزوح من مساكنهم و بلداتهم لأسباب مختلفة ، و من غير المستبعد أن يكون ”تصديق“ هذه الطآئفة للكَضَبَة الجنجويدية و ترويجهم لها كان بسبب الخوف من البطش...
و قد إنطلقت الطآئفتان تروجان للأحاديث الجنجويدية الكاذبة المضللة عن ”الطمأنينة“ و”الدولة المدنية“ ، و اجتهدا كثيراً في تسويق ”طيبة“ جنود الجنجويد و ”تسامحهم“ عبر الوسآئط الإجتماعية!!! ، بل ذهبا إلى أبعد من ذلك حين دعوا المواطنين إلى الجلوس مع قطاع الطرق و القتلة و الغاصبين لمناقشة ”القضايا المحلية“ مثل ”نشر الأمن“ و فتح الأسواق و ضمان تدفق الخدمات!!!...
و تعلم الطآئفتان يقيناً صعوبة الجهر بالصدق أو الحوار تحت تهديد البنادق السريعة الطلقات و الدُّوشكَات و الذبح الوريدي و بقر البطون ، و تلما إلماماً تآماً أن مليشيات الجنجويد ليست سوى جماعات القتلة و قطاع الطرق الذين تذوقت ”تفلتاتهم“ جميع الشعوب السودانية ، لكن يبدوا أن الخوف و الذعر قد أثرا على ذاكرات الطآئفتين القريبة و البعيدة ، و أحدثت ضبابية أنستهما أنفسهم و حجبت عنهما حقيقة أن ممارسات المليشيات ”المتفلتة“ هي التي تسببت في المقام الأول في ”التفلتات“ الأمنية و في إنعدام الطمأنينة!!!...
هذه المليشيات العشآئرية القاتلة الفاسدة لا تملك حلاً ، و تحظى بنصيب وافر و نسبة عالية من عدم ثقة قطاع عريض من الشعوب السودانية ، و تنقصها المصداقية ، و ليس لها المقدرة أو الخبرات أو الإمكانيات التي تمكنها من بسط الأمن و تحقيق السلم و إدارة الدولة ، و تكمن المعضلة المستقبلية و الحقيقية في أن هؤلآء ”المتفلتين“ الذين لا يجيدون سوى القتل و النهب و في مرحلة لاحقة من تمددهم و إنتشارهم المدمر ، يمكن تعريفها بمرحلة نضوب الموارد و الغنآئم أو المرحلة الكارثية ، سوف يتحولون إلى جماعات إرهاب و تخريب مستقلة تعمل و تتحرك وفق دفع ذاتي و مبادرات خآصة تتحكم فيها الإحتياجات إلى الغذآء و المأوى و الدوآء و الأمزجة و شهوات الثروة و الفرج!!! ، في هذه المرحلة لن تنصاع جماعات القتلة ”المتفلتين“ للتوجيهات و الأوامر الصادرة من القيادات العديدة و أرتال المستشارين ، و تلك هي مرحلة الفوضى و الإنفلات الحقيقي و بداية حقبة دويلات الرَّبَاطَة (قطاع الطرق) ، التي سوف تنتظم كل أرض وطأتها نعال و تاتشرات مليشيات الجنجويد المتفلتة...
إقتباس:
جآء في كتاب سير الملوك أو كتاب السياسة/الحكومة لمؤلفه الوزير نظام الملك الطوسي أنه في عهد السلطان محمود الغزنوي كثر حديث الناس عن فساد الديالمة و ظلمهم في نواحي كوج و بلوج في ولاية كرمان في بلاد العراق ، و قد ذكرت الروايات أنهم كانوا يقطعون الطريق و ينصبون الكمآئن على ملتقى الطرق و معابرها ، و ينقضون على المرأة و الغلام الطرير الوسيم ، يأخذونهم عنوةً و يفعلون فيهم الفاحشة...
الختام:
من أقوال الوزير نظام الملك الطوسي:
(الملك يبقى مع الكفر ، و لا يبقى مع الظلم)
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة
fbasama@gmail.com
/////////////////

 

آراء