الحرب انتهت بالخروج الأمن من الخرطوم

 


 

 

بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد و الترتيبات الإنسانية بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع في جدة. سوف يكون وقفا كاملا لإطلاق النار، لأنه سوف يسمح لأغلبية عناصر الدعم السريع المتواجدة داخل الأحياء وفي المستشفيات وعدد من مرافق الخدمات بإلقاء أسلحتها ومغادرة العاصمة كل إلي وجهته. وجاء توقيع ممثلو وفد القوات المسلحة على الاتفاق لعلمهم أن أغلبية عناصر مليشيا الدعم السريع راغبة في ترك القتال، و هي في حاجة إلي طرق أمنة للخروج دون مساءلتها. أن قيادة مليشيا الدعم السريع تعلم تماما ليس لديها القدرة على السيطرة على قواتها، بسبب عجز الاتصال المركزي بين بقياداتها ومقاتليها، وفي ذات الوقت أن المقاتلين في حالة نفسية سيئة بسبب هذه الانكسارات المتواصلة وسطهم، و لا يشعرون أن هناك هدف يوحدهم، خاصة بعد غياب القيادة و الشائعات عن قتل قائدهم و نائبه.
هذه المقدمة أو سميها نتيجة الاتفاق انعكاس طبيعي للمهمة التي قام بها يوسف عزت لدولة جنوب السودان و يوغندا، و التي تبحث عن خروج أمن لعناصر مليشيا الدعم السريع من جانب و الاحتفاظ بالتنظيم لمشروع مستقبلي أخر حتى لا يفقد كل الثروات التي يمتلكها.
قال يوسف عزت مستشار حميدتي عند وصوله لدولة جنوب السودان " أن زيارته لجنوب السودان جاءت من أجل السلام" و أضاف قائلا " أن مليشيا الدعم السريع تعلن أنها على استعداد لجلوس قائدها مع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان شريطة وقف إطلاق النار" إذا كان هذا الهدف من الزيارة كان يمكن تبليغه إلي الولايات المتحدة و المملكة العربية السعودية، مباشرة باعتباريهما الدولتان الراعيتان للمحادثات بين الطرفين. عزت يعلم يقينا أن البرهان لن يجلس مع حميدتي مطلقا. لكن عزت قال للرئيس سلفاكير و بوجود مستشاره الأمني الفريق توت قلواك، أنهم لا يريدون خسائر كبيرة في صفوف قواتهم و بالتالي يريدون خروجا أمنا للقوات دون أن تتعرض للمسألة أو المطاردة و هي في طريقها إلي دارفور من قبل سلاح الطيران، أو تتعرض لقصف من قبل الوحدات العسكرية التابعة للقوات المسلحة في مناطق طريقها. و الهدف من تبليغ دولة جنوب السودان و الرئيس اليوغندي لكي يبلغا رئيس مجلس السيادة بفكرة الخروج إذا كانت هناك هدنة فيها ضمانات لخروجهم. كما طالب بحفظ ماء الوجه. و جاء احتجاج وزارة الخارجية السودانية لزيارة عزت لجوبا بهدف التغطية و حفظ ماء الوجه. الزيارة هي التي سهلت عملية توقيع وقف أطلاق النار القصير، و الذي جاء يحمل بين أحشائه المطلوبات التي تؤمن عملية الخروج الأمن.
السؤال هل الجناح المساند لمليشيا الدعم السريع كان مطلعا أن قيادة الدعم تبحث عن خروج أمن لعناصرها من الخرطوم؟ خلصة أن وجود مليشيا الدعم السريع يمثل الكرت الذي كانت تضغط به قوى الحرية المركزي، و غياب المليشيا سوف يضعف هذه المجموعة.
أن حديث شريف محمد عثمان المسؤول السياسي لحزب المؤتمر السوداني من مكان إقامته في القاهرة لقناة ( الحدث) و الذي قال فيه بتأكيد " في اليومين القادمين سوف يوقع اتفاق بين القوات المسلحة و مليشيا الدعم الأمر الذي يسهل لحل المشكل" و بعد التوقيع قال حافظ الزين و هو مستشار سياسي لمليشيا الدعم السريع لقناة ( الجزيرة المسائية) مستخدما لغة جديدة هادئة " أننا نتطلع إلي حوار بناء من أجل السلام، و أن تتحول الهدنة الإنسانية و وقف إطلاق النار قصير المدى إلي وقف دائم لإطلاق النار من أجل مصلحة السودان و شعبه" و في ذات اللقاء نفى حافظ الزين صحة وفاة قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو" و إضاف قائلا أن حميدتي بنفسه يقود المعارك في أم درمان و الخرطوم و الخرطوم بحري" و إذا كان بالفعل هذا حديث صحيح ، و أن حميدتي مايزال على قيد الحياة و يقود قواته عليهم فقط أن يسجلوا له شريط مثل الذي سجل إلي اللواء أنس عمر، و بالتالي يخرجوا الناس من دائرة الشائعة، لكن ليس حميدتي وحده هو الذي رحل حتى أخوته من بيت دقلو. و ما يتعلق بذهن المجموعة السياسية و المستشارين الذين يتحلقون حول المليشيا حركتهم من أجل البحث عن مصالحهم الذاتية.
و في ذات البرنامج "الجزيرة المسائية" قال خالد عمر يوسف الذي قدم بأسم المتحدث بأسم العملية السياسية . قال " نتوقع أن تتطور المحادثات لكي تشمل الجانب السياسي و هي مسألة مهمة" و عندما سأله مقدم البرنامج هل يعني ذلك الرجوع لما قبل 15 إبريل؟ قال " طبعا الرجوع لن يكون لما قبل 15 إبريل بل أن العملية تحتاج لمراجعات، و إعادة النظر بسبب التطورات التي حدثت في البلاد" الأمر الذي يؤكد أن هناك طريقة جديدة في التفكير نتمنى أن يكون الوطن أولا و ثانيا و ثالثا في أعلى الأجندة.
أن إطلاق الشائعة عن موت حميدتي إذا كانت غير صحيحة لماذا لا تنفيها مجموعة الاستشارين للمليشيا بسرعة أن تسجل معه لقاء يؤكد عدم موت الرجل. لكن حركة المستشارين الخارجية، و سعيهم لخروج عناصر المليشيا بسلام من الخرطوم، يعني أنهم يريدون أن يحتفظوا بالتنظيم ليسهل عليهم عملية التعامل بالثروة التي تركها أبناء دقلوا، ليس من خلال إحياء لدور المليشيا مرة أخرى، ربما العمل من خلال تحويلها إلي تنظيم سياسي يحفظ لهم وظائفهم و ديمومتها، أو تحالف مع حزب أخرى، خاصة هم أقرب لحزب الأمة القومي و كان السيد الصادق المهدي قد دعا حميدتي من قبل إذا كان راغبا في السياسة أن ينضم لحزب الأمة. و ننتظر الساعات القادمة، و نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء