الحرب – عندما تغرب شمس العدالة . بقلم: وجدي كامل

 


 

وجدي كامل
22 July, 2023

 

مطبخ هذه اللعنة ومصدر فكرة الحرب التي حلت بالسودان، وبما صار مستوعبا ومفهوما للأغلبية كان مقره سجن كوبر الذي استهدفته الفوضى (الخلاقة) في الساعات الاولى لاندلاع المعارك بالإفراج عن نزلائه بنحو اثار الشكوك منذ البداية عمن المستفيد من ذلك الفعل الاجرامي المغرض، الرامي لتأجيج الفتنة.
الآن يتحول النزلاء من اصحاب السوابق الجنائية الى نهابين للبيوت والبنوك ضمن جمهور عريض ومتنوع.
اما اولئك من ذوى السوابق السياسية فيتحولون وبعد ضرورة حتمها فقه الاختباء بعد الهروب، ودونما حياء الى خطباء مطالبين باستمرار الحرب وعدم القبول باية حلول تفاوضية مما يضع اجابة وان جاءت متأخرة للسؤال الحائر القديم.
فبعد ظهور قيادات انقاذية ممن كانوا معتقلين بسجن كوبر بتهم متعددة يظهر وبمدينة كسلا احمد هارون، وعوض الجاز، والفاتح عزالدين، واخرين بمدن سودانية اخرى ضمن مخاطبات واجتماعات تحريضية لاستمرار القتال، وتحت ستار الوقوف خلف القوات المسلحة في معركة (الكرامة).
على انه وبمختلف المعايير سيبدو ان ظهور هذه الاسماء الضالعة في ارتكاب الكثير من الانتهاكات ابان حكم الانقاذ ومنهم احمد هارون المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية كمتهم في حرب الابادة بدارفور، والجاز المتهم بالفساد في عدد من القضايا، وكذلك الفاتح عزالدين بما هدد به الثوار من مصير اذا ما تمادوا في مطالباتهم بالتغيير – سيبدو كل ذلك تهديدا لآمال السلام والسلم السياسي والمجتمعي.
فمن ضمن ما اصبح بديهيا ان هذه القيادات للحركة الاسلاموية المنبوذة ما كان لها الخروج علنا وعلانية دون تنسيق وموافقة من قيادات الجيش واللجنة الامنية الحاكمة التي لم تكف في اعطاء الضوء الاخضر لأفراد ومؤسسات الانقاذ منذ انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر على للعودة الى الحياة بما فيها كتائب البراء بن مالك ومتولدات الدفاع الشعبي، وكتائب الظل بتوفير الحماية الامنية المطلوبة والتأمين السياسي والغطاء العسكري.
هذا المشهد المستفز للثورة السودانية المجيدة، الاستثنائية العظمة .النادرة المثيل والتي خرجت من شتى المدن السودانية مطالبة بإسقاط نظام الانقاذ ورموزه كأنما يتكلم بلسان مصالح النظام القديم وحرسه الذين كأنما ارادوا ارسال رسالة مفادها ان هذه هى حربهم دونما منازع، والبرهان وزمرته من عسكريين ادواتهم، ولن يتمكن احد من مقاضاتهم او محاسبتهم طالما ان الجيش والامن والشرطة والاقتصاد والاعلام بأيديهم وانهم عائدون بأمر الحرب والسلاح لحكم الشعب الذي لفظهم شاء من شاء وابى من ابى.
الاستاذ المحامي المعز حضرة الناطق باسم هيئة الاتهام في قضية انقلاب الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ خاطب اعلاميا النيابة العامة مطالبا اياها بالقبض على الفارين، وان ما يجري مخالف للقوانين التي لا تحمي الهاربين او الفارين من العدالة.
الظرف الان ليس بظرف الندم، او جلد الذات للثورة، والمحاسبة ولكنه وقت الانتباه لضرورة اعادة رص الصفوف في مواجهة العدو الاساسي للثورة ومن ثم اتباع السبل القانونية المدنية لمحاكمة قوة الدعم السريع بما اقترفت من جرائم مثبتة وترويع وهتك للأعراض ونهب للممتلكات. وحدة السودانيين في الاهداف هى عنوان المرحلة ليس فقط لإيقاف الحرب ولكن لكسب معركتهم ضد فلول النظام السابق وتطوير قدرات ثورتهم بإرساء الدعائم الحقيقية للحكم المدني الديمقراطي.

wagdik@yahoo.com

 

آراء