الحسن الميرغني وفضاء هابرماس
زين العابدين صالح عبد الرحمن
13 November, 2022
13 November, 2022
وقع الحسن الميرغني مسؤول التنظيم في الحزب الاتحادي الأصل على الإعلان السياسي الذي يشكل الأرضية السياسية لمسودة الدستور الانتقالي، للجنة التسيير لنقابة المحاميين، و يعتبر كأول حزب سياسي يوقع على الإعلان السياسي علنا قبل المكونات الأخرى للحرية و التغيير المركزي، و أطياف سياسية أخرى مقتنعة بهذا الإعلان. و يريد الحسن بهذه الخطوة الجريئة أن ينقل قضية الحل السياسي أو التسوية السياسية (سميها كما شئت) المتعلقة بأزمة الفترة الانتقالية من الغرف المغلقة إلي الفضاء العام، لكي يفتح منافذ عديدة للحوار بين المكونات المختلفة للوصول إلي توافق وطني، و هذه تعد أول خطوة تخرجه من الصراع المتعلق بالخلاف الداخلي للحزب الاتحادي الأصل إلي القضايا الوطنية، و الهادفة لنجاح عملية التحول الديمقراطي.
أن الفضاء العمومي للسودان إذا كان بعد الانقلاب أو قبله يعتبر فضاء غير صالحا لإنتاج أفكار جديدة تتعلق بقضية التحول الديمقراطي، و كان لابد من أتخاذ خطوات سياسية جريئة لها مردود إيجابي لعملية البناء السياسي، و أيضا الثقافي الذي يهيئ لوجود بيئة صالحة للحوار، و إنتاج الأفكار المساعدة. كما يقول هابرماس " أن الفضاء العمومي دائما يتحكم في الشروط الموضوعية لبناء النظام الديمقراطي، باعتبار أنه يشكل الأرضية التي تجعل العقل يتخطى العقبات و ينتج ثقافة ديمقراطية تؤسس لبيئة ملائمة للحوار الفكري بين التيارات المختلفة." أن الفضاء السوداني هو فضاء مغلقا، مليء بالشروط غير الموضوعية التي لا تساعد على حوار الأفكار. و هذه تعود للضعف الذي تعاني منه القوى السياسية بكل مدارسها الفكرية المختلفة، التي عجزت نخبها أن تقدم أفكار جديدة تتماشى مع التحولات السياسية و الاجتماعية التي أنتجتها ثورة ديسمبر 2018م. الغريب في الأمر، رغم دخول أعداد كبيرة من الأجيال الجديدة للمسرح السياسي، نجد أن القوى السياسية تتعامل بذات الإرث السياسي القديم الذي وصم بالفشل، و الذي عليه حمولات ثقيلة من الثقافة الشمولية. هذا الفضاء لابد أن يتغير من خلال أفكار جديدة تساعد على دفع العديد من العناصر التي تشتغل بالفكر، و أيضا قطاعات واسعة من الشباب المبدعين.
و عندما يقول الحسن الميرغني لابد من تغيير شروط اللعبة السياسية في السودان من خلال ثلاث شروط. الأول العمل من أجل تحديث و تطوير المؤسسات الحزبية فكريا و تنظيميا لكي تكون جاذبة للأجيال الجديدة. و الثاني تأسيس منابر ديمقراطية تطل من خلالها الأحزاب على الأجيال الجديدة لكي تتحاور معهم و تسمع أرائهم و تصوراتهم، بهدف إنتاج ثقافة ديمقراطية تساعد على عملية التحول الديمقراطي. ثالثا خلق مواعين ديمقراطية داخل الأحزاب حتى تصبح أعمدة صلبة يشيد عليها البناء الديمقراطي. و الهدف من كل ذلك هو تهيئة الظروف الموأتية التي تحدث التغيير في الفضاء العام لكي يصبح فضاء صالحا لعملية التغيير، و تنظيفه من الثقافات السياسية المضرة التي أنتجتها النظم الشمولية، و أيضا المكونات الأولية ذات الولاءات الأثنية و القبلية و العشائرية. أن الهدف من مقولات الحسن الدعوة لخلق الفضاء العام الذي يساعد على إنتاج الأفكار الجديدة و يساعد على ظهور قيادات جديدة. و هذه الفكرة تتماشى مع رؤية هبرماس باعتبار أن الفضاء العام يؤثر على العملية السياسية و مخرجاتها، كما أنها تؤثر أيضا على العمليات العقلية.
أن الإشكالية الأساسية التي تعمق الأزمة السياسية في السودان، لجوء أغلبية القوى السياسية لفرض شروط تريد أن تحدد بها وجهة السياسة في البلاد، و تعتبر هي القوى التي يجب الإنصياع لها، و هذه ليست ناتجة عن أدوات قوة تمتلكها، و لكنها تبين حالة الضعف التي تعاني منها الأحزاب، بسبب غياب النخب التي تشتغل بالعقل، و أيضا الأجيال الجديدة ذات القدرات الإبداعية العالية، و هؤلاء هم الذين يخلقون النشاط الفكرى داخل الأحزاب و يطرحون أسئلة المستقبل التي تحدد مسارات التغيير المطلوبة، و أيضا هؤلاء هم الذين يصنعون المشروعات السياسية التي تعتبر مرجعيات للمؤسسات الحزبية.
أن إشكالية الحركة الاتحادية بكل تفرعاتها و مجموعاتها المختلفة، غياب المرجعية الفكرية الواحدة، و غياب هذه المرجعية تجعل البعض يحاول الإجتهاد لكي يضع خطوطا عامة تمازج بين تيارات الليبرالية المتنوعة، و لكنها رؤى مشتته لم تجد الحوار الفكري المطلوب الذي يحاول أن يصيغها في غالب فكري واحد، القضية الأخرى التي تشكل عقبة لوحدة المجموعات الاتحادية رغبة القيادة عند الكل، رغم أن المؤسسة الحزبية يمكن أن تفتح قنوات عديدة للصعود من خلال واجهات مختلفة، لكن هذه المعضلة ليس سببها امتلاك الكل القيادات المؤهلات المعرفية و الفكرية و السياسية دون الأخرين، لكن سببها غياب المؤتمر العام للحزب، و اختيار القيادات من القاعدة للقمة، و أيضا فترات المعارضة الطويلة التي جاءات بقيادات لا تملك مقومات القيادة المطلوبة، لذلك حلت حياكات المؤامرات و الدسائيس مكان الاجتهادات الفكرية و الثقافية، إلي جانب غياب المواعين الديمقراطية. فالسؤال هل يستطيع الحسن أن يخلق واقعا جديدا في الاتحاد الأصل، و يخلق منه تنظيميا سياسيا ديمقراطيا منتجا للأفكار؟ هو التحدي الذي سوف يواجه الحسن الميرغني و من خلال تبنيه للفضاء العمومي لهبرماس. و نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
أن الفضاء العمومي للسودان إذا كان بعد الانقلاب أو قبله يعتبر فضاء غير صالحا لإنتاج أفكار جديدة تتعلق بقضية التحول الديمقراطي، و كان لابد من أتخاذ خطوات سياسية جريئة لها مردود إيجابي لعملية البناء السياسي، و أيضا الثقافي الذي يهيئ لوجود بيئة صالحة للحوار، و إنتاج الأفكار المساعدة. كما يقول هابرماس " أن الفضاء العمومي دائما يتحكم في الشروط الموضوعية لبناء النظام الديمقراطي، باعتبار أنه يشكل الأرضية التي تجعل العقل يتخطى العقبات و ينتج ثقافة ديمقراطية تؤسس لبيئة ملائمة للحوار الفكري بين التيارات المختلفة." أن الفضاء السوداني هو فضاء مغلقا، مليء بالشروط غير الموضوعية التي لا تساعد على حوار الأفكار. و هذه تعود للضعف الذي تعاني منه القوى السياسية بكل مدارسها الفكرية المختلفة، التي عجزت نخبها أن تقدم أفكار جديدة تتماشى مع التحولات السياسية و الاجتماعية التي أنتجتها ثورة ديسمبر 2018م. الغريب في الأمر، رغم دخول أعداد كبيرة من الأجيال الجديدة للمسرح السياسي، نجد أن القوى السياسية تتعامل بذات الإرث السياسي القديم الذي وصم بالفشل، و الذي عليه حمولات ثقيلة من الثقافة الشمولية. هذا الفضاء لابد أن يتغير من خلال أفكار جديدة تساعد على دفع العديد من العناصر التي تشتغل بالفكر، و أيضا قطاعات واسعة من الشباب المبدعين.
و عندما يقول الحسن الميرغني لابد من تغيير شروط اللعبة السياسية في السودان من خلال ثلاث شروط. الأول العمل من أجل تحديث و تطوير المؤسسات الحزبية فكريا و تنظيميا لكي تكون جاذبة للأجيال الجديدة. و الثاني تأسيس منابر ديمقراطية تطل من خلالها الأحزاب على الأجيال الجديدة لكي تتحاور معهم و تسمع أرائهم و تصوراتهم، بهدف إنتاج ثقافة ديمقراطية تساعد على عملية التحول الديمقراطي. ثالثا خلق مواعين ديمقراطية داخل الأحزاب حتى تصبح أعمدة صلبة يشيد عليها البناء الديمقراطي. و الهدف من كل ذلك هو تهيئة الظروف الموأتية التي تحدث التغيير في الفضاء العام لكي يصبح فضاء صالحا لعملية التغيير، و تنظيفه من الثقافات السياسية المضرة التي أنتجتها النظم الشمولية، و أيضا المكونات الأولية ذات الولاءات الأثنية و القبلية و العشائرية. أن الهدف من مقولات الحسن الدعوة لخلق الفضاء العام الذي يساعد على إنتاج الأفكار الجديدة و يساعد على ظهور قيادات جديدة. و هذه الفكرة تتماشى مع رؤية هبرماس باعتبار أن الفضاء العام يؤثر على العملية السياسية و مخرجاتها، كما أنها تؤثر أيضا على العمليات العقلية.
أن الإشكالية الأساسية التي تعمق الأزمة السياسية في السودان، لجوء أغلبية القوى السياسية لفرض شروط تريد أن تحدد بها وجهة السياسة في البلاد، و تعتبر هي القوى التي يجب الإنصياع لها، و هذه ليست ناتجة عن أدوات قوة تمتلكها، و لكنها تبين حالة الضعف التي تعاني منها الأحزاب، بسبب غياب النخب التي تشتغل بالعقل، و أيضا الأجيال الجديدة ذات القدرات الإبداعية العالية، و هؤلاء هم الذين يخلقون النشاط الفكرى داخل الأحزاب و يطرحون أسئلة المستقبل التي تحدد مسارات التغيير المطلوبة، و أيضا هؤلاء هم الذين يصنعون المشروعات السياسية التي تعتبر مرجعيات للمؤسسات الحزبية.
أن إشكالية الحركة الاتحادية بكل تفرعاتها و مجموعاتها المختلفة، غياب المرجعية الفكرية الواحدة، و غياب هذه المرجعية تجعل البعض يحاول الإجتهاد لكي يضع خطوطا عامة تمازج بين تيارات الليبرالية المتنوعة، و لكنها رؤى مشتته لم تجد الحوار الفكري المطلوب الذي يحاول أن يصيغها في غالب فكري واحد، القضية الأخرى التي تشكل عقبة لوحدة المجموعات الاتحادية رغبة القيادة عند الكل، رغم أن المؤسسة الحزبية يمكن أن تفتح قنوات عديدة للصعود من خلال واجهات مختلفة، لكن هذه المعضلة ليس سببها امتلاك الكل القيادات المؤهلات المعرفية و الفكرية و السياسية دون الأخرين، لكن سببها غياب المؤتمر العام للحزب، و اختيار القيادات من القاعدة للقمة، و أيضا فترات المعارضة الطويلة التي جاءات بقيادات لا تملك مقومات القيادة المطلوبة، لذلك حلت حياكات المؤامرات و الدسائيس مكان الاجتهادات الفكرية و الثقافية، إلي جانب غياب المواعين الديمقراطية. فالسؤال هل يستطيع الحسن أن يخلق واقعا جديدا في الاتحاد الأصل، و يخلق منه تنظيميا سياسيا ديمقراطيا منتجا للأفكار؟ هو التحدي الذي سوف يواجه الحسن الميرغني و من خلال تبنيه للفضاء العمومي لهبرماس. و نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com