الحمد لله؛ أخيراً تجاوزنا العقبة الكؤود، أول عقدة في مراحل بناء الدولة السودانية إنحلت باتفاق فجر الأمس بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي.
بموجب هذا الاتفاق، يحل المجلس العسكري الانتقالي وينشأ مجلس السيادة بعضوية مختلطة من المدنيين والعسكريين، خمسة لكل طرف وعضو رقم “11” يختاره الطرفان بشرط أن يكون مدنياً حالياً وعسكرياً سابقاً.. أي شخصية عسكرية بالمعاش.
ولكن الأهم من كل ذلك، هو الجهاز التنفيذي، مجلس الوزراء الذي اتفق الطرفان على كونه خالصاً كاملاً من خبراء مستقلين تختارهم قوى الحرية والتغيير..
وطبعاً، وكما ظللنا نردد من أول يوم.. أن تشكيل مجلس الوزراء يغيِّر تماماً الخارطة السياسية.. بموجبه تصبح كل أجهزة الإعلام تحت الإدارة المدنية، حتى شبكة الإنترنت لن يحتاج أحد لطب فتحها من جهة أخرى.. لأنها من صلب الإدارة المدنية في الهيئة القومية للاتصالات.
وبامتلاك سلاح الإعلام الرسمي يصبح في يد قوى الحرية والتغيير مخاطبة قضايا أشمل لتسريع عجلة التغيير.. فعلى الرغم من مرور حوالى ثلاثة أشهر من انتصار الثورة إلا أن الدولة لا تزال تعيش عصر ما قبل الثورة.. خاصة في الخطاب الإعلامي العام.. تصوروا وسائط الإعلام الرسمي بمجرد إذاعة بيان الاتفاق بين قوى الحرية والمجلس العسكري رجعت تغني وتمدح وكان شيئاً لم يكن.. بينما ملايين السودانيين داخل وخارج السودان يديرون محركات البحث عن وسائط إعلامية أخرى تشرح لهم ما حدث وتقدم لهم المعلومة والخبر والتحليل.. إعلام عصر الغيبوبة يجب أن يتغيَّر سريعاً حتى تتسارع وتيرة التغيير في كل مرافق الدولة.
الآن.. عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.. مرحلة الثورة بكل ما سال فيها من دم الشهداء والجرحى لا تكتمل إلا بالانتقال الرشيد إلى مرحلة (بناء الدولة).. وهي مرحلة لها رجالها وخطابها ورؤيتها.. مطلوب بأعجل ما تيسر (رجال دولة) يدركون أن حلم الشعب السوداني ليس (انتخابات) تنتهي بها الفترة الانتقالية.. تلك مجرد (وسيلة).. لكن الشعب يحلم ببناء دولة حديثة مترفة بالكرامة والحقوق.. دولة السودان الحديثة..
كانت (الحصة وطن)، لكنها الآن (الحصة بناء الوطن)..!!