الحقن بالعمالة الأجنبية …. بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
26 September, 2009
في الوضع الراهن الذي يشهد تدهورا كبيرا في الخدمة المدنية باعتراف مسئولين علي مستوي رفيع في الحكومة تحتاج البلاد الي الحقن بالعمالة الأجنبية في مختلف المواقع و المستويات. تلك الحاجة ضرورية لدواعي الكفاءة و تحفيز المنافسة و تجويد العمل. الوضع في السودان اشد تعقيدا مما كان عليه في كثير من الحقب و مراحل تطور الدولة السودانية ، هذا اذا كانت كلمة تطور مناسبة في هذا المقام. هناك تدهور في المستوي التعليمي و في التدريب و انهيار شبه تام في التعليم الفني. يضاف لكل ذلك تسيس المناصب في الخدمة المدنية و حتي في المؤسسات الأكاديمية ، اذ أصبح منصب مثل العميد و حتي رئاسة القسم في معظم الجامعات السودانية مناصب سلطوية تدور حولها المعارك و المؤامرات و تدبج لها الحملات الانتخابية بوعودها و وعيدها.
ليس من المستغرب وجود العمالة الأجنبية في أي بلد من البلدان فالدول المتقدمة اقتصاديا تلجأ الي العمالة الأجنبية. معظم تلك العمالة تسود في حالتين الاولي هي العمالة الدنيا التي لا تتطلب مهارات كبيرة و نجد تلك الحالات في دول مثل الولايات المتحدة الامريكية و المانيا و فرنسا بشكل واضح. الجانب الثاني هو العمالة الرفيعة بالقدرات الفنية و الفكرية العالية و هذه نجدها في معظم البلدان ذات الإمكانيات المادية الكبيرة و المنفتحة علي العالم.
بالنسبة لنا الوضع مختلف فالسودان في حاجة لمستشارين أجانب لوضع السياسات العامة و في دراسات الجدوي و في تنفيذ المشروعات. كما يحتاج الي استشارات سياسية و أمنية و عسكرية و حملات إعلامية منظمة و مهارات في العلاقات العامة . كل تلك الأشياء تحتاج لخبراء و مستشارين أجانب و مما يعزز ذلك ان أطراف الحكم اليوم لا تعترف بالآخر السوداني مهما كانت قدراته و لكنها مولعة بالأجنبي مهما قلت مهاراته ، حتي إننا نجد صنوف من الاحترام للعمال الأجانب من ذوي البشرة البيضاء لا يجدها ارفع العلماء من حملة الجنسية السودانية بالميلاد أب عن جد.
إذا سلمنا بأننا نحتاج لكل أصناف العمالة الأجنبية التي اشرنا إليها إضافة للمدربين الأجانب للفرق الرياضية فإننا بحاجة أيضا لخبرات اجنبية في مجال الفنون مثل الدراما و الموسيقي حتي نستطيع الخروج من هذا الخواء و العجز و انعدام القدرة علي المنافسة في تلك الفنون. اما أعمال اخري كالإعلانات علي سبيل المثال فان البزنس يجبر رجال الاعمال علي الذهاب الي الخارج خاصة جمهورية مصر العربية للإعلان عن منتجاتهم . اما شركات الاتصالات فهي تعمل بقدرات عالمية لا تتوفر لها بنيات في السودان.
موضوع العمالة الأجنبية يحتاج الي رسائل دكتوراه و بحوث علمية مطولة لكن و حسب مشاهداتي الخاصة خلال شهر رمضان الماضي اقتنعت بانتا لن نمضي بعيد بدون عمالة أجنبية. لقد توقف العمل في كثير من المرافق العامة و الخاصة بدرجات متفاوتة و لكن في أحسن الأحوال فان انخفاض الإنتاجية لا يقل بحال عن 25% عن ما كان عليه قبل الشهر الكريم. حتي اذا كان هناك بعض الأشخاص الذين يعملون فان دولاب العمل يتوقف في مرحلة تالية و لا يصل الي نهايته بسبب الذين لا يعملون. هل لأحد منكم ان يتخيل بان بعض المسئولين قد أوقفوا حتي التوقيع علي الأوراق و حصروها في أيام محدودة جدا و يشمل ذلك توقيع الاستحقاقات المالية و الشيكات مما عطل مصالح الناس و اجلها الي ما بعد العيد؟ اما درجات المحاسبة فهي علي قلتها أصلا فقد تراجعت الي ما يقارب الصفر خلال شهر رمضان لقلة الحيل و الحيلة و موقف المياه و النفايات يثبت ذلك. في هذا الوضع من العبث الشكوى من العمالة الأجنبية و إنما العكس هو الصحيح فعلينا ان نضع لها الميزانيات و نستقبلها بصدور رحبة لنحقن بها شرايين العمل حتي لا تموت من الضمور.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]