الحكام الجدد
د. عبد اللطيف البوني
14 August, 2012
14 August, 2012
قديما كان اهل العلوم السياسية يقولون ان عناصر قوى الدولة هي المساحة والسكان والموارد الاقتصادية والقوة العسكرية و... و... ولكن اليوم اصبح الاعلام ياتي في المقدمة فالاعلام لم يعد لاحقا للحدث كما هو وضعه الطبيعي انما اصبح صانعا للحدث هذة واحدة اما الثانية فقد اصبح الاعلان هو الممول الاول للعملية الاعلامية فنظرة خاطفة للقنوات الاكثر انتشارا في العالم نجد الاعلان ياخذ مساحة قد تصل احيانا قرابة ال50 % من زمن البث لابل اصبحت دراسة الجدوى لاي مشروع تعطي الاعلان عنه النصيب الاكبر من ميزانيته لدرجة يقال ان منتج عالمي عالى الانتشار يعطي 75% من ميزانيه للاعلان وكل مدخلات الانتاج الاخرى بما فيها المواد الاساسية التي تدخل في تركيبته واللوجستيات تاخذ ال25 % المتبقية
السودان ليس استثناء فرغم الوضع الاقتصادي المتدهور وضيق السوق والندرة الطاغية الا ان الاعلان اخذ يلعب دورا كبيرا في توجيه العملية الاعلامية والذي تجدر ملاحظته ان السيطرة الاعلانية الحالية تنفرد بها وبامتياز شركات الاتصالات لان انكماش السوق جعلها الرابحة الوحيدة ويكفي ان في السودان اليوم عشرات الملايين من الموبايلات ودخول شركات الاتصالات تحسب بالترليونات (اثنى عشر صفرا) . الاتصالات بنية اساسية لاغنى عنها ولاشك ان اسهامها في الناتج القومي اسهام مقدر فالطفرة الاتصالية في السودان يمكن اعتبارها مؤشر للتطور الاقتصادي ولكن بالطبع وحدها لاتكفي لابد من ان يتبعها نمو في مجالات اخرى كما ان وصف الشعب السوداني بانه شعب كثير الكلام وهذا واضح ليس امرا ايجابيا باي حال من الاحوال
عودة الي موضوعنا وان لم نخرج عنه فشركات الاتصالات في السودان مثل غيرها من ملوك السوق زحفت على الاعلام واصبحت صاحبة النصيب الاكبر في التحكم فيه ليس باعلاناتها المباشرة التي تقتات منها الوسائط الاعلامية انما برعايتها لكثير من البرامج في الفضائيات والاذاعات لدرجة اصبحت معها محطات التلفزة اليوم تعتمد على البرامج المرعية نسبة لضعف ميزانيتها ولكن من نظرة خاطفة نجد ان كل البرامج التي ترعاها تلك الشركات هي برامج المنوعات الغنائية الخفيفة لذلك زحفت تلك البرامج المرعية على الخارطة البرامجية فاصبحت المشكل الاول لذوق المتلقي السوداني
اذا ياجماعة الخير لو صدق توصفينا اعلاه تكون هذة الشركات هي المتحكم الاول في تشكيل الذوق السوداني وهنا مكمن الخطورة عليه اننا نلتمس من هذة الشركات ان تدرك خطورة الدور الذي تقوم به عليها وبما حباها الله به من مال سيطرة به على الاعلام ان تسعى للسمو بالذوق السوداني عليها ان تجعل نشر الوعي هدفا لها وذلك بان ترعى برامجا جادة ويكون جميل لو وضعت لها استراتيجيات اعلامية بواسطة خبراء ومفكرين لانها اصبحت وزرات الاعلام الحقيقية . ان ترك هذا الامر الهام للعلاقات الفردية الخاصة سيكون فيه اهدارا للموارد وحط للذوق العام وتغبيش للوعى اللهم الا اذا كان ذلك مقصودا وهذا ما نستبعده من القائمين على الشركات والقائمين على القنوات
عبد اللطيف البوني [aalbony@gmail.com]