الخامس من اكتوبر اليوم العالمي للمعلم … نتحدث

 


 

صلاح الباشا
5 October, 2023

 

في هذا اليوم نحيي حملة مشاعل العلم ورافعي الجهل عن الاجيال. التحية لهم اينما كانوا في يومهم العالمي .
وعلي المستوي الشخصي فانني لم انس فترة خمسه سنوات كنت فيها معلما بمدارس ام درمان حين كنت طالبا وقتذاك بكلية التجارة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ( النيلين حاليا) . فقد كانت من اجمل سنوات عمري وانا احمل الطباشيرة وعمري في العام ١٩٧٠م لم يتجاوز العشرين عام.
كنت اشعر بسعادة غامرة وانا اري غرسي في تلاميذي وهم يعبرون كل المراحل بحماس متدفق الي ان تخرجوا من الجامعات او امتنهنوا التجارة بعقلية متفتحة ومنهم من تخصص في مجاله في دراسات عليا فخيمة.
بل ولازالت صلتي بالعديد منهم ممتدة حتي اللحظة ... ومنهم من اخذتهم ظروف الحياة داخل الوطن أوخارجه ومنهم ايضا من غادروا دنيانا في زمان باكر . ومن ابرز طلابنا من النجوم الذكية التي افلت في ريعان شبابها الاخ المهندس والطالب الشاطر جدا وجاري في حي بيت المال ( جمال حسن الصافي) والذي رحل قبل تخرجه من هندسة الخرطوم باسابيع معدودة فبكيت عليه كثيرا حين كنت مغتربا اعمل بمدينة جدة بمجال الادارة المالية بالخطوط السعودية وغيرها من شركات القطاع الخاص حيث حدثت وفاة الحبيب جمال حسن الصافي في العام ١٩٨٧م . وقد كنت اعمل في جدة منذ العام ١٩٧٥م عقب تخرجي من الجامعة بسنة واحدة فقط .
وبرغم سنوات خدمتي التي امتدت لاكثر من خمسين عام فان فترة الخمس سنوات الاولي فيها كمعلم ظلت عالقة بذاكرتي وساكنه في وجداني حتي اللحظة برغم عملي في مجال الادارة المالية لمدة ٤٥ سنة خارج الوطن في عدة دول وبالخرطوم ايضا والتي مرت كالنسمة سريعا.
وقد كنا في زماننا كمعلمين ونحن في عز شبابنا نعرف كل الطلاب واسرهم واصدقائهم واقاربهم وحتي مواقع سكناهم بام درمان .
وهنا يطيب لي ان احيي كل الاصدقاء والزملاء المعلمين الذين عاصرتهم في تلك الفترة سواء في المدارس التي عملت بها بدءا من كرري الشعبية الثانوية العامة بالحارة الاولي بالثورة ام درمان او بمدرسة بيت المالية الابتدائية( ب) والتي مكثت فيها لثلاث سنوات وقد كنت ناشطا فيها مع زملائي المعلمين وخلقنا فيها بيئة تعليمية مميزة باستصحابنا لتأسيس الجمعيات الطلابية المختلفة وتحرير صحف الحائط الاجتماعية ومنافسات كرة القدم في الميدان الذي كان يجاور المدرسة وقد اقيمت فيه رئاسة قمدان شرطة ام درمان الحالية بشارع الزعيم الازهري.
وقد ختمت عملي بالتدريس بمدرسة حي العرضة الابتدائية بشارع العرضة الرئيسي المقابل لجامع الملك فيصل عند اشارة المرور لسنة واحدة وبعدها جاء الاغتراب الي السعودية للعمل في مجال المحاسبة.
ومن ناحية اخري فلازالت علاقاتنا ممتدة مع اجيال المعلمين في ذلك العصر الذهبي بام درمان بمختلف مدارسهم التي كانوا يعملون بها وخاصة الاهلية العامة المقابلة لمنزل الزعيم الازهري وبيت المال العامة والاميرية ام درمان وقد كانت تجمعنا بهم ظروف السكن او الدراسة بالجامعة او الاثنين معا وقد تفرقت بهم السبل ايضا وهي السنوات التي جمعتني بصديقي الراحل شاعر الشعب والشاعر الفلسفي عمر الطيب الدوش طيب الله ثراهما. كما توطدت علقتنا باهل الوسط الفني والشعراء بدار اتحاد الفنانين القديم بجوار المسرح القومي .. فقد كنا من هواة الفن ايضا.
نعم .. ان فكرة الاحتفال بيوم المعلم الذي قررته هيئة اليونسكو التابعة للامم المتحدة منذ الخامس من اكتوبر ١٩٦٦م يجعل هذا اليوم مفخرة لكل معلم في بلادي.
نعم انها مهنة الانبياء الذين علموا البشرية مكارم الاخلاق والقيم الرفيعة.
وهانحن في سن المعاش الان .. لا نملك الا ندعو بخالص الدعوات للمعلمين الذي يكابدون شظف العيش ويواصلون كفاحهم المشهود في رفع الجهل عن ابناء بلادنا في صبر عجيب.
وعندما اقول المعلمين فان ذلك يشكل كل الاساتذة الاجلاء من الاساس وحتي الجامعات.
شكرا لليونسكو .. والحمد والشكر لله تعالي ان امد في اعمارنا وقد عشنا اجمل سنوات العمر ونحن معلمين واجملها ونحن مهنيين نعمل في مجال تخصصنا ..
ونسأل الله تعالي ان يهدي الاوباش لوقف هذا الاقتتال العبثي بما صاحبه من فوضي غريبة ومجنونة فعلا وانفجرت كالبراكين المباغتة في عاصمة بلادنا التي عشنا فيها لعشرات السنوات وبكل طمانينة واستقرار . فجاءت الاحداث والتي لم تشهد مثلها عاصمة اي دولة من قبل .
وهكذا تكون نتائج القرارات الخاطئة حينما انشأت القيادة الدكتاتورية في بلادنا سابقا وحاليا تلك المليشيات خارج نطاق الجيش و التي لم تكن تحتاجها بلادنا مطلقا للبقاء في الحكم مدي الحياة .. الي ان اودت نتائجها الي هلاك الجيش والمليشيات معا في هذه الحرب الطاحنة وقد كنا نخشي ذلك قبل سنوات طويلة. فلا استفاد الحكام ولا استفاد الجيش ولا استفادت المليشيات. ولم يبق الحكام في الحكم مدي الحياة.
ولم يستفد شعبنا الذي قبض الريح ولايزال يدفع الثمن.
ولكن ما يثير الدهشة ان بعض المخمومين من ابناء شعبنا لايزالوا يؤيدون استمرار هذه الحرب الفتاكة وهم منعمين في بيوتهم ومناطق نزوحهم ويحركون كيبات الهاتف الجوال بكل استرخاء لنقل الحرب الي الوسايط ولتشجيعها ولتخوين من يطالب بايقافها برغم اعتراف قادة الاسلاميين بانها اشعلوها كما نفذوا انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م حتي لا يستمر الحكم المدني الذي كان سيعيد المهنوبات الي خزينة البلاد .
شكرا للمعلم مرة اخري.
وبئس القوم الظالمين الخاقدين المنتحرين الآن من جماعات( فلترق كل الدماء).
ونطلب من الله سبحانه وتعالي لهم الهداية.
انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء.
والسلام علي من اتبع الهدي.
والتحية للمعلم اينما كان.

bashco1950@gmail.com

 

آراء