الدستور .. و..(الدايم الله)..!! … بقلم: جمال علي حسن

 


 

 

 
 لو لم تكن تلك التسمية (دستور دائم) شائعة في دولة قطر وفي العراق وفي مصر وغيرها لكنت اعتبرت ان استخدام وصف (دائم) مع دستور السودان القادم هي تسمية نفسية تحاول ان تمنح الدستور كوثيقة قانونية مقدسة هيبته ومكانته التي من المفترض انها بدهية ومعروفة لكنه يسمى دائم بحيث يظل هو المرجع القانوني الحاكم في البلاد وليس من حق ضابط او مجموعة ضباط في الجيش ان يقوموا بانتهاكه عبر انقلاب عسكري كما هو مكرر ومعتاد في بلادنا ..
اما مايخص الدستور القادم والذي حرصت على تلبية دعوة لقاء تفاكري من قيادة المؤتمر الوطني للاعلاميين للتفاكر وتبادل الرؤى قبل الشروع في اعداده فإنني اقول هنا ان هذا الدستور ياسادتي لن يتصف بصفة الديمومة إلا بشرط ان تسهم كل القوى السياسية والنخب السودانية في إعداده بتمثيل وتراضي غالب يتجاوز الخلافات الانية املا في ان تزول تلك الخلافات الحادة يوما من الايام ويبقى الدستور الحاكم هو المتفق عليه مسبقا..
 وتلك بالطبع فكرة رومانسية وحالمة في ظل وجود صراعات سياسية وتقاطعات جسيمة بين الحكومة والمعارضة الشمالية في السودان الشمالي القديم المتجدد بقدره السياسي .. وفي ظل وجود ازمات جهوية في انحاء مختلفة من البلاد وفي ظل وجود توجهات مطلبية بتصحيح اوضاع قسمة الثروة والسلطة في بلادنا ..وكذلك في ظل وجود حزب حاكم من المفترض ان يضع دستور البلاد بمرجعية اسلامية وعرفية معا نظرا لوجود مجموعات غير مسلمة و  اقليات لادينية في بعض مناطق السودان ..
الدستور لن يكون دستورا دائما لو وضعه حزب المؤتمر الوطني والقوى السياسية الحليفة له في السودان ..
لن يكون دائما لان السلطة ليست دائمة ولان وثيقة التوافق بين القوى السياسية لن يتم تحريرها في بلادنا دون تقديم تنازلات مشتركة ودون الإقرار بإجراء معالجات في المسار الديمقراطي الذي اعلنت الحكومة تبنيه باجرائها الانتخابات التي قاطعتها تلك الاحزاب بسبب تحفظات اساسية في الطريقة التي تمت بها ..
إذن سيضاف الى بنود الخلاف السياسي في السودان بعد وضع الدستور الجديد  بند اخر جديد هو الخلاف على الدستور نفسه والمطالبة بتغييره او بإجراء تعديلات دستورية كبيرة لن يقبل المؤتمر الوطني حينها بإجرائها ولن تقبل المعارضة بخوض إنتخابات في ظل الدستور القائم ..!!
هذا سيناريو محفوظ ومؤكد إذا تم إعداد دستور السودان في ظل عدم وجود توافق سياسي وبالتالي عدم توفر الثقة بين الحكومة واحزاب المعارضة في السودان ..
ليس هذا الحديث من باب بث الإحباط ولكنها محاولة للتعرف على حلقات قادمة ومحفوظة من مسلسل تتم إعادة بثه في بلادنا بشكل دوري منذ الاستقلال ..
اخيرا سادتي فطاحلة وخبراء القانون اطلب منكم ان تسموا الدستور الجديد (دستور السودان) اما (الدائم) تلك فاتركوها لان الدوام لله..

جمال علي حسن [jamalgo2@gmail.com]
 

 

آراء