الدعم السريع والبحث عن تمويل الحروب عبر المعدن الاصفر

 


 

أحمد بن عمر
23 January, 2024

 

معقولة يا حميدتي نكرت الذهب!! والجيش قصفك أمس

أحمد بن عمر
Dr_benomer@yahoo.com
في ظهوره علي قناة سكاي نيوز العربية خرج حميدتي في لقاء تلفزيوني الجمعة الماضية و هو الأول منذ اندلاع الحرب , جمع التناقضات و الحقائق كطبيعة الحرب الغائبة عنها الحقيقة , و السودان مثله و مثل الدول التي تكون الصراعات فيها قائمة علي الموارد كبقية افريقيا , فالقارة تتمحور فكرة الحرب حول صراعات السُلطة و الثروات المعدنية, مثل الصراعات التي حدثت في زيمبابوي و سراليون التي كانت تشهد صراع مثل الصراع الحالي في السودان و كذلك الكنغو التي تدور فيها حرب هذه الايام .
في اللقاء انكر حميدتي كل الاتهامات التي تشير الي تورطهم كقوات للدعم السريع في استخدام الذهب لتمويل حروبهم , و أكد علي معلومة انهم فقط يستخدمون ما تم الحوصا عليه (كغنيمة ) من الجيش, حسناً قد يكون الحديث معقول ولكن التحركات العسكرية للدعم السريع مبنية علي منطاقة استراتيجية الهدف منه الحصول علي ( المال – الرجال – السيطرة الاستراتيجية علي المناطق التي تُشكل نطاق الحركة ) , و من ضمن الخطة الرئيسية للتحركات العسكرية هي الوصول الكامل لمناطق التعدين في دارفور و كردفان .

دخلت قوات الدعم السريع لدارفور عسكرياً من أجل السيطرة و الوصول الي المال لتمويل حربها و تجنيدها لأبناء المنطقة ، يحتوي إقليم دارفور علي عدد كبير من أسواق التعدين التي يتواجد فيها الدعم السريع عسكرياً ، مثلاً .. شمال دارفور توجد بها 7 أسواق ،و يوجد 3 أسواق بوسط دارفور ، و ولاية جنوب دارفور بها 8 أسواق و سوقين جددد كان من المقرر افتتاحهم قبل الحرب بشهر في مناطق صولبا وعدوة بمحلية مرشنج.

سباق تمويل الحرب من إيرادات الذهب لم يتوقف في السودان من الجانبين رغم الإنخفاض الكبير بنسة 50% منذ بداية الصراع في حرب ابريل،متأثرا بالإغلاق الذي طال نحو 41 شركة عاملة مقارها في الخرطوم تنشط في مجال التعدين .

*ذهب المصفاة
بداية إستنزاف الذهب بحثاً عن تمويل الحرب كان بعد أشهر قليلة ؛ الأمر الذي أوضحناه في تقرير مشترك نُشر علي المواقع الاخبارية في يوليو 2023م ، حول إستيلاء الدعم السريع عن ذهب من مصفاة الخرطوم بعد اقتحامها، ومن ثم تتبعنا مسار الذهب المنهوب وصولاً الي استخدامه في جلب السلاح عن طريق #عبد_الرحيم_دقلو قائد ثاني قوات الدعم السريع،الذي فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية العقوبات في سبتمبر من نفس العام بسبب الانتهاكات و استخدامه الذهب لجلب المقاتلين العابرين للحدود.

الذهب المنهوب من #مصفاة_الذهب يقدر بحوالي 2-3 طن ، ما يعادل قيمة 180 مليون دولار ،هذه الآموال المسيلة في الحدود غيرت مسار الحرب في دارفور ، حيث وفر المال الكثير من الإحتياجات بما فيها الوقود للتحرك للسيطرة علي كل المدن في الاقليم .

*دارفور والصراع حول منطاق التعدين
لم تكتفي قوات الدعم السريع بالسيطرة فقط علي المناطق العسكرية في دارفور لتُعلن سيطرتها علي المدن،بل الأمر امتد حول المناطق الاستراتيجية للتعدين .
ففي يونيو سيطرت قوات الدعم السريع علي محلية كتم التابعة لشمال دارفور، و امتدت رحلة البحث عن الذهب في مواقع التعدين بعد سقوط كابكابية بمواصلة البحث في هشابة و عبد الشكور، وهي مناطق شهدت الكثير من تواجد القوات لحراسة تلك المناطق.

*العودة لمربع 15 (جبل عامر)
بالرغم من فقدان حصة الدعم السريع في شركة سودامين التي تقدر بنسبة 33% بسبب الحرب ، حاولت القوات الوصول الي منطاق تعدين في دارفور ، فقد عاودت سيطرتها علي منطقة جبل عامر مرة أخرى في محلية ( السريف) التابعة لولاية شمال دارفور بعد تنازلها عن االمربع التعديني في 2020م نظير صفقة أسهم سودامين .
"شركات المخلفات في جبل عامر و المناجم باتت تحت سيطرة الدعم السريع ، مع تأمين وصول الوقود اليها ، ليس الإنتاج كما في السابق بسبب هجرة بعض المعدنين الذين التحقوا بالتجنيد في هذا الصراع،ولكن بالطبع يمكن أن توفر ولو حتي القليل من مرتبات المجندين الذين التحقوا بالقوات بعد الحرب.

*المزيد من التوسع
قامت قوات الدعم السريع بالتوسع في دارفور و تحديداً ولاية جنوب دارفور في مناطق (الردوم وسنقو ، أغبش، سرفاية، كسرة، جمانة، ضرابة ) في مايو بعد شهر واحد من اندلاع الحرب ،و لم تكتفي فقط بالسيطرة علي مناطق التعدين المذكورة بعد اشتباك عنيف ،فقد فتحت القوات باباً للاستفادة من المناطق الحدودية الاستراتيجية التي كانت النقطة المهمة في الإستفادة من تدفق السلاح في 13 يونيو عن طريق المناطق الحدودية مع أفريقيا الوسطي التي تنشط بها مجموعة فاغنر الروسية التي جاءت سراً بدون علم حكومة الولاية في أكتوبر 2022م لمنطقة (سنقو) بحثاً عن الذهب و بتنسيق من الوالي (حامد هنون) و بأوامر من محمد حمدن دقلو.

*قصف الطيران لمناطق التعدين
بعد عِدة محاولات بقصف الطيران بجنوب دارفور الذي تضرر منه المدنيون العُزل ، يبدوا أن الجيش اخيراً قد اصاب منطقة إستراتيجية للدعم السريع (امتداداً لإستهداف ما يسمي مناطق إستراتيجيّة لتقليل فعالية القوات-مثل مصفاة الجيلي)،فقد قام الجيش بقصف مناطق بها سلسلة مناجم ذهب تتبع لشركة جنيد التابعة للدعم السريع في منجم (أغبش،ضرابة،ثريا،ود نيالا،سرفاية،وجمانة،وغيرها) ، وهي مناطق تُنتج "كيلوهات" من الذهب غالباً ما يتم تهريبها.
وجاء قصف الطيران في ظروف بالغة التعقيد في منطاق التعدين قد تؤدي الي التوقف موقتاً , حيث تعانى المناطق من انفلات الامن بسبب دخول جماعات مسلحة للمنطقة حيث شكل دخولهم تهديداً للمنقبين هناك , كما تعاني المناطق من ارتفاع عالي في الوقود , قبل الحرب كان البرميل ب 160 الف جنيه و حتي القصف ارتفع سعر البرميل 500 الف جنيه بعد ان بدأت (تناكر الوقود ) تاتي من المناطق الحدودية .

و بالرغم من أن بقية المناطق تعمل و جزء غير مرصود الا أن استمرار الاعتماد علي التمويل من المعادن مفتوح بسبب أن الذهب سريع الاستخراج و سريع التسييل و يمكن بيعه بسرعة و هي حالة ستجعل من الدعم السريع يستهدف تحركات جديدة في كردفان .

ختاماً ...
هناك إنتاج شحيح يديره الرجلان (برهان- حميدتي) حاليا لتغطية النفقات الحكومة وتمويل تحركاتهم السياسية واللوجستية , أي بالمعني المتضح أن ، الطرفين يقومان بوضع الخطط حال أستمرار هذه الحرب , ولعل أبرز هذا الميدان الاقتصادي للبحث عن التمويل سيكون في أقليم دارفور الذي يسيطر عليه الدعم السريع .
الحروب الأهلية والإثنية المستمرة في الإقليم الدارفوري أثرت في المعدن النفيس وجعلته في أيادي مهربين و ايادي الدعم السريع ، كما وظفت الحكومة بعض القبائل لكي تقوم بعمليات التعدين والإنتاج لمصالحها الخاصة في العهد البائد ، وهو ما منع السكان المحليين من الاستفادة من موارد الذهب على رغم أنه يخرج من باطن الأرض في مناطقهم الأصلية، مما أدى إلى تمدد الصراعات إلى مناطق أخرى حدث من قبل في يمناطق التعدين , والان قد جاءات هذه الحرب لتحرر شهادة الوفاة لاستنزاف اقليم دارفور لموارده و الاستفادة منها في تنمية الاقليم خاصةً بعد ان استشبرنا خيراً باتفاقية السلام الموقعة مع الحركات المسلحة , الأن و بعد كل هذه الفوضي نتمني ان يكون الجميع قد استوعب حجم كارثة مثل حرب متجولة في كل بقع السودان و نتمني أن تكون اخر الحروب و بعدها مشاريع حوكمة الموارد حتي تستفيد منها الاجيال القادمة .

 

آراء