الدولار السوداني أقوى عملة في العالم !!
فيصل علي الدابي/المحامي
28 October, 2022
28 October, 2022
Funny Troubleshooter حلال المشاكل المرح
https://funwithhalalmashakil.blog/
مقرن النيلين في الخرطوم ــ عناق الإنسانية الأبدي
رحت أتابع ذلك الخبر العالمي المصور المثير للغاية الذي أخذت تبثه معظم القنوات الفضائية في تلك الأمسية، فقد توقفت دراجة نارية تحمل رجلين عند أحد تقاطعات السكك الحديدية منتظرة عبور قطار مندفع من اتجاه إلى آخر بسرعة هائلة ، في ذات اللحظة علقت سيارة صغيرة بين القضيبين ولم يستطع قائدها تحريكها وقبع بداخلها منتظراً الموت دهساً تحت العجلات الحديدية القاتلة القادمة نحوه بسرعة البرق، ثم في كسر من الثانية قفز أحد الرجلين من الدراجة البخارية ودفع السيارة بسرعة وقوة خارج القضيبين وتحققت إحدى معجزات الانسانية والشهامة البشرية!! فقد نجا قائد السيارة ونجا المنقذ الشجاع من الموت المحتوم بأعجوبة بالغة بعد أن أنقذ حياة قائد السيارة الذي لا يعرفه ولم يره من قبل
فجأة تذكرت تفاصيل مغامرة سودانية قديمة وعجيبة أخذت تنبعث في ذهني بحيوية طازجة وكأنها حدثت بالأمس، فقبل سنوات طويلة كنت مسافراً من مدينة كسلا في شرق السودان إلى مدينة عطبرة في شمال السودان عبر الطريق الصحراوي، وفجأة توقف البص عند قرية سيدون إلى أجل غير مسمى وعجز عن التقدم للأمام بسبب امتلاء خور سيدون بسيل مفاجئ، لم يكن لدىّ شيء هام لا في مدينة كسلا التي غادرتها ولا في مدينة عطبرة التي اريد الوصول اليها لكنني في تلك اللحظة بالذات صممت على عدم التراجع وركبت رأسي وقررت السفر لوحدي وسيراً على الأقدام في طريق صحراوي مجهول غير مكترث لمخاطر الموت جوعاً وعطشاً في قلب الصحراء ومن ثم قمت بعبور الخور الهائج راجلاً وسابحاً حتى بلغت الضفة الأخرى وعندما التفت خلفي رأيت شابين مغامرين قد تشجعا بمجازفتي وراحا يخوضان نفس المغامرة، انتظرت في طرف الخور الآخر حتى وصل إليه المغامران الآخران ، ومن ثم اندفع ثلاثتنا في السير في تلك المنطقة الصحراوية القاحلة ، وعلى ما أذكر أن أحد الشابين هو الذي أنقذنا من الموت جوعاً وعطشاً في الصحراء فقد أكد لنا بحسم أن الطريق الذي نسير فيه هو أخطر وأطول طريق صحراوي ولا ماء فيه ولا بشر ، وأننا يجب أن نسلك طريقاً آخر يعرفه هو شخصياً وهو الطريق الأوحد للنجاة من الموت في الصحراء ، صدقنا ما قاله فلم يكن لدينا أي خيار آخر ، وبالفعل بانت لنا ملامح نهر عطبرة بعد مسيرة طويلة في الطريق الذي اقترحه ذلك الشاب ، لقد تورمت أقدامنا بعد انقضاء ثلاثة أيام على مسيرتنا الصغيرة الراجلة حيث كنا نمشي بجوار نهر عطبرة خوفاً من الضياع والهلاك في الصحراء القاحلة، كل القرى الصغيرة التي مررنا بها كانت تندهش عند رؤيتنا ثم يُسارع أهلها إلى تزويدنا بالماء والطعام والمأوى في شهامة فطرية آسرة ، عندما وصلت قافلتنا الصغيرة إلى قرية الكويب تم إكرامنا وإيوائنا من قبل أهلها وفي صباح اليوم التالي تبرع شاب صغير من قرية الكويب لم يتجاوز عمره الخامسة عشر عاماً بمساعدتنا في الوصول إلى أقرب جهة من وجهتنا الرئيسية عبر سلوك طريق صحراوي مختصر لكنه يبعد كثيراً عن مجرى نهر عطبرة الآمن، اندفعنا ثلاثتنا مع الدليل الصغير إلى قلب الصحراء الملتهب بالحصى والرمال وبعد مسيرة شاقة استغرقت اثنتي عشرة ساعة نجح الدليل الصغير في إيصالنا إلى بر الأمان وهو منطقة تدعى رأس الهودي حيث تتوفر وسائل النقل التي تنقل المسافرين إلى مدينة عطبرة، ومن ثم ودعنا الدليل الصغير واستدار عائداً وحده في الظلام إلى قلب الصحراء في رحلة العودة الشاقة إلى قرية الكويب!! ما زلت أتساءل حتى تاريخ اليوم بدهشة بالغة وأهمهم قائلاً: ما الذي دفع ذلك الشاب الصغير المنتمي إلى تلك القرية المنسية إلى انقاذ حياة ثلاثة غرباء آنذاك دون أن يعرفهم ودون أي مقابل؟!! مازلت أقول وأردد حتى تاريخ اليوم: إنسانية الانسان السوداني هي الدولار السوداني وهي على وجه التحديد أقوى عملة في العالم
Funny Troubleshooter حلال المشاكل المرح
تذكرت قيامي شخصياً بعدة اقتحامات متهورة لعدة بيوت محترقة أو تعرضت للسرقة بغرض نجدة أهلها، وغمغمت متسائلاً: ما الذي يدفع أي انسان عادي إلى المجازفة بحياته في أي وقت من أجل انقاذ حياة انسان آخر لا تربطه به أي صلة قرابة؟!! ما الذي يدفع الانسان، الذي يصفه علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأنثروبولوجي بالأنانية، إلى تعريض حياته الخاصة للخطر من أجل انقاذ حياة أشخاص غرباء لا يعرفهم ودون أي مقابل؟!! إنها الانسانية، تلك الصفة التي يتمتع بها جميع البشر ولا يخلو منها أحد فحتى المجرم الذي يقسو على الآخرين قد يمارس الإنسانية مع أهله، إنها الانسانية وهي بحق أثمن شيء في الوجود وأقوى عملة في بورصة الحياة لأنها تمكننا من شراء الأمان للآخرين دون أي مقابل
في الختام لا نملك إلا أن ندعو بدعائنا الانساني الخاص الذي لا يستثني أحداً ونقول: اللهم إنا نشكرك شكراً كثيراً على انسانيتنا فزدها لنا وبارك لنا فيها وأجعلنا جميعاً أحب الأحباء وأحب المحبين وأحب المحبوبين، اللهم أفرغ علينا الإنسانية وأجعلنا جميعاً أفضل الإنسانيين، آمين يا رب العالمين
فيصل علي الدابي\المحامي
Funny Troubleshooter حلال المشاكل المرح
https://www.un.org/ar/our-work/deliver-humanitarian-aid
menfaszo1@gmail.com
https://funwithhalalmashakil.blog/
مقرن النيلين في الخرطوم ــ عناق الإنسانية الأبدي
رحت أتابع ذلك الخبر العالمي المصور المثير للغاية الذي أخذت تبثه معظم القنوات الفضائية في تلك الأمسية، فقد توقفت دراجة نارية تحمل رجلين عند أحد تقاطعات السكك الحديدية منتظرة عبور قطار مندفع من اتجاه إلى آخر بسرعة هائلة ، في ذات اللحظة علقت سيارة صغيرة بين القضيبين ولم يستطع قائدها تحريكها وقبع بداخلها منتظراً الموت دهساً تحت العجلات الحديدية القاتلة القادمة نحوه بسرعة البرق، ثم في كسر من الثانية قفز أحد الرجلين من الدراجة البخارية ودفع السيارة بسرعة وقوة خارج القضيبين وتحققت إحدى معجزات الانسانية والشهامة البشرية!! فقد نجا قائد السيارة ونجا المنقذ الشجاع من الموت المحتوم بأعجوبة بالغة بعد أن أنقذ حياة قائد السيارة الذي لا يعرفه ولم يره من قبل
فجأة تذكرت تفاصيل مغامرة سودانية قديمة وعجيبة أخذت تنبعث في ذهني بحيوية طازجة وكأنها حدثت بالأمس، فقبل سنوات طويلة كنت مسافراً من مدينة كسلا في شرق السودان إلى مدينة عطبرة في شمال السودان عبر الطريق الصحراوي، وفجأة توقف البص عند قرية سيدون إلى أجل غير مسمى وعجز عن التقدم للأمام بسبب امتلاء خور سيدون بسيل مفاجئ، لم يكن لدىّ شيء هام لا في مدينة كسلا التي غادرتها ولا في مدينة عطبرة التي اريد الوصول اليها لكنني في تلك اللحظة بالذات صممت على عدم التراجع وركبت رأسي وقررت السفر لوحدي وسيراً على الأقدام في طريق صحراوي مجهول غير مكترث لمخاطر الموت جوعاً وعطشاً في قلب الصحراء ومن ثم قمت بعبور الخور الهائج راجلاً وسابحاً حتى بلغت الضفة الأخرى وعندما التفت خلفي رأيت شابين مغامرين قد تشجعا بمجازفتي وراحا يخوضان نفس المغامرة، انتظرت في طرف الخور الآخر حتى وصل إليه المغامران الآخران ، ومن ثم اندفع ثلاثتنا في السير في تلك المنطقة الصحراوية القاحلة ، وعلى ما أذكر أن أحد الشابين هو الذي أنقذنا من الموت جوعاً وعطشاً في الصحراء فقد أكد لنا بحسم أن الطريق الذي نسير فيه هو أخطر وأطول طريق صحراوي ولا ماء فيه ولا بشر ، وأننا يجب أن نسلك طريقاً آخر يعرفه هو شخصياً وهو الطريق الأوحد للنجاة من الموت في الصحراء ، صدقنا ما قاله فلم يكن لدينا أي خيار آخر ، وبالفعل بانت لنا ملامح نهر عطبرة بعد مسيرة طويلة في الطريق الذي اقترحه ذلك الشاب ، لقد تورمت أقدامنا بعد انقضاء ثلاثة أيام على مسيرتنا الصغيرة الراجلة حيث كنا نمشي بجوار نهر عطبرة خوفاً من الضياع والهلاك في الصحراء القاحلة، كل القرى الصغيرة التي مررنا بها كانت تندهش عند رؤيتنا ثم يُسارع أهلها إلى تزويدنا بالماء والطعام والمأوى في شهامة فطرية آسرة ، عندما وصلت قافلتنا الصغيرة إلى قرية الكويب تم إكرامنا وإيوائنا من قبل أهلها وفي صباح اليوم التالي تبرع شاب صغير من قرية الكويب لم يتجاوز عمره الخامسة عشر عاماً بمساعدتنا في الوصول إلى أقرب جهة من وجهتنا الرئيسية عبر سلوك طريق صحراوي مختصر لكنه يبعد كثيراً عن مجرى نهر عطبرة الآمن، اندفعنا ثلاثتنا مع الدليل الصغير إلى قلب الصحراء الملتهب بالحصى والرمال وبعد مسيرة شاقة استغرقت اثنتي عشرة ساعة نجح الدليل الصغير في إيصالنا إلى بر الأمان وهو منطقة تدعى رأس الهودي حيث تتوفر وسائل النقل التي تنقل المسافرين إلى مدينة عطبرة، ومن ثم ودعنا الدليل الصغير واستدار عائداً وحده في الظلام إلى قلب الصحراء في رحلة العودة الشاقة إلى قرية الكويب!! ما زلت أتساءل حتى تاريخ اليوم بدهشة بالغة وأهمهم قائلاً: ما الذي دفع ذلك الشاب الصغير المنتمي إلى تلك القرية المنسية إلى انقاذ حياة ثلاثة غرباء آنذاك دون أن يعرفهم ودون أي مقابل؟!! مازلت أقول وأردد حتى تاريخ اليوم: إنسانية الانسان السوداني هي الدولار السوداني وهي على وجه التحديد أقوى عملة في العالم
Funny Troubleshooter حلال المشاكل المرح
تذكرت قيامي شخصياً بعدة اقتحامات متهورة لعدة بيوت محترقة أو تعرضت للسرقة بغرض نجدة أهلها، وغمغمت متسائلاً: ما الذي يدفع أي انسان عادي إلى المجازفة بحياته في أي وقت من أجل انقاذ حياة انسان آخر لا تربطه به أي صلة قرابة؟!! ما الذي يدفع الانسان، الذي يصفه علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأنثروبولوجي بالأنانية، إلى تعريض حياته الخاصة للخطر من أجل انقاذ حياة أشخاص غرباء لا يعرفهم ودون أي مقابل؟!! إنها الانسانية، تلك الصفة التي يتمتع بها جميع البشر ولا يخلو منها أحد فحتى المجرم الذي يقسو على الآخرين قد يمارس الإنسانية مع أهله، إنها الانسانية وهي بحق أثمن شيء في الوجود وأقوى عملة في بورصة الحياة لأنها تمكننا من شراء الأمان للآخرين دون أي مقابل
في الختام لا نملك إلا أن ندعو بدعائنا الانساني الخاص الذي لا يستثني أحداً ونقول: اللهم إنا نشكرك شكراً كثيراً على انسانيتنا فزدها لنا وبارك لنا فيها وأجعلنا جميعاً أحب الأحباء وأحب المحبين وأحب المحبوبين، اللهم أفرغ علينا الإنسانية وأجعلنا جميعاً أفضل الإنسانيين، آمين يا رب العالمين
فيصل علي الدابي\المحامي
Funny Troubleshooter حلال المشاكل المرح
https://www.un.org/ar/our-work/deliver-humanitarian-aid
menfaszo1@gmail.com