الدولة ام بطنا غريقة

 


 

 



ظهر مؤخرا تحديدا بعد الثورة المصرية في العالم العربي مصطلح (الدولة العميقة) وهذا المصطلح في حقيقيته جاء من تركيا وفي رواية اخرى من امريكا اللاتنية وعلى حسب موسوعة ويكيييديا فهو يشير الي مجموعة من التحالفات المناهضة لاي تحول ديمقراطي او نزعة دينية او اشتراكية  وتتكون تلك التحالفات من الفئات التي تمسك بمفاصل الدولة من جيش وبوليس وامن وقضاء وطبقة راسمالية (في تركيا تضاف المافيا) واحيانا يقال لها دولة داخل دولة فاذا ازيحت الطبقة الحاكمة من سدة الحكم (رئاسة الجمهورية ) تظهر الدولة الثانية اي التي تحتها  لتحمي مصالح وتشابك تلك الفئات ويمكن ان تعمل في اطار ديمقراطي اذا اقتضى  شريطة ان لايتعارض مع مصالحها
اول من استخدم هذا المصطح في مصر هو عمرو الشوبكي في صحيفة  المصري اليوم ثم تناوله بتوسعة اكثر فهمي هويدي ثم انتشر انتشار النار في الهشيم نسبة لانه يعطي توصيفا حقيقيا لما هو عليه الحال في مصر فقد ازالت ثورة يناير المجيدة راس الحكم المتمثل في حسني مبارك واسرته وزباينته الكبار ولكن بسرعة ظهرت الدولة العميقة اي الدولة الحقيقية التي كانت تحكم تحت مظلة مبارك فاعلن الجيش انحيازه للثورة فكسب رضا واعجاب الثوار فاصبح المجلس العسكري هو السلطة السيادية والتشريعية والمتحكمة في الجهاز التنفيذي فكشر عن وجهه الحقيقي
في نهاية الاسبوع المنصرم  كشرت الدولة العميقة في مصر عن انيابها حيث اصدرت المحكمة الدستورية قرارا بعدم دستورية مجلس الشعب المنتخب بحجة ان ممثلي الاحزاب وجدوا فرصة اكبر من المستقلين كما اصدرت المحكمة حكما بعدم دستورية قانون العزل السياسي فهذا يعني ان احمد شفيق سوف يواصل منافسته على الرئاسة وفي نفس الوقت رجعت السلطة التشريعية الكاملة  للمجلس العسكري العالي واذا اضفنا لذلك قرار وزير العدل الذين صدر قبل يومين من حكم المحكمة والذي يعطي سلطة الاعتقال لمنسوبي الاستخبارات العسكرية يكون بذلك قد حدث انقلاب كامل فالرئيس القادم  حتى ولوكان محمد مرسي  الذي اصبح بين خيارين فاذا لم يفز سيكون قد اعطى الشرعية الكاملة لمحمد شفيق مرشح الدولة العميقة اما اذا فاز فسيكون رئيس منزوع الانياب بدون برلمان يشرع له او مجلس وزراء ينفذ له فسوف يجد نفسه داخل كماشة الدولة العميقة على راسه  المجلس العسكري الذي سوف يؤدي امامه القسم  وتحته تحالف الجيش والقضاء والمخابرات  كل هذا اذا تخطى لجنة الانتخابات التي لم تعطيه حتى اسماء الناخبين  وفاز بالرئاسة 
لدينا في السودان مقابل دارجي راقي جزل  للدولة العميقة وهو البطن الغريقة فعندما نصف شخص ما بان بطنه غريقة فهذا يعني ان لديه القدرة على امتصاص الهجمة الاولى وعدم اظهار اي تبرم ثم فيما بعد في  الوقت المناسب يتحرك وينتقم وبصورة ناعمة او خشنة فهو يظهر التسامح ولكنه حقيقة لاينسى ولايتنازل  فردة فعله ليست سريعة انما يكتم مشاعره ولعل هذا الذي فعله المجلس العسكري في مصر ومن بعده القضاء ولكن مهما يكن من امر في الدولة العميقة فهي  لاتنبت في اي بيئة انما تحتاج الي مناخ خاص والاهم انها  تعتمد على التراكم الكمي بعامل الزمن  .اكان سالناكم هل في السودان توجد دولة عميقة (طبعا لا وابدا لا شفناه شفناه )
abdalltef albony [aalbony@yahoo.com]

 

آراء