تهل علينا الذكري الثانية لانتفاضة سبتمبر 2013م التي هزت اركان النظام وشكلت نقطة تحول مهمة في المقاومة ضد النظام الفاشي المتدثر بالدين والذي مازال مستمرا في مصادرة حق العيش الكريم بالارتفاع الجنوني للاسعار مع زيادات متوقعة في أسعار الكهرباء والخبز والضرائب..الخ، وانخفاض مستمر في سعر الجنية السوداني بحيث تجاوز سعر الدولار الأن 11 جنية!!، ويواصل النظام مصادرة الحريات السياسية كما هو الحال في اعتقال وجلد المعارضين السياسيين، ومصادرة الحقوق والحريات الصحفية كما هو الحال في مصادرة الصحف واعتقال الصحفيين،ومصادرة الحقوق والحريات والحقوق الدينية، ورفض وقف الحرب والحل الشامل والاستمرارفي إشعال نيران حروب الابادة ضدالاقليات العرقية في دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق، مما ادي الي تمزيق وحدة البلاد بانفصال الجنوب.
وكانت الحكومة الاسلاموية منذ إنقلاب 30 يونيو 1989م، قد سارت في سياسة تحرير الاسعار وتصفية ونهب قطاع الدولة والفساد الذي يزكم الأنوف، ونهب اراضي المواطنين،مما ادي الي افقار الشعب حتي اصبح اكثر من 95% من جماهير شعبنا تعيش تحت خط الفقر، ورفعت الدولة يدها عن خدمات التعليم والصحة وخدمات المياه والكهرباء ، والاستعداد لفصل الخريف، مما ادي لكوارث السيول والفيضانات التي ادت الي خسائر فادحة في الارواح والممتلكات مما زاد من معاناة الجماهير
كما تمر الذكري الثانية وبعض البلدان الاقليمية والعالمية تشهد ثورات ضد الحكومات الاسلاموية والطائفية الفاسدة كما هو الحال في العراق ولبنان وماليزيا..الخ، التي نهب حكامها مليارات الدولارات وفشلوا في تقديم ابسط خدمات الكهرباء والمياة ونظافة المدن، مما يؤكد أن الفساد مكون عضوي للانظمة الاسلاموية الفاشية المتدثرة بالدين.
جاءت إنتفاضة سبتمبر ضد الزيادات في الاسعار، التي كان الهدف منها: : تمويل الصرف البذخي لنظام الطفيلية الاسلاموية ، وتمويل الحروب التي اشعلها النظام في دارفور وجنوب وشمال كردفان وجنوب النيل الأزرق، ودعم ميزانية الامن والدفاع التي تستحوذ علي 75 % من الميزانية العامة، وتمويل سداد ديون الدول المانحة وصندوق النقد الدولي والتي تقدر ب 43 مليار دولار والتي تزداد ضغوطها واشتراطاتها علي النظام الحاكم. ورفضت الجماهير الاكاذيب حول دعم المحروقات، وأنه لايوجد دعم، علي سبيل المثال: أن الحكومة تربح 12 جنية في كل جالون بنزين و7 جنية في كل جالون جازولين..الخ.
علما بأن البديل لزيادة الاسعار التي تزيد اعباء المعيشة علي الجماهير الكادحة واضح، كما الشمس في رابعة النهار، والذي يتلخص في : وقف الحرب التي تقدر تكلفتها ب 4 مليون دولار في اليوم، ووقف الصرف البذحي، وتقليل منصرفات جهاز الدولة المتضخم، واسترداد الاموال المنهوبة عن طريق الفساد، وتوجيه العائد للصرف علي التنمية وخدمات التعليم والصحة وزيادة الاجور والمعاشات.
ولكن نظام الاسلام السياسي في السودان المعبر عن مصالح الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية لا يرغب في تلك الحلول ، وبالتالي لابديل غير اسقاط النظام واقامة البديل الديمقراطي.
* بعد اعلان الزيادات في الاسعار انفجرت انتفاضة سبتمبر 2013م ، التي شملت اغلب مدن السودان وامتدت لتشمل طلبة الجامعات والثانويات ومرحلة الاساس، وطرحت شعارات واضحة " الشعب يريد اسقاط النظام" .
واجهت السلطة الفاشية المظاهرات بالعنف المفرط والذي ادي الي استشهاد حوالي 250 ، ومئات الجرحي ، وبلغ عدد المعتقلين اكثر من الف شخص، كما احدثت الانتفاضة هزة عميقة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بمذكرة 31 من قادته التي استنكرت الزيادات والقمع المفرط، والتي ادت الي انشقاق في الحزب الحاكم، كما احدثت الانتفاضة تململا واضحا وسط قواعد الحزب الاتحادي الديمقراطي (الاصل) والتي طالبت معظمها بفض الشراكة مع النظام الفاشي الدموي. اصيبت السلطة بهلع شديد كما تجلي في العنف المفرط ، واغلاق الانترنت والصحف والقنوات الفضائية مثل " العربية " و " اسكاي نيوز".. اصدرت كل الاحزاب والحركات والنقابات والتنظيمات الديمقراطية وسط المهنيين بياناتها التي استنكرت الزيادات والقمع المفرط، وطالبت بمحاسبة مرتكبي جرائم القتل. تم تشييع مهيب للشهداء ساهم في توسيع الحملة ضد النظام ، وحدثت وقفات احتجاجية قام بها الاطباء واسر المعتقلين والصحفيون، وطلاب الطب بجامعة الخرطوم، وفروع الحزب وقوي المعارضة خارج السودان، ساهمت تلك الحملات في الضغط علي النظام الذي قام باطلاق سراح بعض المعتقلين، ولازالت ممارسات الاعتقال وتعذيب المعتقلين مستمرة.
* ورغم انحسار الانتفاضة الا أن جذوتها مازالت متقدة، وأن الظروف التي ادت لاندلاعها مازالت قائمة، ومتوقع المزيد من الزيادات في الاسعار ، وبالتالي من المهم التحضير الجيد للجولة القادمة والاستفادة من التجربة الماضية في تجاوز السلبيات ونقاط الضعف ، وتقوية سلاح التنظيم ورفع القدرات الذاتية لقوي المعارضة والحركة الجماهيرية وتمتين وحدتها ومنعتها بعد أن نضجت الظروف الموضوعية لاسقاط النظام
كما تتواصل المقاومة لسياسات النظام كما يتضح من مواصلة اسر شهداء سبتمبر في المطالبة بمحاكمة المجرمين ومحاولة النظام للالتفاف علي القضية مثل دعوة البشير لتعويض أسر الشهداء، والوقفات الاحتجاجية التي نظمها الاطباء والعاملون في المستشفيات ضد خصخصة العلاج واغلاق مراكز غسيل الكلي، والوقفات الاحتجاجية للصحفيين ضد مصادرة الصحف واعتقال الصحفيين ، ووقفات اسر المعتقلين من اجل اطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وانتفاضات المدن والاحياء من اجل توفير خدمات المياه الكهرباء ، وانتفاضات طلاب الجامعات والكليات من اجل الحريات السياسية والفكرية ومن اجل توفير ابسط مقومات التعليم، ومطالبة اسر شهداء بورتسودان ورمضان وكجبار والطلاب والجريف بمحاكمة المجرمين، ومقاومة المزارعين لخصخصة المشاريع الزراعية ومصادرة الأراضي، وانتفاضة المواطنين ضد مصادرة اراضيهم" الحلفايا، الحماداب، الجريف.....الخ"، ومطالبة العاملين باستحقاقاتهم وتخفيض تكاليف المعيشة وزيادة الاجور. كما تتسع المعارضة في الداخل والخارج وتتفاكر في اسقاط النظام وتتسع جبهات المعارضة مثل: قوي الإجماع ونداء السودان..الخ
ولاشك أن التراكم اليومي لتلك الانتفاضات الجزيئة سوف يؤدي في النهاية الي الإضراب السياسي العام والعصيان المدني والانتفاضة الشاملة التي تطيح بالنظام وتلقي به في مزبلة التاريخ، وإقامة البديل الديمقراطي الذي يتنزع فيه شعبنا الديمقراطية وينعم بالسلام ووقف الحرب والحل الشامل لمشاكل الوطن، وتحسين الاوضاع المعيشية والإقتصادية، ورد المظالم مثل تسوية قضية المفصولين والمتضررين، وإستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة من الطفيليين الاسلامويين، وإقامة دولة المواطنة والديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق او اللغة أو الثقافة.