الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية: فساد حتي نخاع العظم

 


 

 





السلطة تفسد ، والسلطة المطلقة فساد مطلق "
(مثل انجليزي)

تناولنا في دراسة سابقة عن " سمات وخصائص  الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية" ، واشرنا الي بداية نموها السرطاني منذ فترة الحكم المايوي ،وحتي قيام انقلاب الجبهة الاسلامية بقيادة حسن الترابي في 30 يونيو 1989م،الذي مكن لها في الارض، وحددنا مصادر التراكم الرأسمالي  لهذه الفئة وطبيعتها، وأن تلك المصادر كانت ولا زالت تقوم علي النهب والفساد اقتصاديا،والقمع سياسيا. وأن هذه الرأسمالية الطفيلية لم تستند علي قاعدة صلبة من الانتاج الصناعي والزراعي المستقل عن الدولة بما يضمن لها الاستمرار، وأنها مثل نبات السلعلع المتسلق السام الذي ما أن يلتف حول شجرة حتي يحيلها الي حطام تذروه الرياح.

الطفيلية الاسلاموية تدخل مرحلة الفساد حتي نخاع العظم:
دخلت الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية في الفترة الأخيرة مرحلة التعفن والتحلل،  والفساد حتي نخاع العظم، بحيث انتشر الفساد في البر والبحر وعمت الفوضي بسبب غياب حكم القانون، واصبح الفساد شائعا مع الرشوة والمحاباة والاختلاس ، اي كل ما يضر بالمصلحة العامة للبلاد والعباد. بسبب استئثار فئة قليلة ضيقة من الطفيلية الاسلاموية بكل ثروات البلاد ونهبها.
تطور فساد الرأسمالية الطفيلية منذ الايام الأخيرة لفترة حكم المايوي ، كما هو الحال في تخزين البنوك الاسلاموية العيش وبيعه باسعار عالية في مجاعة 1983م التي اجتاحت البلاد بسبب الجفاف والتصحر، وفي تزوير انتخابات 1986م، والتي صرفت عليها الطفيلية الاسلاموية اموالا باهظة.
طغوا في البلاد ، فاكثروا فيها الفساد:

وبعد انقلاب 30 يونيو 1989م، تمت مصادرة الديمقراطية السياسية والنقابية ، وتم تشريد وتعذيب واعتقال وقتل الالاف من شرفاء شعبنا، ونشأت ظروف مثلي للنمو السرطاني للرأسمالية الطفيلية، والتي استفادت من مصادرة الحريات الديمقراطية، وقيام نظام الحزب الواحد الاسلاموي الشمولي المطلق الذي شكل مناخا مناسبا  وارضا خصبة لانتشار ونمو الفساد المطلق  الذي كان من المصادر الاساسية للتراكم الرأسمالي للطفيلية الاسلاموية لارتباطه بالاتي :
•       *نهب اصول القطاع العام عن طريق البيع اوالايجار أو المنح باسعار بخسة لاغنياء المؤتمر الوطني الحاكم أو لمنظماته كما هو في الحالات التي رصدتها الصحف الورقية والالكترونية مثل: السكة الحديد ومشروع الجزيرة،والنقل النهري والخطوط الجوية السودانية، وهيئة الموانئ البحرية ومصانع السكر والاسمنت ومؤسسة الاقطان والصمغ العربي ، والفنادق مثل: فندق قصر الصداقة ،وفندق السودان، ومؤسسة الاسواق الحرة ، ومعرض الخرطوم الدولي، وفندق القرين فيلدج، ونهب واختلاس وتصفية البنوك مثل: بنك نيما، وبنك النيلين،وهيئة الموانئ البحرية، وطريق الانقاذ الغربي، وشركات الاتصالات ، وشركة الخرطوم للانشاءات، واختلاس ديوان الزكاة بولاية الخرطوم،والصندوق القومي للمعاشات، والصندةق القومي لدعم الطلاب،وزارة العلوم والتكنولوجيا  ....الخ.
•       *التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والاعفاء من الضرائب.
•       *الاعتداء علي المال العام كما هو واضح في التقارير السنوية للمراجع العام، وهو يوضح  ما ظهر من جبل الجليد  من نهب المال العام علي سبيل المثال: كان حجم الاعتداء علي المال العام كما جاء في تقرير المراجع العام للعام 2008  يقدر5,4   مليار جنية سوداني، ومن الصعب جدا لغياب المعلومات أن نعمل تقديرا دقيقا لحجم المال المنهوب ، ولكن ما ظهر من تقارير المراجع العام، والاختلاسات التي رصدتها الصحف اليومية في المؤسسات العامة والبنوك،يمكن تقدير أن ما اهدر من المال يقدر ب 25 مليار دولار في الفترة (1989م- 2009م) بسبب الفساد (سودانايل : 25/2/ 2010م )، وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية " تعد كل من الصومال والعراق وبورما وهايتي وافغانستان والسودان من اكثر الدول فسادا في العالم". ومثال آخر جاء في صحيفة الخرطوم بتاريخ: 15/7/2008م: "أن عملاء البنوك المتعثرين بلغ عددهم 237 من كبار رجال الاعمال ، وأن جملة الأموال المتعثرة 30 مليار جنية ، اي مايعادل 15 مليار دولار في ذلك الوقت".
•       *المرتبات العالية لمحاسيب وكادر المؤتمر الوطني الحاكم الذين يشغلون وظائف قيادية كما جاء في الصحف اليومية مثل مدير الاوقاف الذي كان يتقاضي اكثر من 500 مليون جنية ، وتجاوزات عقود الخبراء  مثل الخبيران التي وصلت مرتباتهما الي 600 الف دولار...الخ.
•       *اعفاء شركات النظام الحاكم ومحاسيب المؤتمر الوطني من الضرائب والجمارك.
•       *تجارة الحرب كما هو الحال في حروب الجنوب ودارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق، وتخصيص  اكثر من 75 من الميزانية العامة للدفاع، علما بأن الحرب تكلف 4 مليون دولار في اليوم، اضافة لتجارة الاسلحة والمخدرات كما رشحت في الصحف السيارة ،وتجارة البشر في شرق السودان.
•       *نهب عائدات البترول في سنوات استخراجه في الأعوام :1999م –2011 م ، وتقدر المصادر أنه تم نهب 60 مليار دولار من عائدات النفط في تلك الفترة، بينما بلغ الدين الخارجي 43 مليار دولار مقابل 12,9 دولار عام 1989م ذهبت اغلبها في مشاريع فاشلة تم نهبها مثل سد مروي. اضافة الي نهب عائدات الذهب والتي تم اطلاق العنان للتعدين العشوائي الذي يؤدي الي تدمير البيئة وموت المئات من المواطنين.
•       *المضاربة علي الاراضي والعقارات ، وقد اوضحت حرب الوثائق التي نشرت في الصحف الورقية والالكترونية حجم القطع من الاراضي والمزارع التي يمتلكها كبار قادة المؤتمر الوطني الحاكم مع توضيح مواقع المدينة والحي ورقم القطع والمساحة، اضافة الي الي الفساد في بيع اراضي السودان، علي سبيل المثال : تم بيع 90 الف فدان للبحرين، اي 42 الف هكتار من الاراضي التي تتميز بقربها من النيل وتحتوي علي مياه جوفية، بهدف استثمارها في الانتاج الحيواني والنباتي. ومثال آخر الاراضي الشاسعة التي تم بيعها لدولة الكويت والتي تساوي ربع مساحة الكويت كما صرح احد قادة الكويت.  
•       *نهب اموال المعارضين السياسيين( الغنائم)، وتدمير الرأسمالية المنتجة التي كانت تعمل في ميادين الانتاج الصناعي والزراعي والحيواني، ومحاصرتها بالضرائب وتخفيض قيمة الجنية السوداني ، ورفع الدولة يدها عن خدمات التعليم والصحة ، واهمال تصريف المياه مما ادي الي كوارث السيول والامطار الأخيرة، وسوء التخطيط والفوضي والفساد ببيع اراضي سكنية للمواطنين في مجاري السيول ما ادي الي خسائر مادية  وفي الارواح باهظة زادت المواطنين فقرا علي فقر.كما تم تشريد حوالي 122 الف شخص من اعمالهم بسبب نشاطهم النقابي والسياسي ، واصبح مجالي التعليم والصحة من مصادر التراكم الرأسمالي ، وصار اكثر من 95 % يعيشون تحت خط الفقر.
•       حصيلة سنوات حكم الطفيلية الاسلاموية: 
•       نخلص مما سبق الي أن سنوات حكم الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية :

*كانت الاكثر فسادا في تاريخ السودان، والاكثر ارهابا وقمعا بحيث استطاعت الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية انجاز تراكمها الرأسمالي بواسطة القمع حيث تم تشريد وتعذيب واعتقال الالاف من المعارضين السياسيين ومصادرة الحريات السياسية والنقابية،وتم توسيع نطاق الحرب ليشمل دارفوروجبال النوبا والنيل الأزرق وشرق السودان، وكانت النتيجة تمزيق اوصال البلاد واثارة النعرات العنصرية والقبلية، وانفصال الجنوب.
•       *كان من اهم سمات حكم الطفيلية الاسلاموية نقض العهود والمواثيق المراوغة ، ورفع شعار الحوار لاطالة عمر النظام ،والتفريط في السيادة الوطنية، وبيع اراضي البلاد باثمان بخسة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وتبديد الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية من خلال تهريبه للخارج، والاستثمارفي النشاط العقاري في الخارج، علي سبيل المثال :قدرت صحيفة امريكية أن رأس المال الاسلاموي السوداني الدائر في ماليزيا يقدر ب 22 مليار دولار، اضافة الي تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي علي الاحتفالات والمؤتمرات والافراح والاتراح والتي تقدر بملايين الدولارات. اضافة للفشل في انجازالتنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وفشل المشروع الحضاري بسبب انتشار الفساد في البر وفي البحر بسبب السياسات الخرقاء لحكام الطفيلية الاسلاموية، بل اصبحت ديون السودان الخارجية 43 مليار دولار . حتي وصل النظام مرحلة التفسخ والتعفن والتحلل الشامل، واصبح ممزقا بتناقضاته الداخلية ومحاصرا من المجتمع الدولي بسبب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان.
•       وبالتالي اصبح لابديل غير تشديد النضال الجماهيري والمقاومة لسياسات النظام، ومواصلة التراكمات النضالية التي تصاعدت من خلال الهبات والانتفاضات السابقة مثل: هبة سبتمبر 2013م التي هزت اركان النظام واحدثت شرخا عميقا داخله، والوقفات الاحتجاجية للعاملين في المستشفيات ضد الخصخصة، ولطلاب الجامعات والكليات ، واسر المعتقلين، وانتفاضات المدن والاحياء من اجل توفير خدمات المياه والكهرباء، ومقاومة النقابيين والمواطنين وربات البيوت للغلاء الذي اصبح لايطاق، ولاشك أن هذا التراكم النضالي سوف يصب في النهاية مجري العصيان المدني والاضراب السياسي والانتفاضة الشعبية الشاملة التي تطيح بالنظام وتلقي به في مزبلة التاريخ. ويتم انتزاع الديمقراطية ، واستعادة اموال الشعب التي نهبتها الطفيلية الاسلاموية، وبناء دولة المواطنة التي تسع الجميع، ووقف الحرب والحل الشامل لكل مناطق السودان علي اساس التنمية المتوازنة والعدالة في توزيع الثروة والفرص، وتحقيق وحدة البلاد من خلال تنوعها وتعددها الثقافي والحضاري. 

alsirbabo@yahoo.co.uk
///////

 

آراء