الرائدة عبلة العيدروس – علم من أعلام التعليم بالسودان

 


 

 


mohamed@badawi.de

هذه السيدة العصماء، والرائدة الأبيّة ذات التاريخ النير هي، وحدث ولا حرج: أم مئات الشباب والشابات في السودان، تكونوا على يديها وتعلموا في حجرها السنين الطوال. إن الأستاذة عبلة الريح العيدروس، في حد ذاتها، مدرسة تعليميّة، أو قل نهج فلسفي متفرد، وضع بصماته في مسار التعليم في السودان بشكل رائع ومتفرد على حد سواء. فللأستاذة عبلة فلسفتها الخاصة ومنهاجها التربوي المتفرد، دعونا نقول وبكل فخر ،أنها بحق وحقيقة ، من الرائدات الأوائل والقليلات في توطيد العمل التربوي في إطارة الواسع وبالأخص في مجال رياض الأطفال (كندرجارتن) ومثلها في مجال المرأة الرائدة في التعليم مثل السيدة نفيسة المليك، والسيدات نفيسة وبلقيس وآمنة بدرى السيدة ونفيسة كامل، والأستاذة حرم بدرى، والأستاذة عزة الريح العيدروس ..واخريات كثر لا يتسع المجال لذكرهنّ في سانحة هذا المقال، فجلهنّ كنَّ نعم النساء وكأن القدر خلقهنّ من نار ونور.  كلهنّ مجهولات الهويّة لدى غالبية شعب السودان، بيد أنهنّ، جميعا، صنعن تاريخا وحاضرا يشار إليهما بالبنان، فلهنّ بذلك أياد خضراء سندسية مستبرقة على المناخ التعليميّ في السودان. هؤلاء السيدات، كلهنّ، كالأستاذة عبلة الريح العيدروس عملن بصمت ونكران ذات وقدمن بسخاء منقطع النظير، علماً وتعليما يعد مفخرة لعازة السودانية ولحواء في كل أنحاء أفريقيا والوطن العربي.

لم يعرف السودان بعد استقلاله تقنيات تعليمية في مجال رياض الأطفال كما هي الحال الآن إذ كان كل العمل يرتكز في هذا المجال وقبل أن تبدأ السيدة عبلة العيدروس به، في حيز حفظ الأطفال ورعايتهم فحسب؛ بيد أن السيدة عبلة الريح العيدروس بدأت لا تلوي على شيء إلا وتعديل المسار، حيث كانت هي أولى من أدخل منهاج الصولفيج ودراسة النوطة الموسيقية في مجال تعليم الصغار حيث أنها استعانت عبر رحلاتها العديدة لألمانيا – بلاد رياض الأطفال حيث موطن المصطلح كندرجارتن – بتقنيات تعليمية عبر الألعاب ومواد تعليمية مساعدة ترمي لتنمية مهارات الاكتساب والتعلم لم يكن يعرفها السودان من قبل.

إن مؤسسة المهد الحنون تعتبر أول روضة أطفال حديثة بالمعنى البيداغوجي للكلمة وأول فلسفة تربوية في مجال تعليم الصغار صاغتها هذه المربية الرائدة لتكون نبراسا لكل رياض الأطفال والمدارس الابتدائية الحديثة بعد ذلك.

للأسف بلدنا السودان يجهل رواده والمحزن أننا لم نعط هذه المرأة حقها ولا حتى والدها مولانا الشيخ الريح العيدروس السنهوري (عالم الفلك المرموق وأول من حاز على شهادة الدكتوراه في البلاد) إلا الآن،  لكن رغم ذلك فنحن على ثقة أن كل أعمالها الخالدة ستظل في ميزان حسناتها إلى أبد الآبدين.

رحمة الله والدتنا المربية عبلة الريح العيدروس وجعل قبرها روضة من رياض الجنة...

 

آراء