الراشد والشرق الأوسط

 


 

 

أقاصي الدنيا 

 

محمد محمد خير

 

sudaninexile195@hotmail.com

   قبيل زيارة السناتور جون كيري الأخيرة للسودان أشارت صحيفة الشرق الأوسط ـ التي لم تعجبها الزيارة ـ أن كيري سيبدأ زيارته بدارفور قبل الخرطوم في إرهاص يفهم من سياقه أنه غير مهتم بالخرطوم لكن السناتور (جزاه الله خيراً) سلك (الدرب العديل) ولم يزر البلاد من دبر مثلما يحبّذ بعض كتاب (الشرق الأوسط) وكانت حوارات زيارته مثمرة وخطوطها توحي بأن مساراً جديداً سيطبع العلاقات بين بلاده وبين السودان.لم تمض أيام على هذا الخبر (المضروب) حتى فاجأنا عبد الرحمن الراشد بمقال في زاويته اليومية بعنوان "إعدام 19 دارفورياً في الخرطوم" !قبل مناقشة الراشد في متون ما ورد في زاويته يجدر القول أنني أعتبر الراشد من كتاب الدرجة العاشرة من حيث التناول والإضفاء واللغة والخيال والمفردة وتكتيك الكتابة وفضاءات خطابها علاوة على الانشقاق عن الخطاب المألوف، هو كاتب عادي للغاية، ليس آسراً، لأن موضوعاته تقليدية ولغته تخرج من رحم التحالف بين العادية والسطحية لذا فأنا أعتبره بشكل جدير وقاطع بأنه خارج قدرات الإضافة. ربما اضطر لتفسير نمو ظاهرته على خلفية انحطاط الذوق العربي العام فصعود نانسي عجرم وذيوع صيت أغنية (حلواني وبحب الفاكهة) يأتي متسقاً مع بزوغه كمحلل سياسي تنقصه المعرفة السياسية ويخذله التحليل .الدارفوريون الذين يقصدهم الراشد هم قتلة الصحفي الأستاذ الشهيد محمد طه محمد أحمد الذي تم اغتياله وقطع رأسه بواسطة (المناضلين) الذين يعنيهم الراشد في أبشع جريمة يشهدها السودان وقد اعترف من تم إعدامهم في محاضر الشرطة بارتكابهم هذه الجريمة بعد محاكمة أجريت للصحفي الشهيد بمزرعة بسوبا.يبرر الراشد زلته بإن أعدام تسعة من إقليم مضطرب يضاعف من الإحساس بالظلم بما يعني أن الدارفوريين مرفوع عنهم كل شئ إذا قتلوا أو سفكوا الدم لأنهم من إقليم مضطرب على حد تفسيره، الأمر الذي يعني أيضاً أن أي دارفوري عربياً كان أو زرقة متاح له أن يقتل الراشد وينجو من المحاكمة على خلفية أنه من اقليم مضطرب !!يربط الراشد ببؤس يدلل على قلة الحيلة بينة إعدام قتلة محمد طه وبين المخكمة الجنائية ويصف تنفيذ الإعدام بأنه يأتي متزامناً مع التصعيد وتحدي المجتمع الدولي وهذا التحليل (الراشدي) يجعل المرء في حل  عن التعليق لأن سذاجته تكفي وتجعلك تحدّق فيه بإزدراء وتأفف وتجعلك أيضاً تتحسر على زمان صار فيه الجهل منارة السالكين.ماذا يعرف عبد الرحمن الراشد عن دارفور؟ هل ألح عليه الواجب الصحفي بأن يزور هذا (الإقليم المضطرب) يوماً ليحدد درجة اضطرابه مثلما فعل محمود مامداني وألكس دوال وجولي فلنت والمصور الفرنسي كلود إيفرني، وصدع الأربعة أمام كل العالم يعلنون أن ما يجري بدارفور يتعارض جذرياً مع ما تروج له أجهزة الإعلام الغربية التي أنتجت خلال الأعوام (2003 إلى 2005) 17 مليون تقرير إخباري مفبرك عن دارفور، وبماذا يجب السيد الراشد أحد منتجي قناة العربية الأستاذ هيثم بن حسين الذي اصطحبني إلى دارفور في رحلة استغرقت أسبوعاً عاد بعدها لدبي وأكد عبر العربية أن الناس في نيالا يؤجرون بيوتهم ويسكنون المعسكرات، قال ذلك مساء يوم 28 أبريل 2008 في مقابلة أجريت معه تمهيداً لبث 9 تقارير أنتجها من دارفور عارضت بأنفة تقارير الترويج المفضوح الكاذب ؟!!في ذات اليوم الذي كتب فيه الراشد عموده البائس كان عبد الواحد يخاطب أهل القتلة، وعبد الواحد هو الوحيد بين قادة التمرد الذي يملك برنامجاً سياسياً أهم معالمه التطبيع الكامل مع إسرائيل وإقامة الدولة العلمانية مع منح الشواذ من الجنسين كامل حقوقهم، ففي أي ركن من أركان هذا البرنامج السياسي يجد الراشد نفسه ؟!!     * نشرت بصحيفة (الأحداث).

 

آراء