الريح الدبور تأتي من تلقاء الوطن … بقلم: محمد المكي إبراهيم

 


 

 

العالم بستان

نقلت الأنباء أن سيد محجوب-عين إنسان الخلق والأدب والتهذيب- قد غادر دنيانا وذهب تاركا محبيه وعارفي فضله للحسرة واللوعة والألم. ولقد ظل ذلك دأب الأنباء الواردة من البلد فكلها عن الكوارث والفواجع والمغص الهاري للقلوب ،إذ  توالت علينا مصائب الدهر في سلسلة متصلة الحلقات منها رحيل أربابنا الكبير الطيب صالح  والشاعر المبدع النور عثمان والآن تخترم صبرنا الأيام برحيل حبيبنا سيد محجوب المنتمي إلى دوحة محمد احمد المحجوب رفيعة المقام والذي حمل اسمها بجدارة واستحقاق فكان الأديب الخلوق والضاحك الباكي والأخ الراعي لإخوته حق الرعاية .يسأل عن الغادي والرائح،يودع المسافر ويحتفي بالقادمين وبفضله ظلت دار محمد احمد المحجوب مفتوحة أمام قصادها الكثيرين  وظل يضوع منها عطر الكرم والشهامة وإعلاء كلمة العلم والحرية. فسلام عليك يا رفيع القدر يا عالي المقام وفي المشوار القصير من هنا إلى اللحاق بك سنظل نذكرك بما أنت أهله أيها الحافظ الواعي والقارئ المستوعب والشاعر المتحلي بأجمل صفات العظمة والجلال. لآلك
الكرام وأصدقائك الكثر  الأوفياء أقدم خالص عزائي واحتضنهم وابكي معهم عليك.
وكأن ذلك لا يكفي فقد أصدرت محاكم العدالة في بلادنا حكما نهائيا يلزم احد اكبر دعاة الحرية والديمقراطية في بلادنا الأستاذ الحاج وراق بدفع غرامة مالية لاثنين من الشاكين تضررا منه للمحكمة باشانة السمعة وهي باب من أبواب المسئولية التقصيرية (تورت) لا علاقة له بالمسئولية الجنائية. وقد جرت العادة أن يطالب المدعي بالاعتذار أو بمبلغ رمزي ( واحد جنيه إسترليني في كثير من الأحوال ) لإثبات الحق وليس للتعويض عن الضرر. وذلك أن السمعة ليست عرضا ماديا يمكن تقويمه بالمال وليست المقاضاة في تلك الأحوال بغرض الإثراء وتكديس الأموال وإنما هي لإحقاق ما نراه حقا ودفع ما نراه تجنيا وافتئاتا على أشخاصنا. كما انه ليس من المروءة أن يقف مسئولون كبار (سابقون أو لاحقون ) ضد رجل معروف بمخاصمته الحكم القائم فعندئذ تقوم شبهة التحيز والتشفي في الخصم. وقد كان من واجب المدعين المطالبة بالتعويض الأدبي وليس المادي إعرابا عن سمو القصد والترفع عن جني المال من وراء السمعة. وفي القضاء البريطاني سوابق عديدة يرفض فيها المدعي استلام التعويض ويقوم بتحويله على الجهات الخيرية أو يطالب عند رفع الدعوى بمبلغ رمزي زهيد يوضح من خلاله انه ليس وراء المال باعتبار السمعة فوق المال ولا يمكن التعويض عنها بحفنة جنيهات. أما إذا كان الشاكين مصرين على تلقي تلك المبالغ الكبيرة التي حكمت لهم بها المحاكم – على دور المليم - فإنهم أحرار في خيارهم وليسوا ملزمين بأي أمثولة للكرم والشهامة.ولنقل مع القائل:كل إناء بما فيه ينضح.
وآخر ما جاءنا من تلقاء الوطن هو هذا الوزير المتحول إلى مستشار والذي نفى عن نفسه انه شتم شعب بلاده بأنه كان إلى وقت قريب شعبا من المتسولين وهي عبارة قاسية تشمله وتشمل كل المواطنين فقبل عشرين عاما كان هذا الوزير وغيره من الوزراء من غمار الناس وبالطبع كان شحاذا من الشحاذين يخطر في أسمال روحه وقملها ولو كان تفوه بتلك العبارة المنسوبة إليه فانه تجنى علينا قذفا وإشانة سمعة وسيكون لنا معه شأن أي شأن ما لم يعتذر ويبصق التوبة ويجثو على ركبتيه طالبا المسامحة من شعب السودان رفيع المقام. ولعن الله فقر الروح والاغترار بالمناصب والتكبر المؤدي إلى الاستكبار. وكان الهادي البشير يدعو ربه انه يحييه مسكينا ويبعثه يوم القيامة في زمرة المساكين وكان على إمام المتقين يقول في بعض الناس: الذليل من نصرتموه والضعيف من استقوى بكم .اللهم أدبني بأدب الاستغفار الذي هو أدب الإقرار بالخطيئة وطلب المسامحة عنها وانا لله وإنا إليه راجعون.
 
ibrahimelmekki@hotmail.com

 

آراء