السودان ليس تونس ومصر وليبيا !! … بقلم: نادية عثمان مختار

 


 

 

مفاهيم

Nadiaosman2000@hotmail.com

كنت أستمع للمهندس سيف الإسلام معمر القذافي ، نجل الرئيس الليبي ،  من خلال التلفزيون الرسمي للجماهيرية ، ولم أستغرب وأنا أسمعه أثناء القائه لخطابه الموجه للأمة الليبية وهو يردد ذات المقولة (الشهيرة) التي قيلت في مصر من قبل سقوط  نظامها وعلى لسان عدد من مسئولييها الحكوميين وكذلك الإعلاميين وهم يرغون ويزبدون ويصرون على قولهم :  
( مصر ليست تونس ومبارك ليس بن علي ) !!
هي ذات الاسطوانة كررها نجل الرئيس الليبي في خطابه بخصوص الثورة (الدامية) التي تشهدها الجماهيرية منذ قرابة الاسبوع !!
( ود الرئيس) كرر ذات الحديث الممجوج ( بضبانته) !
وقال : ( ليبيا ليست تونس ومصر) إلا أنه أضاف إضافة (ثرّة) جداً حين قال : ( والقذافي ليس رئيسا كلاسيكياً ولا تقليدياً) !! كمبارك وبن علي ، كما يقصد طبعا !!
هي العادة إذن ، حيث لا يأتي إستيعاب الرؤساء والزعماء والقادة العرب و( أبنائهم) لما تريده شعوبهم إلا متاخراً جدا وبعد خراب ( مالطا) وما جاورها !!
ونتيجة هذا التعنت والإصرار (الرئاسي) هاهي ليبيا قد إشتعلت تماماً في غضون أيام معدودات وسُفكت دماء أبنائها لتروي الأرض بدماء الشباب والشيب ولترمل النساء وييتم الأبناء وتتوشح الجماهيرية بلون الدم والحزن سنيناً لا يعلم عددها إلا الله !!
تهاوى النظام في مصر بعد تونس ، وهاهي ليبيا تتهاوى ، وفي الخط دول كثيرة آخرى والعالم العربي يشهد ثورات شعبية مثيرة للدهشة وكأن الإحتجاجات  التي قد إنطلقت في المنطقة وإنتشرت كإنتشار النار في الهشيم يلتقط بعضها من بعض بفعل الرياح والعدوى و( لعنة البوعزيزي) كما سماها البعض أو هي ( بركاته) التي بثت روح الثورة في قلوب ونفوس شباب المنطقة بأثرها ، وطردت أشباح الخوف من دواخلهم ، فما عادوا يخافون السلطان ولا بطشه ولا قوته وجبروته !!
مازالت ثورات ( الفيسبوك) التي تبدأ من ذلك الفضاء الإلكتروني لتنتقل بكل عزم وإصرار الى ميادين الإحتجاج الفعلية على أرض الواقع متواصلة ولا أظنها ستتوقف قريباً !!
أصبحنا في حالة ترقب دائم وعلى الشفاه سؤال مشروع عن من التالي ؟!
وعندما أقرأ عن الإعتقالات في بلادي وتطالعني أنباء التجاوزات القبيحة ، وكبت الحريات ومنع التظاهرات وغلاء الأسعار ووووو الخ ، ككل تلك الأسباب التي أودت بأقوى الحكومات في دول الجوار يلح السؤال ويفرض نفسه
( هل الدور آت على السودان)  لامحالة ؟!!
ولما لا ؟!!
إذا كانت المعطيات موجودة والمؤشرات تسوق إلى ذلك فهل السودان أقل من أن يثور شعبه في وجه الظلم ؟!
كحال الحكومة في مصر وتونس وليبيا سيخرج مسؤول في الحكومة السودانية ليقول للإعلام يوماً بأن ( السودان ليس تونس) !!
وثم  يضيف ( السودان ليس مصر ) !!
وبعدها يضيف ( السودان ليس ليبيا ) !!
ثم ( السودان ليس الجزائر ولا سوريا ولا البحرين ولا ووووو الخ ) !!
نعم .. السودان ليس أياً من هذه الدول .. نعلم ذلك يا سادة قبل أن تقولوه
وما نعلمه يقيناً أن السودان هو السودان !!
نعم هو السودان بشعبه ( المُعلم) الذي إبتدر التغيير وإسقاط الحكومات ورفض الظلم وإشعال الثورات من أكتوبر وحتى أبريل !!
هو الشعب الذي قد يسكت دهراً ولكنه أبداً لا ينطق كفراً !!
نعم .. هو شعب السودان بكل حلمه وجميل صبره وأيضاً بكامل قوته وعظيم غضبه !!
مخطيء من يقول بان السودان ليس ( كذا وكذا)  بحسابات أنه بلد الخنوع أو أنه عصي على الثورات !!
والآن وبناء على ما يجري في الساحة من موجة الغضب الشعبي التي تجتاج المنطقة العربية فعلى الحكومة في الخرطوم أن تسرع بتفعيل آلية الحوار الجاد والحقيقي جداً مع كل أبناء هذا الشعب الأبي بداءً من شباب
 ( الفيسبوك) وحتى ( شماسة) الأسواق ، فالغضب لايفرّق بين (جامعي) مستخدم للإنترنت ويمتلك صفحة فيسبوك وبين (شماسي) يتجول حافياً
و(مبشتن) في سوق بحري !!
وليت من على كراسي الحكم في بلادي يستوعبون (باكراً ) أن الطوفان الذي يعم كل الدول التي في الجوار لن يتخطى السودان و( يجليه)  بحسبان انه ليس تونس ومصر وليبيا !!
و
خوفي على دماء أبناء وطني الحبيب .. ويكفي الشعب السوداني ما سُفك من دمه الطاهر على مر الحقب السياسية في البلاد !!
و
اللهم أحفظ بلادنا وشعبها من كل سوء يارب  العالمين!!

(( نقلاً عن صحيفة آخر لحظة السودانية ))
 

 

آراء