السودان: مصر و الجزائر ، شرفونا
15 November, 2009
علمتنا مباراة كرة القدم بين مصر و الجزائر في التنافس علي الفوز بمقعد في كاس العالم القادمة في جنوب إفريقيا الكثير من الدروس و الملاحم. دروس في حب الأوطان و العزيمة و قوة الإرادة و العمل دون كلل او يأس من اجل تحقيق الاهداف مهما كان نوعها. لقد تحول الفوز بشرف تمثيل القارة الافريقية في عرسها الكروي ، كحدث تاريخي فريد ، الي هدف استراتيجي وظفت له إمكانيات الدولة و استنفر له الشعب في البلدين. لم تبخل الدولتان بشيء في السياسة و الاقتصاد و الادارة و الإعلام و التعبئة الجماهيرية و تحريك المشاعر الوطنية للوقوف خلف الفريقين من اجل الفوز. ليس ذلك فحسب و انما شغلا العالم و اجبراه علي الاهتمام بالحدث كواحد من اهم الأحداث العالمية الساخنة. ليس في الامر عجب فالشعب المصري شعب عظيم له تاريخ طويل مع الانجاز و الإبداع و التحدي. كذلك الشعب الجزائري المعروف بصلابته وقوة ارادته و روح التضحية و الفداء. ما جعل من تلك المباراة حدثا و أعطاها كل تلك الأبعاد هو كونها واقعة بين شعبين عظيمين منذ امد بعيد و سيظلان يعطيان الدروس الكبري في أي حدث يرتبط بهما. فقط علينا التعلم منهما.
لا اعلم بالضبط ما هي الدوافع وراء اختيار الاخوة في اتحاد الكرة المصري للسودان ليكون البلد الذي يستقبل المباراة الفاصلة بين الفريقين. من المعلوم ان الجزائر قد اختارت تونس و أوقعت القرعة الحظ علي السودان في استضافة المباراة التي ستقام بإستاد المريخ. لكن الظن إضافة للروابط بين مصر و السودان ، هو قرب الخرطوم من القاهرة مما يجنب اللاعبين عناء السفر و لقناعة بان الفريق المصري لن يتعرض لمضايقات من أي نوع في السودان. بالرغم من كل ذلك و مع الترحيب الكبير و الفرح الذي قابلت به الأوساط الرياضية بوجه عام و الاتحاد العام للكرة في السودان و جماهير المريخ بوجه خاص ، الا ان الحدث يضع السودان امام العديد من التحديات التي نرجو ان ينجح فيها و ان يجنبنا الأخطاء الإدارية التي تصاحب جميع نواحي الحياة في السودان.
التحدي الاول امام الحكومة ، و يتمثل في اصدار تأشيرات الدخول و تسهيل إجراءات دخول جمهور الفريقين الي السودان و عدم استقبالهم بانقطاع في الكهرباء بصالة المطار او بالشكل الرث الذي يصدم معظم القادمين للسودان. كما ان هناك التحدي المتمثل في تأمين إقامة الجمهور و سلامته من لحظة وصوله الي حين مغادرته للبلاد. يضاف ذلك الي جميع الجوانب الادارية التي تقع ضمن النطاق الحكومي بما فيها تأمين الخدمات و لا تنسوا انقطاع التيار الكهربائي خلال مباراة الهلال مازيمبي. التحدي الثاني امام اتحاد الكرة السوداني و الذي كانت الثقة فيه من اهم دوافع اختيار السودان ، اذ و ان لم يكن الاتحاد بشكله الراهن و بشخصياته المعروفة لما وقع الاختيار علي السودان. هنا يجب علي الاتحاد ان يكون قدر التحدي في ضبط الجوانب التي تقع تحت اختصاصه و التي لا استطيع القول اني ملم بتفاصيلها و لكنها قطعا تشكل تحديا و عبئا كبيرا. التحدي الثالث امام ادارة المريخ التي هيأت للسودان هذه الفرصة النادرة الحدوث بنجاحها في تشييد استاد بمواصفات مقبولة علي المستويين الدولي و الإقليمي ، اذ ان اختيار الإستاد لإقامة المباراة لم يجد أي اعتراض فني من أي جهة و هذه مفخرة للمريخ. بالطبع فان ادارة المريخ ستضع الإستاد تحت تصرف الاتحاد و لكن عليها القيام بكل ما يلزم في تهيئة الأجواء الصالحة للمباراة. التحدي الأخير أمام الجمهور الرياضي السوداني و هو جمهور منضبط و واعي و عليه ان يعطي أجمل الأمثلة خاصة للإخوة الجزائريين المتوجسين من السودان و غير الملمين به مثل المصريين . نري ضرورة التوازن في التشجيع و التحلي بالروح الرياضية و تشجيع اللعب الجميل ، اذ أن الأمر لنا يكاد يكون سيان في من هو المتأهل، مصر ام الجزائر . فلتكن هذه مناسبة لتقديم صورة مشرقة عن السودان لعلها تمحي شيء مما علق بالأذهان من صور داكنة عن هذا البلد العظيم بأهله و ان تتيح فرصة تناوله بشكل ايجابي في أجهزة الإعلام الخارجية. مع أمنياتنا للجميع بالتوفيق في هذه المهمة الوطنية التي لا يستهان بها.
Dr.Hassan.
hassan bashier [hassanbashier141@hotmail.com]