السودان: من يُقـيم صـلاة الجـنـازة على انتحـار دولـة ؟ ..بقلم: جمال محمد ابراهيم
جمال محمد ابراهيم
27 April, 2023
27 April, 2023
(1)
لا أظن أحدا سيتهم كاتب المقال بأنه متحامل على مفارقة قلمه حدود التفاؤل ، لافتراضه موت السودان ، تلك الدولة التي حين نالت استقلالها أواسط خمسينات القرن العشرين، كانت الدولة الأكبر في قلب القارة الأفريقية، والأكثر نفوذاً - من بين كل بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا– فى بلدان القارة جنوب الصحراء. ذلك أن حرب السودان الدائرة الآن ، هي حرب الانتحار السياسي لدولة كانت لها تلك المكانة الجيو- سياسية المميزة ، فيكون ذلك الانتحار هو خيار نخبها العسكرية والسياسية ، بإهدار تماسكها وتفتيت أقاليمها وبعثرة سكانها إلى دويلات لا وزن لها. سيتراجع إسم السودان القديم ليكون إسما ، ليحمله الحزام الأفريقي الممتد من سواحل البحر الأحمر إلى تخوم وسواحل الأطلسي.
لكن لا بد من الإجابة على سؤال مهم: من هم الواقفون وراء انتحار دولة مثل السودان ، أهم السودانيون بمختلف أطيافهم ، أم ثمة آخرون فيهم أشباح تراها العيون ومنهم آخرون لا تراها العيون. .؟
(2)
شهد العام الذي أعلن فيه استقلال السودان، بعد الفترة الاستعمارية التي سيطرت فيها بريطانيا على البلاد بمشاركة شبه صورية من جانب مصر، وبموجب اتفاقية سموها اتفاقية الحكم الثنائي عام 1899م، حرباً في جنوب السودان الأقل تقدما على شماله الذي حظي بتقدم أكثر. ثمة تعقيدات انطوت عليها تلك التطورات من طبيعة التنوع الذي عليه سكان البلاد في الثقافة والاجتماع والاقتصاد والسياسة. كانت تلك بذرة التفاوت في فرص إدارة السودان كبلد واحد ، إذ احساس الظلم عند الأقاليم الجنوبية دفعها للتحرك العسكري والسياسي لعقود طويلة ، وعبر مختلف الأنظمة التي تولت إدارة البلاد من العاصمة الخرطوم، إلى الجنوح لانفصال جنوب البلاد عن شمالها فتكونت دولة جنوب السودان عبر مفاوضات مطولة ومضنية ، شاركت فيها أطراف أجنبية ، بعضهم من كبارالمجتمع الدولي، وآخرون من القارة الأفريقية ومن منظماتها الأفريقية كالاتحاد الأفريقي ومنظمة "الايقاد". لعل السودان بتعقيدات تركبيته وتنوعها وبحكم موقعه في منطقة الشمال الأفريقي والشرق الأوسط ، وفي قلب القارة الأفريقية ، وبرغم ثراء موارده الطبيعية والبشرية، فقد بدا تحت بصر أطراف كثيرة في المجتمع الدولي ، كونه دولة في أحشائها دويلات متباينة.
(3)
قبل انفصال جنوب السودان إلى دولة لحالها، راجت تقارير سياسية وتحليلات سياسية ونبوءات لأكاديميين في مراكز أبحاث في أوروبا وفي الولايات المتحدة، بعضJJها معروف وبعضها الآخر مجهول الأصول، تبشر جميعها بخرائط جديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لم تكن حروبات العراق التي بدأها صدام حسين وسمّى الأولى قادسيته، وما تلاها من حربي الخليج الثانية والثالثة، إلا من ارهاصات تلك التنبوءات بإعادة ترتيبات جيو- سياسية تمس كل بلدان تلك المنطقة وذلك الإقليم. رأينا خرائط كروكية تبث خلسة هنا وهناك ولا يكاد المرؤ يعرف مصادرها ومن وراءها.
الذهنية التي صاغت اتفاقيات "سايكس- بيكو"، وقسّـمت الشرق الأوسط على أهــواء الغرب، لا زالت تمارس أساليبها القديمة، بما يبـرّر توسيع الســيطرة وبسط النفوذ، ولكـن بلبوسٍ جديد لا يشبه الممارسات الاستعمارية الكولونيالية البالية، التي تدينها المواثيق الدولية. هي "الكولونيالية الذكية" إن قبلتَ تعبيري.
(4)
بلد مثل الســـودان، إن كتب له أن ينهض وأن يقف على رجليه ، وبما له من ثروات وموارد الطبيعة الظاهرة عياناً، والخفية في باطن الأرض ، وبما له من تاريخ عريق ومن تمدّد سكاني على أطول مساحة من وادي النيل ، ثاني أطول أنهار العالم، وبما حباه الـله من تنوّعٍ إثني واجتماعي وثقافي وبيئي واقتصادي، فإنه الأكثر تأهيلا لقيادة النهضة في قلب القارة الأفريقية، والأكثر تأثيراً على أحوال ما جاوره من بلدان أفريقية : سياسة وثقافة واقتصاداً وتجارة. ما أن تستقر أحوال الخرطوم السياســية حتى تستقر أحـوال جـواره . ويجري المثل . . إنْ ضحكت الخرطوم ابتسم جيرانها، وإنْ عطستْ ، أصاب الزكام عواصم جيرانها. . !
(5)
السودان مشروع مـارد أريد له أن يستيقظ وقـتما يريد الطامعون.
أضرب لك مثلا عن بترول السودان الذي اكتشفت شركة شيفرون الأمريكية حجـمــه في أواخـــر سبعينات القرن الماضي، على أيام الرئيس الأسبق جعفر نميري، لكنها جنحــتْ لدفن بعض ما اكتشفت من حقول بالألـواح الأسمنتية ، وبحجـة لم يسمعها الســودانيون، وهي أن موعد التنقيب عن بترول السودان واستخراجه ، ليس في ثمانينات القرن العشرين ، بل بعــد خمسة عشر عاما بالتحــديد . تلك حسابات لا يعرفها إلا من يرصد مستوى احتياجات العالم من الطاقة وخياراتها، ومن غير "الكبــار" الذين تعرفون. . ؟
لم تخرج دولة جنـوب السـودان إلى الوجود عبر اتفاقـات واســتفتاءات علنـية ، وكأن السودانيين هم من قرّروا إنشاء تلـك الدولة. كـلا . في حقيقة الأمر ، تلـك كانت الخــطــوة الأولى لخريطة جديدة ارادوها للسودان "القـديم"، رُسـمتْ على نسق ما أسفرت عنه ذهنية "سايكس – بيكـو". "الكولونيالـية الذكـية" التي أشرنا إليها في أوّل المقـال ، تجعـلـك تتخــذ قرارك بالإنابة عن صــانعـيها . عليك أن تخدم أجنــداتهم الخفية بإرادتك المعلنة، فيما أنت غافلٌ عن خفاياها. .
(6)
أحيلك عزيزي القاريء الحصيف، لتنظر في خارطة الســودان – ليستْ تلـك التي يراد إعادة رسـمها - بل تلك الخـارطة القديمة التي عرفها العالم لحظة استقلال البلاد عام 1956. لن يعجز نظرك عن إدراك أبعـاد أزمة إقلـيـم دارفور غربي الســودان، التي اندلعـت بداية العقد الأول في الألفية الثالثة، وتدخلتْ الأمم المتحدة، بقرار تلو قرار، وبقواتٍ جلـها من القارة الأفريقية، ويفوق عددها العشرين ألف جندي ببيريهات الأمم المتحدة الزرقاء . بقوا في دارفور رغم أنف الطاغية البشير ونظامه البائس، لسنوات طوال ثم كادت الأزمة أن تطوى صفحتها بعد ثورة ديسمبر2018 التي أشعلها الشباب الســـوداني، وأســقطت نظاما ظـالما جثم على الســودان ثلاثة عقود وفشل في حلِّ تلك الأزمة، لكنه لم يجرؤ لانفاذ خطة فصل الإقليم مثلما تم لفصل جنوب السودان.
بعد نجاح تلك الثورة، نجد حكومة الفترة الانتقالية، وبلا ممبــرّرات مفهومة، يعلن رئيسها ، أن واحـدا من قـيـادات الحـركـات المســلحة في دارفور، سيكون حاكــماً على ما سمّاه "إقلـيـم دارفـور" بولاياته الثلاث، متجاهلا بقية الأقاليـم . كان واضحاً أن ثمّة جهـات – ولا أظنها ســودانية ، بل أجنبية - أنزلت ضغوطاً خـفـيـة لذلك التعييـن الذي بدا تمهيداً لتنفيذ نوايا خفـية تهيّء لإنشاء دولة في غربي السودان تسمّى "دارفـور".
وفق الكولونيالية الذكية، لن يتم إنشاؤها بأيدي أجنبية، بل المطلوب أن تقوم بالمهــمة أيدي بني الســودان. ورد في نشــيد السودان الوطني صدر بيت فيه يقول : "يـا بنـي السُّـودان هــذي أرضكم. ." ثـمَّ مــاذا بعـد ، وأرض الســودان إلى تقســيم بأيـدي بنـيـها ، ولكــن بإرادة طامعيــن . . ؟
(7)
ستعجب عزيزي القاريء ، إني وفي خاتمة مقالي ، لم أحدثك عن الحرب التي تدور رحاها منذ الخامس عشر من أبريل/ نيسان وحتى الساعة، بين جنرالات وعســـكرييــن في السودان. وأنت تقرأ ما أكتب ، والســودانيون الأبـريــاء يموتون في شــوارع الخــرطــوم بالرصاص الطائش، ستدرك أصل موضوع المقال. الذي رسمته الكولونيالية الذكية للسودان أن يتـمَّ رســم خريطـته الجـديدة بأيدي بنـيه ، لا بأيدي من خفيّ من طامعيـن.
إنه انتحار دولة. ترى هل فهم الجنرالات المتصارعون ماذا هم فاعلون ببلادهم. . ؟
لا أظن أحدا سيتهم كاتب المقال بأنه متحامل على مفارقة قلمه حدود التفاؤل ، لافتراضه موت السودان ، تلك الدولة التي حين نالت استقلالها أواسط خمسينات القرن العشرين، كانت الدولة الأكبر في قلب القارة الأفريقية، والأكثر نفوذاً - من بين كل بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا– فى بلدان القارة جنوب الصحراء. ذلك أن حرب السودان الدائرة الآن ، هي حرب الانتحار السياسي لدولة كانت لها تلك المكانة الجيو- سياسية المميزة ، فيكون ذلك الانتحار هو خيار نخبها العسكرية والسياسية ، بإهدار تماسكها وتفتيت أقاليمها وبعثرة سكانها إلى دويلات لا وزن لها. سيتراجع إسم السودان القديم ليكون إسما ، ليحمله الحزام الأفريقي الممتد من سواحل البحر الأحمر إلى تخوم وسواحل الأطلسي.
لكن لا بد من الإجابة على سؤال مهم: من هم الواقفون وراء انتحار دولة مثل السودان ، أهم السودانيون بمختلف أطيافهم ، أم ثمة آخرون فيهم أشباح تراها العيون ومنهم آخرون لا تراها العيون. .؟
(2)
شهد العام الذي أعلن فيه استقلال السودان، بعد الفترة الاستعمارية التي سيطرت فيها بريطانيا على البلاد بمشاركة شبه صورية من جانب مصر، وبموجب اتفاقية سموها اتفاقية الحكم الثنائي عام 1899م، حرباً في جنوب السودان الأقل تقدما على شماله الذي حظي بتقدم أكثر. ثمة تعقيدات انطوت عليها تلك التطورات من طبيعة التنوع الذي عليه سكان البلاد في الثقافة والاجتماع والاقتصاد والسياسة. كانت تلك بذرة التفاوت في فرص إدارة السودان كبلد واحد ، إذ احساس الظلم عند الأقاليم الجنوبية دفعها للتحرك العسكري والسياسي لعقود طويلة ، وعبر مختلف الأنظمة التي تولت إدارة البلاد من العاصمة الخرطوم، إلى الجنوح لانفصال جنوب البلاد عن شمالها فتكونت دولة جنوب السودان عبر مفاوضات مطولة ومضنية ، شاركت فيها أطراف أجنبية ، بعضهم من كبارالمجتمع الدولي، وآخرون من القارة الأفريقية ومن منظماتها الأفريقية كالاتحاد الأفريقي ومنظمة "الايقاد". لعل السودان بتعقيدات تركبيته وتنوعها وبحكم موقعه في منطقة الشمال الأفريقي والشرق الأوسط ، وفي قلب القارة الأفريقية ، وبرغم ثراء موارده الطبيعية والبشرية، فقد بدا تحت بصر أطراف كثيرة في المجتمع الدولي ، كونه دولة في أحشائها دويلات متباينة.
(3)
قبل انفصال جنوب السودان إلى دولة لحالها، راجت تقارير سياسية وتحليلات سياسية ونبوءات لأكاديميين في مراكز أبحاث في أوروبا وفي الولايات المتحدة، بعضJJها معروف وبعضها الآخر مجهول الأصول، تبشر جميعها بخرائط جديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لم تكن حروبات العراق التي بدأها صدام حسين وسمّى الأولى قادسيته، وما تلاها من حربي الخليج الثانية والثالثة، إلا من ارهاصات تلك التنبوءات بإعادة ترتيبات جيو- سياسية تمس كل بلدان تلك المنطقة وذلك الإقليم. رأينا خرائط كروكية تبث خلسة هنا وهناك ولا يكاد المرؤ يعرف مصادرها ومن وراءها.
الذهنية التي صاغت اتفاقيات "سايكس- بيكو"، وقسّـمت الشرق الأوسط على أهــواء الغرب، لا زالت تمارس أساليبها القديمة، بما يبـرّر توسيع الســيطرة وبسط النفوذ، ولكـن بلبوسٍ جديد لا يشبه الممارسات الاستعمارية الكولونيالية البالية، التي تدينها المواثيق الدولية. هي "الكولونيالية الذكية" إن قبلتَ تعبيري.
(4)
بلد مثل الســـودان، إن كتب له أن ينهض وأن يقف على رجليه ، وبما له من ثروات وموارد الطبيعة الظاهرة عياناً، والخفية في باطن الأرض ، وبما له من تاريخ عريق ومن تمدّد سكاني على أطول مساحة من وادي النيل ، ثاني أطول أنهار العالم، وبما حباه الـله من تنوّعٍ إثني واجتماعي وثقافي وبيئي واقتصادي، فإنه الأكثر تأهيلا لقيادة النهضة في قلب القارة الأفريقية، والأكثر تأثيراً على أحوال ما جاوره من بلدان أفريقية : سياسة وثقافة واقتصاداً وتجارة. ما أن تستقر أحوال الخرطوم السياســية حتى تستقر أحـوال جـواره . ويجري المثل . . إنْ ضحكت الخرطوم ابتسم جيرانها، وإنْ عطستْ ، أصاب الزكام عواصم جيرانها. . !
(5)
السودان مشروع مـارد أريد له أن يستيقظ وقـتما يريد الطامعون.
أضرب لك مثلا عن بترول السودان الذي اكتشفت شركة شيفرون الأمريكية حجـمــه في أواخـــر سبعينات القرن الماضي، على أيام الرئيس الأسبق جعفر نميري، لكنها جنحــتْ لدفن بعض ما اكتشفت من حقول بالألـواح الأسمنتية ، وبحجـة لم يسمعها الســودانيون، وهي أن موعد التنقيب عن بترول السودان واستخراجه ، ليس في ثمانينات القرن العشرين ، بل بعــد خمسة عشر عاما بالتحــديد . تلك حسابات لا يعرفها إلا من يرصد مستوى احتياجات العالم من الطاقة وخياراتها، ومن غير "الكبــار" الذين تعرفون. . ؟
لم تخرج دولة جنـوب السـودان إلى الوجود عبر اتفاقـات واســتفتاءات علنـية ، وكأن السودانيين هم من قرّروا إنشاء تلـك الدولة. كـلا . في حقيقة الأمر ، تلـك كانت الخــطــوة الأولى لخريطة جديدة ارادوها للسودان "القـديم"، رُسـمتْ على نسق ما أسفرت عنه ذهنية "سايكس – بيكـو". "الكولونيالـية الذكـية" التي أشرنا إليها في أوّل المقـال ، تجعـلـك تتخــذ قرارك بالإنابة عن صــانعـيها . عليك أن تخدم أجنــداتهم الخفية بإرادتك المعلنة، فيما أنت غافلٌ عن خفاياها. .
(6)
أحيلك عزيزي القاريء الحصيف، لتنظر في خارطة الســودان – ليستْ تلـك التي يراد إعادة رسـمها - بل تلك الخـارطة القديمة التي عرفها العالم لحظة استقلال البلاد عام 1956. لن يعجز نظرك عن إدراك أبعـاد أزمة إقلـيـم دارفور غربي الســودان، التي اندلعـت بداية العقد الأول في الألفية الثالثة، وتدخلتْ الأمم المتحدة، بقرار تلو قرار، وبقواتٍ جلـها من القارة الأفريقية، ويفوق عددها العشرين ألف جندي ببيريهات الأمم المتحدة الزرقاء . بقوا في دارفور رغم أنف الطاغية البشير ونظامه البائس، لسنوات طوال ثم كادت الأزمة أن تطوى صفحتها بعد ثورة ديسمبر2018 التي أشعلها الشباب الســـوداني، وأســقطت نظاما ظـالما جثم على الســودان ثلاثة عقود وفشل في حلِّ تلك الأزمة، لكنه لم يجرؤ لانفاذ خطة فصل الإقليم مثلما تم لفصل جنوب السودان.
بعد نجاح تلك الثورة، نجد حكومة الفترة الانتقالية، وبلا ممبــرّرات مفهومة، يعلن رئيسها ، أن واحـدا من قـيـادات الحـركـات المســلحة في دارفور، سيكون حاكــماً على ما سمّاه "إقلـيـم دارفـور" بولاياته الثلاث، متجاهلا بقية الأقاليـم . كان واضحاً أن ثمّة جهـات – ولا أظنها ســودانية ، بل أجنبية - أنزلت ضغوطاً خـفـيـة لذلك التعييـن الذي بدا تمهيداً لتنفيذ نوايا خفـية تهيّء لإنشاء دولة في غربي السودان تسمّى "دارفـور".
وفق الكولونيالية الذكية، لن يتم إنشاؤها بأيدي أجنبية، بل المطلوب أن تقوم بالمهــمة أيدي بني الســودان. ورد في نشــيد السودان الوطني صدر بيت فيه يقول : "يـا بنـي السُّـودان هــذي أرضكم. ." ثـمَّ مــاذا بعـد ، وأرض الســودان إلى تقســيم بأيـدي بنـيـها ، ولكــن بإرادة طامعيــن . . ؟
(7)
ستعجب عزيزي القاريء ، إني وفي خاتمة مقالي ، لم أحدثك عن الحرب التي تدور رحاها منذ الخامس عشر من أبريل/ نيسان وحتى الساعة، بين جنرالات وعســـكرييــن في السودان. وأنت تقرأ ما أكتب ، والســودانيون الأبـريــاء يموتون في شــوارع الخــرطــوم بالرصاص الطائش، ستدرك أصل موضوع المقال. الذي رسمته الكولونيالية الذكية للسودان أن يتـمَّ رســم خريطـته الجـديدة بأيدي بنـيه ، لا بأيدي من خفيّ من طامعيـن.
إنه انتحار دولة. ترى هل فهم الجنرالات المتصارعون ماذا هم فاعلون ببلادهم. . ؟