السينما في السودان…. الواقع والتحديات!
رئيس التحرير: طارق الجزولي
25 August, 2022
25 August, 2022
gush1981@hotmail.com
بعض المجموعات في وسائط التواصل الاجتماعي، بفضل وجود كثير من المثقفين والأدباء والمختصين فيها، تحولت إلى منتديات ذات طبيعة ورسالة ثقافية وأدبية وربما أكاديمية راقية المستوى؛ لأنها تبتعد عن النقاشات السياسية التي تفرق أكثر مما تجمع، وتنخرط في مناقشة القضايا والمسائل الثقافية بشكل موضوعي، يفضي في أغلب الأحيان إلى إجماع حول مرئيات تصلح لأن تكون مخرجات لورشة عمل بكل ما تحمل العبارة من معنى. ومن هذه المجموعات تلك الجماعة المتميزة التي تضم نخبة من الرجال والنساء الذين يمثلون جميع أنحاء السودان ومختلف الانتماءات الفكرية والمجموعات العمرية، ولكن يجمع بينهم الهم الثقافي والأدبي دون تحيز ضد مجموعة أو فرد، تلكم هي مجموعة الواتساب الموسومة "سُمّار البادية والقافية". ويجب ألا يظن أحد أن هذه المجموعة تنشغل فقط بما يهم البادية من شعر شعبي وفولكلور، وإن كان ذلك من ضمن اهتماماتها، فالأعضاء هنا يشاركون بكل ما هو جميل ومستظرف من الآداب والفنون والفكر بموضوعية تامة، وأتمنى أن يظل هذا ديدنهم؛ حتى تمهد هذه المجموعة الطريق لعمل ثقافي يعيد للساحة الثقافية في السودان ألقها ورونقها الذي افتقدت كثيراً منه. خلال الأيام القليلة الماضية تطرق أعضاء هذه المجموعة المتميزة لواقع السينما في السودان بين الماضي والحاضر وكيف أنها قد كانت متنفساً مقبولاً للعائلات والأفراد بما كانت تقدم من أفلام عالمية وعربية ذات مستوى راقي جداً بل إن بعض الأفلام كانت تعرض في الخرطوم قبل عرضها في البلدان التي أنتجت فيها. وتطرق الحديث لدور السينما التي كانت لها صيت واسع في العاصمة المثلثة مثل كلوزيوم والنيل الأزرق ومؤخراً سينما قاعة الصداقة التي مثلت تطوراً نوعياً فيما يتعلق بدور العرض السينمائي، حيث جذبت طلائع المجتمع وعلية القوم؛ نظراً لما كانت تتميز به من انتقاء للأفلام ومكان مهيئ حتى يكون ملائماً للجميع. وتحدث المشاركون عما كانت تقوم به مؤسسة الدولة للسينما من دور طليعي ورائد لجلب الأفلام والإشراف على توزيعها ومراقبتها وتشجيع صناعة السينما في البلاد، حتى أصبحت السينما هي خيار الناس الأول للترفيه والتثقيف في بعض الأحيان وصار للسينما روادها ومحبيها من كل طبقات المجتمع في كل مدن السودان الكبيرة. لكن البروفسور الطيب إبراهيم بانقا، قد رسم صورة قاتمة لما آل إليه حال السينما في وطننا في الآونة الأخيرة بعد حل مؤسسة الدولة للسينما وتراجع دور الدولة فيما يتعلق بصناعة السينما وإدخال الأفلام سواء من مصر أو غيرها من دول العالم، فتحولت دور السينما إلى خرابات عشعش عليها البوم بعد أن كانت ذات نشاط مشهود. ورغم البداية المبكرة للسينما في السودان منذ عام 1912 حيث عرض أول فيلم وثائقي في الأبيض، ثم بدأت دور السينما تزدهر منذ عام 1940 إلا أن هذا الضرب من الفنون واجه صعوبات عدة حالت دون انطلاقه إلى الأمام، فقد تقلصت دور العرض بشكل كبير، فضلا عن هجرة السينمائيين السودانيين، فنشأت سينما المهجر التي أنتجت أفلاما قصيرة مشهورة ولاقت قبولاً واسعاً ونال بعضها جوائز عالمية إلا أنها لم تعرض داخل السودان. ومن المؤسف حقاً أن هذا التراجع في المجال الفني والثقافي لم يتوقف عند هذا الحد بل طال التلفزيون والإذاعة السودانية؛ فامتدت يد الإهمال إلى كثير من التسجيلات النادرة سواء كانت ذات طابع فني أو أدبي أو سياسي بيد أن هذا كله موروث ثقافي ثر من الأولى أن يحفظ بالطرق المناسبة حتى يصل إلى الأجيال القادمة. علماُ بأنه من السهولة بمكان أن تحول المقتنيات الصوتية-السمعية من التسجيل بالطريقة التماثلية القديمة إلى التسجيل الرقمي؛ خاصة في وجود أجهزة تخزين ذات قدرة استيعابية عالية، مما يسهل الاحتفاظ بكل هذا الكم الهائل من التراث النادر الذي هو جزء من مكونات وجدان هذه الأمة ومن حقها الاحتفاظ به مهما كانت التكلفة. ونظراً لهذا الوضع المحزن، نوجه نداءً عاجلاً إلى القائمين على أمر الثقافة في السودان بأن يلتفتوا إلى الحراك الثقافي، بما في ذلك صناعة الأفلام لما لها من دور في تثقيف المجتمع وإبراز الحراك الفكري والأدبي الذي هو ضرورة ملحة كما الخبز تماماً لأنه يغذي الروح قبل الجسد، على رغم مما تعانيه البلاد من ضنك وشظف في العيش، ومعلوم أن ما لا يدركه جله لا يترك كله. يضاف إلى ذلك أن السودان يزخر بكفاءات لها قدرة مشهودة في مجال صناعة السينما سواء في التأليف أو التمثيل أو الإخراج، فلماذا لا يستفاد من هؤلاء لإثراء الحراك الثقافي والأدبي بحيث نخرج للناس منتجات جديدة تحمل سمات مجتمعنا وتربط الأجيال المستقبلية بماضي هذا الوطن العزيز، وذلك بأقل جهد ممكن؛ خاصة وأن لدينا أشخاص لهم وجود مؤثر في هذا المجال ولديهم خبرات يمكن أن تستغل حتى نواكب التطور الذي حدث في مجال السينما وصناعة الأفلام التي لم تعد وسيلة للترفيه فقط بل يمكن أن تساهم في التعليم والثقافة أيضاً.
بعض المجموعات في وسائط التواصل الاجتماعي، بفضل وجود كثير من المثقفين والأدباء والمختصين فيها، تحولت إلى منتديات ذات طبيعة ورسالة ثقافية وأدبية وربما أكاديمية راقية المستوى؛ لأنها تبتعد عن النقاشات السياسية التي تفرق أكثر مما تجمع، وتنخرط في مناقشة القضايا والمسائل الثقافية بشكل موضوعي، يفضي في أغلب الأحيان إلى إجماع حول مرئيات تصلح لأن تكون مخرجات لورشة عمل بكل ما تحمل العبارة من معنى. ومن هذه المجموعات تلك الجماعة المتميزة التي تضم نخبة من الرجال والنساء الذين يمثلون جميع أنحاء السودان ومختلف الانتماءات الفكرية والمجموعات العمرية، ولكن يجمع بينهم الهم الثقافي والأدبي دون تحيز ضد مجموعة أو فرد، تلكم هي مجموعة الواتساب الموسومة "سُمّار البادية والقافية". ويجب ألا يظن أحد أن هذه المجموعة تنشغل فقط بما يهم البادية من شعر شعبي وفولكلور، وإن كان ذلك من ضمن اهتماماتها، فالأعضاء هنا يشاركون بكل ما هو جميل ومستظرف من الآداب والفنون والفكر بموضوعية تامة، وأتمنى أن يظل هذا ديدنهم؛ حتى تمهد هذه المجموعة الطريق لعمل ثقافي يعيد للساحة الثقافية في السودان ألقها ورونقها الذي افتقدت كثيراً منه. خلال الأيام القليلة الماضية تطرق أعضاء هذه المجموعة المتميزة لواقع السينما في السودان بين الماضي والحاضر وكيف أنها قد كانت متنفساً مقبولاً للعائلات والأفراد بما كانت تقدم من أفلام عالمية وعربية ذات مستوى راقي جداً بل إن بعض الأفلام كانت تعرض في الخرطوم قبل عرضها في البلدان التي أنتجت فيها. وتطرق الحديث لدور السينما التي كانت لها صيت واسع في العاصمة المثلثة مثل كلوزيوم والنيل الأزرق ومؤخراً سينما قاعة الصداقة التي مثلت تطوراً نوعياً فيما يتعلق بدور العرض السينمائي، حيث جذبت طلائع المجتمع وعلية القوم؛ نظراً لما كانت تتميز به من انتقاء للأفلام ومكان مهيئ حتى يكون ملائماً للجميع. وتحدث المشاركون عما كانت تقوم به مؤسسة الدولة للسينما من دور طليعي ورائد لجلب الأفلام والإشراف على توزيعها ومراقبتها وتشجيع صناعة السينما في البلاد، حتى أصبحت السينما هي خيار الناس الأول للترفيه والتثقيف في بعض الأحيان وصار للسينما روادها ومحبيها من كل طبقات المجتمع في كل مدن السودان الكبيرة. لكن البروفسور الطيب إبراهيم بانقا، قد رسم صورة قاتمة لما آل إليه حال السينما في وطننا في الآونة الأخيرة بعد حل مؤسسة الدولة للسينما وتراجع دور الدولة فيما يتعلق بصناعة السينما وإدخال الأفلام سواء من مصر أو غيرها من دول العالم، فتحولت دور السينما إلى خرابات عشعش عليها البوم بعد أن كانت ذات نشاط مشهود. ورغم البداية المبكرة للسينما في السودان منذ عام 1912 حيث عرض أول فيلم وثائقي في الأبيض، ثم بدأت دور السينما تزدهر منذ عام 1940 إلا أن هذا الضرب من الفنون واجه صعوبات عدة حالت دون انطلاقه إلى الأمام، فقد تقلصت دور العرض بشكل كبير، فضلا عن هجرة السينمائيين السودانيين، فنشأت سينما المهجر التي أنتجت أفلاما قصيرة مشهورة ولاقت قبولاً واسعاً ونال بعضها جوائز عالمية إلا أنها لم تعرض داخل السودان. ومن المؤسف حقاً أن هذا التراجع في المجال الفني والثقافي لم يتوقف عند هذا الحد بل طال التلفزيون والإذاعة السودانية؛ فامتدت يد الإهمال إلى كثير من التسجيلات النادرة سواء كانت ذات طابع فني أو أدبي أو سياسي بيد أن هذا كله موروث ثقافي ثر من الأولى أن يحفظ بالطرق المناسبة حتى يصل إلى الأجيال القادمة. علماُ بأنه من السهولة بمكان أن تحول المقتنيات الصوتية-السمعية من التسجيل بالطريقة التماثلية القديمة إلى التسجيل الرقمي؛ خاصة في وجود أجهزة تخزين ذات قدرة استيعابية عالية، مما يسهل الاحتفاظ بكل هذا الكم الهائل من التراث النادر الذي هو جزء من مكونات وجدان هذه الأمة ومن حقها الاحتفاظ به مهما كانت التكلفة. ونظراً لهذا الوضع المحزن، نوجه نداءً عاجلاً إلى القائمين على أمر الثقافة في السودان بأن يلتفتوا إلى الحراك الثقافي، بما في ذلك صناعة الأفلام لما لها من دور في تثقيف المجتمع وإبراز الحراك الفكري والأدبي الذي هو ضرورة ملحة كما الخبز تماماً لأنه يغذي الروح قبل الجسد، على رغم مما تعانيه البلاد من ضنك وشظف في العيش، ومعلوم أن ما لا يدركه جله لا يترك كله. يضاف إلى ذلك أن السودان يزخر بكفاءات لها قدرة مشهودة في مجال صناعة السينما سواء في التأليف أو التمثيل أو الإخراج، فلماذا لا يستفاد من هؤلاء لإثراء الحراك الثقافي والأدبي بحيث نخرج للناس منتجات جديدة تحمل سمات مجتمعنا وتربط الأجيال المستقبلية بماضي هذا الوطن العزيز، وذلك بأقل جهد ممكن؛ خاصة وأن لدينا أشخاص لهم وجود مؤثر في هذا المجال ولديهم خبرات يمكن أن تستغل حتى نواكب التطور الذي حدث في مجال السينما وصناعة الأفلام التي لم تعد وسيلة للترفيه فقط بل يمكن أن تساهم في التعليم والثقافة أيضاً.