الشروع في تجنيس ” كهربجي “
24 June, 2009
د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
تعطل مكيف هواء ب "مكان اقامتي" فقمت بمحاولات يائسة لاستدعاء كهربجي لإصلاح العطل الذي نتج عن تماس كهربائي بسيط. قمت بالبحث في ذاكرة جوالات اعضاء الاسرة فوجدت بها حوالي سبعة من الكهربجية الذين سبق ان تعاملنا معهم خلال السنوات الماضية. عند الاتصال بهم وجدت ان معظمهم قد غير شريحته و ذلك بفضل التطور الكبير في الاتصالات مما جعلها (الشريحه) اسهل شيء يمكن الحصول عليه و اقل ثمنا بكثير من ربع كيلو طماطم. اتصلت بمن وجدته منهم و شرحت لهم حاجتي لخدماتهم كما اتصلت بعدد من الكهربجية الذين يعملون بالقرب من مكان عملي و التقيت علي الأقل باثنين منهم شخصيا. بعد ذلك استعنت بمقاول بناء تربطني به صداقة قديمة و ممتدة و قام مشكورا بالاتصال بعدد من الكهربجية و وعدني بانهم سيحلون تلك المشكلة البسيطة. للامانة و التاريخ لم يرفض أي من السادة الكهربجية الحضور الي المنزل لاصلاح العطل الذي ألم بمكيف الهواء بل كانوا في منتهي الود و الكياسة و كلهم وعدوا "خيرا" بما فيهم ابن شقيقي الذي تربطني به علاقة اسرية ممتازة. لكن احد منهم لم يفي بوعده كما ان أي منهم لم يتكرم بالاعتذار عن الحضور، لذلك لم اخذ القضية بشكل شخصي و انما اتخذت قرارا نهائيا حول ذلك الموضوع.
كان القرار الذي اتخذته هو الشروع في تجنيس كهربجي ، فقمت فورا بالاتصال بعدد من اصدقائي المقيمين بقاهرة المعز و طلبت منهم البحث لي عن شاب يجيد صنعة الكهرباء و التفاوض معه من اجل تجنيسه. و كان شرطي الوحيد هو ان لا يكون متزوجا حتي لا أعاني من مشاكل " لم الشمل ". بالمقابل سأقوم باستئجار سكن للمجنس و دفع إيجاره لمدة شهر واحد و هي الفترة اللازمة لتوفيق أوضاعه العملية في السودان. . لم يكلفني الاتصال بالقاهرة كثيرا فهو لم يتعدي تكلفة نصف دستة من البرتقال المصري الذي يباع " بالهبل " في شوارع الخرطوم. كانت تفاصيل العقد بسيطة وهي ان يوافق الكهربجي علي العمل لي بإصلاح أي عطل يحدث بمنزلي او أي من افراد العائلة مجانا و علي وجه السرعة خاصة و انني قد بدأت إجراءات بناء منزل و اتوقع استمرارها لسنوات طويلة باذن الله. في أوقات الفراغ يحق للكهربجي العمل حرا في السوق كيفما يشاء بشرط ان يورد لي ايراد يومي لا يزيد عن إيراد سائق " ركشة " مقابل التصرف فيها علي كيفه في عاصمتنا الحضارية الخرطوم. ما دفعني لذلك الإجراء هو الخوف من القرار الصادر حول إنهاء العمالة الاجنبية بالسودان بنهاية العام الحالي و هو ما سيجعلني بدون كهربجي يمكنني الاستعانة به وقت الحاجة. مع الأخذ في الاعتبار ان إجراءات التجنيس لن تكلفني مصاريف وكيل او وفد مقدمة. ارجو ان يتم تكوين جمعية في السودان تسمي " جمعية حب العمل السودانية " لتعليم أعدادا كبيرة من " الصنايعية " في السودان حب العمل و التفاني و الإخلاص فيه كشروط اساسية للكسب و تطوير المهنة و استمرارها بعطاء جيد و ان يتم ذلك قبل انهاء خدمات العمال الاجانب. ملاحظة أخيرة و هي ان سبب الاستعانة بمصري ناتجة عن سرعة اندماج الاخوة من شمال الوادي في المجتمع السوداني اضافة لإجادتهم للعمل و الجدية فيه مع عوامل اللغة و الثقافة المشتركة ، و هو ما جعلني أفضلهم علي العمالة الوافدة من غرب أفريقيا و التي لا تحتاج لجنسية للإقامة في السودان و لكن تحتاج لها لتلعب كرة القدم فقط.