الشعب السوداني الواعي امام نظام الحكم الباغي

 


 

 

سبق وان كتبت مقال بعنوان يقارب او يطابق العنوان اعلاه. وبما ان الوضع لم يتغير بل ازداد تعقيدا حتى على منفذيه ولا اقول فاعلييه. لقناعتي التامة بأنهم ليس سوى أدوات و"خدام" ينفذون ما يأتيهم من أوامر عليا من جهات عديدة متضاربة المصالح؛ وهذه الجهات العديدة تعلم ان هناك جهات غيرها تعطي هي الاخرى أوامر للتنفيذ. ويبقى الذكاء في تجيير كل جهة عليا أوامر الجهة المغايرة لمصلحتها هي؛ عبر الادوات المنفذة في السودان اي المجلس السيادي العسكري والمتخفين خلفه من لجنة المخلوع البشير الامنية التي ما هي الا واجهة للحركة اللا إسلامية.
تبدأ حيرة الشعب السوداني في ان يجد ان هناك مجموعات تتصدر المشهد دائما و تستأسد عليه بقوة السلاح وقوة المال. هناك مجموعات اقل منها قوة تريد ان تفرض عليه رؤاها الحزبية وتعتبر انها اكثر من يعرف مصالح الشعب وتستقوى بحملة السلاح من القوات النظامية وغير النظامية.

اذن إنتبه أصحاب المصالح من الدول الاجنبية الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة وروسيا والصين واوربا بصورة عامة بأن كثير من المواد الخام السودانية وخاصة المعادن من بترول وذهب ويورانيوم يمكن وضع اليد عليها وامتلاكها بثمن بخس؛ وكذلك انتبه اصحاب المصالح من دول اخرى كأيران وتركيا وبعض دول الخليج بالاضافة الى مصر بأن لهم مصالح استراتيجية في السودان وخاصة في مجال الامن الغذائي والمياه وبجانب ذلك التحكم في التجارة العالمية عبر التحكم في المؤاني الاستراتيجية على البحر الأحمر، وكيف انهم يمكنهم اقتسامها باسعار زهيدة وربما مجانا في ظل وجود حكومات فاسدة وخاصة الحكومات العسكرية. بإعتبار ان الحكومات العسكرية تحتاج لحماية خارجية مساندة لتظل على كرسي الحكم بصورة مستقرة ومستديمة لاتخشى التغيير، ومن أجل ذلك فانها مستعدة لبيع كل موارد البلاد وخيراتها مقابل البقاء في كرسي الحكم.

من ناحية اخرى اقتنع الانتهازيين واللاوطنيبن وتجار الحروب والازمات بأن مصالحهم القبلية او الجهوية او الحزبية والشخصية في موالاة العسكر واصحاب السلاح والاجهزة الامنية والاستخباراتية والشرطية، مقابل حماية العسكر لهم ومقابل تسييرهم كمدنيين للسلطة المدنية تحت حماية "سيوف" العسكر!!!
هذا التحليل ينطبق على كل دول العالم الثالث وخاصة الدول الإفريقية وكدليل على ذلك بقاء معظم تلك الدول لخمسينات السنين تحت الحكم العسكري دون وجود آلية للخروج من ذلك المأزق الكارثي !!! إذا نظرنا الى السودان الان نجد نفس الحألة مع عدم وجود حل معقول و مقبول من الغالبية للخروج من المأزق!!!
يبقى ان كل تلك الدول الكبرى او غيرها من اصحاب المصالح تعلم علم اليقين رفض الشعب السوداني قاطبة لاستمرار العسكر في الحكم، وان بقاءهم في الحكم سيؤدي لانهيار الدولة وتفتيتها وبذلك تضيع مصالحهم أو تتأخر ولو بصورة مؤقتة. كما أن الوضع الاقتصادي العالمي المتأزم لا يسمح لهم بالتفريط في موارد وخيرات السودان ولو وقتيا!!! وكذلك تعلم تلك الدول ان بداية الحل ونهايته للأزمة السودانية تتمثل في وجود نظام حكم مدني يتمتع فيه جميع المواطنين بنفس الحقوق والواجبات دون أي تمييز قبلي او جهوي او حزبي، وان يكون هناك نظام توالي سياسي وانتخابات حرة نزيهة.

يبقى السؤال هو ان العسكر وحاضنتهم السياسية الانتهازية يمتلكون السلاح والسلطة والمال فكيف يقبلون التنازل عنها، خاصة وانهم يعلمون انه اذا تحقق حكم مدني حقيقي، فقد يحاسبوا هم ومن خلفهم على كل ما ارتكبوه من جرائم حرب وقتل وفساد ناهيك عن مصادرة تلك الاموال التي "سرقوها" من أموال الشعب!!! وهو امر تصعب معالجته دون وجود مفاوضات وتسويات ومخرج أمن لهم!!! والا فهم سيتمسكون بالحكم حتى اخر رمق والدليل انه رغم خطاب الانقلابي البرهان في يوم 04/07 وخطاب حميدتي في ورغم ان ظاهر الخطابين هو ترك الساحة السياسية للاحزاب المدنية ولجان المقاومة لتشكيل الحكومة المدنية، ولكن الحقيقة هي غير ذلك تماما، والدليل هو قيام البرهان بعدها بتعيين بعض العسكر كسفراء في بعض الدول مما يعني انه يعتبر نفسه بمثابة رئيس الدولة. كما ان حميدتي في خطابه يقول انه فؤجي بالخراب في دارفور في حين ان الحرب القبلية في دارفور وحرق القرى وتهجير السكان المحليين ما كان ليحدث دون مشاركة أو موافقة من حميدتي ومليشياته.

من ناحية ثانية، ان الاختلافات السياسية والتكتيكية والاستراتيجية بين مختلف الاحزاب فيما بينها وكذلك مع لجان المقاومة شيء طبيعي، باعتبار انهم لم تتاح لهم فرصة ممارسة سياسية سوى 14 عاما متفرقة خلال 66 عاما منذ الاستقلال. لكن، حتى اذا صعب اتفاقهم في وقت وجيز، فهو امر لا يبرر استمرار العسكر في تمسكهم بما يعادل 82 في المائة من موارد الدولة، والاستمرار في تهريب ثروات البلاد من الذهب وغيره. بل على العسكر اذا كانوا صادقين القيام بمهامهم الدستورية الا وهي حفظ الامن داخليا وحفظ الحدود خارجيا. بينما أنهم اكثر نقطتين ثبت فشلهم فيهن. مما كان يستدعي استقالة كل هذه الرتب العظمى بالقوات النظامية والشرطية والاستخباراتية. خاصة إن عدد هذه الرتب من اللواءات والفريق والفريق اول، هم اكثر من عددهم في الجيش الفرنسي. بالاضافة الى وجود أعداد كبيرة من لك الرتب في قوات الدعم السريع وكل الحركات المسلحة.

يبقى على الاحزاب السياسية ولجان المقاومة تشكيل حكومة اولية في هذا الاسبوع وقبل نهاية شهر يوليو الحالي و أستلام السلطة ، ويمكنهم بعد ذلك القيام بتعديلات عديدة في الوزارات بما يتناسب مع المرحلة. كذلك ينبغي على الشعب السوداني التجهيز للاعلان للاعتصام في كل المدن في يوم 30/07/2022م وعدم الرجوع منه الا بتسليم الحكومة للمدنيين.
أنشد المرحوم حسن خليفه العطبراوي
"مرحبتين بلدنا حبابا
حباب النيل حباب الغابة
ياها ديارنا نحن اصحابا..
نهوي عديلا ونرضي صعابا
***
نحن بلدنا بي خيراتا
البلد البتشبها ياتا؟؟
هي حياتنا واحنا حياتا
وما بندور بلاها وحاتا
***
بسواعدنا راح نبنيها
وابدا ما بنفرط فيه"

wadrawda@hotmail.fr

/////////////////////////////

 

آراء