الشهران القادمان
6 October, 2009
أقاصي الدنيا
suadninexile195@hotmail.com
إذا كانت المقدمات تتسق مع النتائج بسلاسة منطقية فإن الشهرين القادمين هما الأكثر شدً ولطماً وانخطافاً وجذباً في تاريخ السودان بناء على ما تم قبلهما .
القوى السياسية الشريكة منها في الحكم والمعارضة، معارضة (راشدة) والمعارضة، معارضة (حاقدة) والمعارضة، معارضة الباحث عن رضى وتعافي، والانفصالية منها وشبه الوحدوية، هرعت لجوبا في لقاء جمع التضاد وعضّد التنافر ووحد المثنى وأثبت أن المفرد يمكن أن يكون جمعاً.
لقاء سياسي قوامه قوى تاريخية وقوى التحقت بالتاريخ وأخرى تحاول الالتحاق به وقوى حاولت أن تخدع التاريخ فخدعها، لكن رغم هذا المظهر المنتسب للتاريخ كان أشبه بحفل (الزار السياسي)!!
إذا كان (الزار) يعني في جانب من جوهره الإسقاط الباطني الرمزي الكثيف والتداعي الداخلي فإن بعض الأحزاب المشاركة في هذا المؤتمر كانت تجسّد هذا المعنى برمزية تؤكد أن الأحزاب يمكن أن تمرض ويمكن أن تشيخ ويمكن أن تصاب (بالريح الأحمر) لكنها لا يمكن أن تعقل في ظل حمأ هذه (الدسترة) !!
سبجان ربك فحفل هذا (الزار السياسي) جمع بين الراتب والديالتيك وآخى بين السودان الجديد وقوى الانفصاليين الجنوبيين والمنظمات والخواجات ووكالات الأنباء وما كان لهذه المنظومة أن تتسق اتحاداً ونضارة على هذا النحو لو لم تكن معاني (الزار) حاضرة (فالمدستر) عادة يجلد تاريخه بسياط من أماني تحت لسع (أولاد ماما) وتأثير (اللولية) !!
أعادني هذا المشهد لتجربة التجمع الوطني الديمقراطي الذي جمع وما أوعى فقد كان طيفاً بلا مدى انصهرت فيه الخبرة السياسية والتاريخية بالقوى النوعية. عسكرية ونقابية ومهنمية، لكنه انهار ليس بسبب ضمور قواه ولكن بسبب أن برنامجه لم يكن عريقاًَ في أذهان أكبر قواه فتحول من كتلة ضمت الجميع لتكوين أنتجه مأزق وانتهى مشاركاً في حكومة الوحدة الوطنية والبرلمان بعد عودته للبلاد من (بوابة مدينة الحجّاج) ذات عز ليل.
استطاعت الحركة الشعبية في هذا اللقاءي الذي تبنته بجوبا انتزاع مكاسب لصالحها ولصالح توازنها الداخلي فقد شرعنت شكّها في التعداد وانتصرت لحرصها على إجراء تقرير المصير في موعده ودفعت بجملة من المعيقات لإجراء الانتخابات في أبريل بمعنى أنها وجدت من يعينها على ترتيب أولوياتها بتعطيل الانتخابات وتقديم الاستفتاء وقدمت مشتركاً يجمع بينها وبين قوى المؤتمر هو العمل على إلغاء القوانين المقيدة للحريات في تاريخ أقصاه 30 نوفمبر ودون ذلك مقاطعة الانتخابات فانتصرت لدواخلها ولدواخل المؤتمرين.
الأحزاب التي شاركت لا تجمعها آصرة بالحركة عدا الحزب الشيوعي، فحزب الأمة الأم توترت علاقته بالحركة لحد تبادل الرسائل وكان هذا التوتر مدعاة لحزب الأمة للتوجه نحو جيبوتي لاصطياد أرنب تحول لفيل. أما الشعبي والحركة الشعبية فلا رابط بينهما إلا أنه (شعبي) والحركة (شعبية) والشعب يريد الحياة.
بعد انفضاض هذا الحشد طالعنا الأستاذ باقان أموم بتصريح مدهش فحواه أنه في حالة تلكوء المؤتمر الوطني في الاستجابة لكل ما جاء في إعلان جوبا فإنه سيحمل الإعلان ويطوف به على المجتمع الدولي للضغط على المؤتمر الوطني لإجباره للانصياع لمقررات المؤتمر !!
أهم القضايا ذات الخلاف بين الحركة والمؤتمر الوطني تتمثل في قانون الأمن الوطني، والنقابات والاستفتاء وموعده وقضايا أخرى، ومعنى تطواف باقان الدولي أن فرنسا مثلاً ستشارك في صياغة قانون الأمن الوطني والاتحاد الأوربي وفروعه المسماة بالاتحادات الصفراء في الأدب الاشتراكي القديم سترسم ملامح قانون النقابات، فيما تعمل بريطانيا بحكم تجربتها الاستعمارية في السودان وإلمامها المقدر بإنسان السودان فى صياغة قانون الاستفتاء. أما الولايات المتحدة فستتوافر على حل قضية (الحواكير) بحكم أنها اختارت ملف دارفور ضمن التقسيم الدولي لقضايا السودان .. ماهذا الندى الوطني الرطيب يا باقان ؟!!
أيها الساسة نحن أمام تحد يهدد بتقسيم ما ورثناه عن أجدادنا فإما أن تصغر الأرض أو تكبروا أنتم !!!
* نقلاً عن الاحداث