الشيخ إبراهيم السنوسي في ميدان رابعة العدوية

 


 

سارة عيسى
19 July, 2013

 





التسونامي الذي حدث في مصر أربك جميع المراقبين للأزمة المصرية ، فقد أربك حتى الولايات المتحدة صاحبة التنبؤات السياسية وصانعة الزعماء ، بعد ثمانين عاماً من السجون والمطاردة عاد الإخوان لنفس المربع الأول ، وما تبقى لهم من حكم مصر هو ميدان رابعة العدوية حيث يختبئ المرشد وحواريه  وهم يجأرون ويدعون الله ليل نهار حتى يعود رئيسهم محمد مرسي لسدة الحكم  ، وهذه العودة أشبه بدخول الجمل في سم الخياط ، وهذه مرحلة تجاوزتها الأحداث ، وميدان رابعة العدوية  الذي يحتشد فيه الإخوان أشبه بجحر الأرنب التي تحفر الأرض ثم  تهيل  التراب في المدخل   مما يجعل دخولها للمسكن الجديد أمرٌ فيه مشقة  وعنت ، وقريباً لن يعدم النظام وسيلة في تشتيت هذا الخليط الغريب من البشر ، فالأجهزة الأمنية في مصر إستعادت زخمها القديم ، وخطوتها القادمة تعتمد على خطوة مجنونة يقدم عليها  الإخوان مثل تنفيذ عملية إغتيال أو تفجير عبوة ناسفة  يسقط  من جرائها عدد من الأبرياء ، وبعدها يكون رد الفعل الأمني أضعاف مضاعفة لما حدث لهم بعد حادث المنشية في زمن الرئيس جمال عبد الناصر ، ولقد لجأ النظام الجديد حالياً لسياسة تجفيف المنابع المالية لتنظيم الإخوان المسلمين ومصادرة الأموال التي في حوزة الجماعة . وهذه السياسة سوف تأتي أكلها على المدى البعيد ،  ولا أعتقد أن ميدان رابعة العدوية سوف يمثل نقطة ضغط على النظام الجديد .
نعود للمشهد السوداني ، فهذا التسونامي فعل فعله أيضاً  في الظل السوداني ، وحتى هذه اللحظة يُعتبر موقف الحكومة السودانية محايداً من الأزمة عندما وصفت بأن ما يجري في مصر هو شأن داخلي ، ولا أنهم كانوا صادقين في هذا الزعم ، فقبل الثلاثين من يونيو أكد الرئيس البشير أن زيارته لمصر قائمة ، ومن هذا التأكيد نحس  أن الرئيس البشير لم يكن يتوقع سقوط أخيه المسلم  محمد مرسي بهذه السرعة ، وهذه الزيارة كان الغرض منها  تقديم الدعم المعنوي لنظام الإخوان في مصر  الآيل للسقوط ، و لا زال هناك غموض يكتنف  موقف الحزب الحاكم في السودان ، فالحكومة السودانية مثلاً لم تهنئ الحكومة الإنتقالية الجديدة  في مصر بمناسبة التشكيل ، وصحف النظام في الخرطوم تتحدث عن الإنقلاب الذي وقع في مصر وتروج لأطروحات حزب رابعة العدوية ، إذاً لا زال النظام مرتبكاً وحائراً ولكنه لم يندفع ببقره وخرفانه كما فعل مع  ثورة الخامس والعشرين من يناير ، وقتها طار البشير للقاهرة وهنأ النظام الجديد وتمكن من مقابلة المرشد في قصر القبة  ، بل أن الرئيس البشير تنكر وقتها للرئيس حسني مبارك وشتمه بأقذع الألفاظ ، والغريب في الأمر  أنه أعتبر نفسه جزءاً من الربيع العربي وصاحب سابقة فيه .
لكن الأزمة المصرية كشفت لنا جزءاً من المستور ، وهو الرباط  المقدس بين حزبي الترابي والبشير فيما يخص الأزمة المصرية ، فالترابي مهندس إنقلاب 30 يونيو 89 يقف الآن ضد إنقلاب 30 يونيو 2013 في مصر ، والغريب في الأمر خروج مظاهرة هزيلة بقيادة الشيخ إبراهيم السنوسي  في الخرطوم ، وقد رفع المتظاهرون على قلتهم صوراً للمخلوع محمد مرسي ثم توجهوا نحو القنصلية المصرية وقاموا  برفع مذكرة إحتجاج تطالب بإطلاق  سراح المعزول مع عودته للحكم !!!! وبذلك يكون الشيخ إبراهيم السنوسي قد غبّر رجليه في سبيل الله وقام بالمطلوب ، وكما يقول المثل السوداني ابو (كوكتين ) يعترض على  حكم أبو (كوكة ) – مع الإعتذار في التوصيف ، وربما يكون الشيخ السنوسي قد نسى مقولة الدكتور الترابي الشهيرة  في يونيو 89 عندما قال للبشير : اذهب للقصر رئيساً وانا سوف اذهب لكوبر سجيناً ، وربما يكون الشيخ السنوسي قد نسى بيوت الأشباح والمشانق التي اقامها نظام البشير وهو ينكل بمعارضيه ، وربما يكون قد نسي حروب نظام البشير في دارفور والجنوب ، وهذا غير عملية التمكين والتي تسببت في طرد العديد من وظائفهم بسبب ولائهم السياسي ، فلا أعتقد أن عيون الشيخ السنوسي تعتبر أن في ذلك حرجاً ، فهو كان مؤيداً لتلك السياسة الإقصائية ، يباركها في السودان ويرفضها في مصر ، ما حدث في مصر هو ثورة نفذها الشباب الواعي والمدرك ، وليس اؤلئك الشباب السودانيين الذين أوهمهم  الإخوان بدخول الجنة عن طريق الموت في حرب الجنوب  ثم تنكروا لهم بعد ذلك ووصفوهم بالفطائس ، فأزمة الإنقاذ أنها ترى الأزمة في مصر بنظارة مرسي ولا تعير إنتباهاً للحشود التي خرجت ضده . كان المرحوم الزبير محمد صالح وهو يعيش أوج المشروع الحضاري : يجب أن يموت ثلثي السودانيين ويحيا ثلث واحد من أجل إقامة الدولة الإسلامية ، ولا أعتقد أن مصر يُمكن أن تضحي بستين مليون مصري مقابل مئة ألف مختبئ  ومتواري عن الأنظار في ميدان رابعة العدوية .





sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء