الصحفى المصرى ابراهيم عيسى يرد على نافع عل نافعِ!

 


 

تاج السر حسين
11 February, 2012

 


royalprince33@yahoo.com
بدأت فى كتابة مقال ردا على حديث (الضار) الكبير (نافع على نافع) الذى أضحكنى كثيرا وقال فيه (بأنه سوف يتخلى عن السلطه لو كانت تلك رغبة الشعب السودانى ) أو ما معناه .. فوجدت مقالا للصحفى المصرى الشجاع (ابراهيم عيسى) الذى واجه (مبارك) وهو فى السلطه وفى عز قوته وصولجانه وأمن دولته، ووقتها ما كان كثير من الطافحين على السطح الآن فى مصر يجرؤون، على ذكر اسمه بالخير أو بالشر.
كتب (ابراهيم عيسى) على صحيفة التحرير بتاريخ 10 فبراير مقالا عنوانه (يذبحون أنفسهم بأيدهم)  يشبه الحال السودانى كثيرا، جاء فيه ما يلى:-
يقول الكواكبى "إن الاستبداد لو كان رجلا وأراد أن يحتسب وينتسب لقال" :أنا الشر وأبى الظلم وأمى الإساءة، وأخى الغدر وأختى المسكنة، وعمى الضر وخالى الذل، وابنى الفقر وابنتى البَطَالة، وعشيرتى الجَهَالة ووطنى الخراب، أما دينى وشرفى وحياتى فالمال، المال، المال". ثم هؤلاء الطيبون الفقراء محدودو الدخل الذين ينتظرون العلاوة والكادر الخاص والحوافز ويخرجون فى مظاهرات فئوية يطالبون بحقوقهم الدنيا، هم من قصدهم عبد الرحمن الكواكبى حين قال: "إن العَوَام هم قوة المستبد وقوته، بهم وعليهم يصول ويطول، يأسرهم، فيتهللون لشوكته، ويغصِب أموالهم، فيحمدونه على إبقائه حياتهم، ويهينهم فيثنون على رفعته، ويُغرى بعضهم على بعض، فيفتخرون بسياسته، وإذا أسرف فى أموالهم، يقولون كريم، وإذا قتل منهم ولم يمثِّل يعتبرونه رحيما، ويسوقهم إلى خطر الموت، فيطيعونه حذر التوبيخ، وإن نَقَم عليه منهم بعض الأُباة قاتلهم كأنهم بُغاة، والحاصل أن العوام يذبحون أنفسهم بأيديهم بسبب الخوف الناشئ عن الجهل والغباوة، فإذا ارتفع الجهل وتنوّر العقل زال الخوف، وأصبح الناس لا ينقادون طبعا لغير منافعهم كما قيل: العاقل لا يخدم غير نفسه، وعند ذلك لا بد للمستبد من الاعتزال أو الاعتدال. وكم أجبرت الأممُ بترقِّيها المستبدَ اللئيمَ على الترقِّى معها والانقلاب، رغم طبعه، إلى وكيل أمين يهاب الحساب، ورئيس عادل يخشى الانتقام، وحينئذ تنال الأمة حياة راضية هنيّة، حياة رخاء ونماء، حياة عز وسعادة".
نظرية الكواكبى هى التى تؤكد عندنا أن من خرج يوم 25 يناير، وفى جمعة الغضب وأيام الثورة الثمانية عشرة كانوا أحرار مصر، أصحاب الوعى والموقف، بينما تسلّم الثورة بعدها جمهور الديكتاتور الذى فرح بسقوطه ثم قرر أن يسلم نفسه لديكتاتور آخر فورا، كان هو المجلس العسكرى أو شيوخ التيار الدينى أيًّا كان، لكنه لا يطيق أن يعيش دون ديكتاتور مستبد، وكل ما نراه -على مدى عام بعد الثورة- هو صراع بين أحرار مصر وجمهور المستبد الذين يتحفوننا بأسئلة: هىّ العيال اللى فى التحرير عايزة إيه؟ وارحموا البلد، وآدى اللى خدناه من الثورة.
والحقيقة أن عددا لا بأس به من جمهور المستبد قد وصل أيضا إلى البرلمان!
لكن المستبدّ -كما يصفه الكواكبى- "يودُّ أنْ تكون رعيَّته كالغنم دَرًّا وطاعة، وكالكلاب تذلُّلا وتملُّقا، وعلى الرَّعية أنْ تكون كالخيل إنْ خُدِمَت خَدمتْ، وإنْ ضُرِبت شَرِست، وعليها أن تكون كالصقور لا تُلاعب ولا يستأثر عليها بالصّيد كلِّه، خلافا للكلاب التى لا فرق عندها أُطعمت أو حُرِمت حتَّى من العظام، نعم، على الرّعية أن تعرف مقامها: هل خُلِقت خادمة لحاكمها، تطيعه إنْ عدل أو جار، وخُلق هو ليحكمها كيف شاء بعدل أو اعتساف؟ أم هى جاءت به ليخدمها لا يستخدمها؟".
ويمضى الكواكبى ليشرح أن الحكومة المستبِدة تكون طبعا مستبِدة فى كل فروعها، من المستبدّ الأعظم إلى الشرطى، "ولا يكون كلُّ صنفٍ إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقا، لأن الأسافل لا يهمهم طبعا الكرامة وحسن السمعة، إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدومهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشرِهون لأكل السقطات من أىٍّ كان ولو بشرا أم خنازير، آباءهم أم أعداءهم، وبهذا يأمنهم المستبدُّ ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه، وهذه الفئة المستخدَمة يكثر عددها ويقلُّ حسب شدة الاستبداد وخفّته، فكلما كان المستبدُّ حريصا على العسف احتاج إلى زيادة جيش المتمجّدين العاملين له المحافظين عليه، واحتاج إلى مزيد الدقّة فى اتِّخاذهم من أسفل المجرمين الذين لا أثر عندهم لدينٍ أو ذِمّة، واحتاج لحفظ النسبة بينهم فى المراتب بالطريقة المعكوسة، وهى أن يكون أسفلهم طباعا وخصالا، أعلاهم وظيفة وقُربا، وهكذا تكون مراتب الأعوان فى لؤمهم حسب مراتبهم فى التشريفات والقربى منه".
رحم الله الكواكبى.. فقد كان يعرفنا!
انتهى مقال (ابراهيم عيسى) الرائع.
وبالعوده لحديث (الضار) بنفسه ووطنه (نافع على نافع) الذى كرر قول (رئيسه) عمر البشير، بأنه سوف يتخلى عن السلطه أذا شعر بأن الشعب السودانى غير راغب في بقائه .. ولا أدرى ماهى الطريقة التى يريد أن يعرف بها (نافع) أن شعب السودان يمقتهم ولا يرغب فيهم بعد أن زوروا الأنتخابات وكادوا أن يزوروا استفتاء الجنوب وكانوا واثقين من ذلك لولا وعى شعب الجنوب البسيط الذى اتهمه (ذيل) النظام (خالد المبارك) بالأميه والجهل، فى الحقيقه كانوا رغم بساطتهم أذكياء بامتناعهم عن التصويت فى الشمال الا بالقدر الضئيل جدا الذى لا يسمح بالتزوير والفبركه، وأن حدث لا يؤثر على قرارهم ورغبتهم فى تقرير مصيرهم بالتخلى عن دوله يحكمها (ظالمون) وفاسدون ومستبدون وشعبها وعيه مغيب ومضلل وكيف يعلم (نافع) أن كان فعلا (لا يعلم) .. بأن الشعب غير راغب فيه والأعلام (اتجاه واحد) ومحتكر للأزلام والطبالين والأرزقيه؟ ومتى اتاحوا الفرصه لمعارض حقيقى لا (شبه معارض) يبحث عن الفرصه التى تتكرم من خلالها (عصابة) المؤتمر الوطنى عليه بدريهمات ومنصب أو وظيفه تريحه وتجعله يعيش فى بحبوبه ومستوى مقارب لأزلام (المؤتمر الوطنى)، فى وقت يعيش فيه الشرفاء من ابناء الوطن فى فقر وجوع ومرض، ارادتهم مغتصبه ومسلوبه تحت القهر والفساد والأستبداد.
الا يعلم (نافع) كيف تحشد الحشود الجماهيريه وكيف تصرف ملايين الجنيهات ومن يقومون بذلك العمل وكيف تستجاب المطالب التى كانت مرفوضه فى السابق من أجل أن يصل (رئيسه) الى منطقة أو اقليم من اقاليم السودان لكى خطب خطابا يظهره أمام العالم وكأنه مؤيد من شعبه؟
وهل يعقل أن يتخلى الطغاة عن السلطه وهم يعلمون بأن مصيرهم اذا تركوها سوف يشبه حال لاعب كرة القدم الذى يطرد بالبطاقة الحمراء لسوء سلوكه، فلا يسمح له بالبقاء داخل الملعب ولا على دكة البدلاء، وأنما يذهب (للخارج) تماما .. فكذلك حالهم اذا تركوا السلطه بارادتهم أو عن طريق صناديق الأنتخابات .. الى (لاهاى) مباشرة .. وهو مصير فيه كثير من الرحمه لا يتناسب مع ما ارتكبوه من فساد وجرائم قتل واباده ولا يمكن مقارنته بمصير (القذافى) أو (مبارك)، فالأول قتله الثوار على أبشع صوره والثانى يلاقى ذلا ومهانة اكرم منها الموت وسجون (لاهاى) ذات الخمسه نجوم.
الا يكفى (نافع) أن كان لا يعلم ما قاله المهندس الشاب البوشى فى وجهه " أنت اسوأ من وطأت قدماه الثرى"؟
الا يعلم (نافع) أن كان (لا يعلم) فعلا، بأنه (مكروه) حتى وسط رفاقه من ازلام (المؤتمر الوطنى) وأرزقيته؟
الا يعلم (نافع) كيف يشترون البسطاء المطحونين بمالهم الذى جمعوه (منهم) فى شكل ضرائب واتاوات طالت حتى (ستات الشاى) والباعه الذين يفترشون الأرض من أجل توفير لقمة عيش لصغارهم؟
الا يعلم بأنهم (شرعنوا) الواسطه والمحسوبيه والتمييز القبلى والطائفى ولا زال التمكين (شريعتهم) والأحتكار (جهادهم) والفساد (رخصهم)؟
الا يعلم نافع بأنهم يمارسون مع (اكرم) شعب على وجه الأرض سياسة (جوع كلبك يتبعك)؟
الا يستحى هؤلاء الأزلام، من أنهم (يتسولون) الأموال يوما من (ايران) ويوما من (قطر) وبعد 23 سنه كان العالم ينتظر فيها السودان وقد اصبح (سلة لغذائه) يأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع؟
فاذا بكيلو (الطماطم) فى يوم من الأيام يصل الى 24 جنيه فى وقت كانت تباع فى دولة مجاوره هى (مصر)، التى يسكنها 90 مليون انسان بجنيه واحد فقط ؟
وكان كيلو اللحم فيها اقل سعرا من البلد المنتج (السودان) ، فمتى وكيف تريد أن تعلم بأن شعب السودان غير راغب فيك وفى من معك؟
هل تنتظر اندلاع ثوره تحرق مراكز الشرطه قبل أن تأتى على الأخضر واليابس؟
صدق من قال (ان كنت جالس على الكرسى وأنت لا تعلم  بما فعلتموه بشعب السودان فتلك مصيه، أما أن كنت تعلم ولا زلت متشبثا بذلك الكرسى ، فالمصيبه أكبر).

 

آراء