الصمود .. حتى تحقق الثورة أهدافها بقلم : د. عمر بادي
عمود : محور اللقيا
للتاريخ تجارب في الإنتفاضات و صمودها حتى تحقق أهدافها و لكن هنا تتراءى في مخيلتي تجربة حركة ( تضامن ) التي تزعمها ليخ فاليسا في بولندا في ثمانينات القرن الماضي , فقد كانت حركة تضامن مثالا للصمود على المبادئ و الإصرار للسير على طريق الثورة حتى بلوغ أهدافها .
في عام 1980 قاد عامل الكهرباء ليخ فاليسا تظاهرات عمال حوض بناء السفن في مدينة جدانسك في بولندا التي كانت تحت حكم المنظومة الشيوعية لشرق أوربا و الإتحاد السوفيتي , و كانوا يطالبون بتحسين ظروف العمل و بحقهم في تكوين نقابات عمالية و قد وجدوا تجاوبا من عامة الشعب فإزداد عدد المتضامنين معهم و قام ليخ فاليسا بتسمية حركته بحركة ( تضامن ) . عند ذاك فرضت السلطات الحكومية في بولندا الأحكام العرفية و حظرت حركة تضامن و القت القبض على فاليسا و تركته رهن الإعتقال لمدة أحد عشر شهرا ثم أطلقت سراحه بعد ذلك , و نتيجة لمواقفه البطولية السلمية و صموده على مبادئه نال ليخ فاليسا جائزة نوبل للسلام في عام 1983 . ظلت جذوة الثورة متقدة في دخيلة ليخ فاليسا فقام بقيادة الإنتفاضة مرة ثانية عندما تجددت الإحتجاجات في عام 1988 عند بداية إنهيار المنظومة الشيوعية , و عندها دخلت الحكومة البولندية في تفاوض مع حركة تضامن بقيادة ليخ فاليسا مما أكسبها أن تصير في عام 1989 حزبا شرعيا فشارك في إنتخابات عام 1990 و فاز فيها ليخ فاليسا بمقعد الرئاسة و صار رئيسا لبولندا !
دعونا نتحدث عن مكامن القوة التي نمتلكها للتحول الديموقراطي و التي يجب ان نحافظ عليها و نعض عليها بالنواجذ :
1 – إستعداد قوى الشعب الثورية لتنظيم التظاهرات متى تطلب الأمر ذلك , و الإعتماد هنا على قوة الشباب الحركية و التواصلية و إندفاعاتهم الثورية و وطنيتهم الطاغية التي لا تتوانى عن التضحية بالنفس في سبيل الوطن و الشباب بالحق كنت قد نعتّهم كثيرا في مقالاتي أنهم كتيبة الصدام الأولى .
2 - عودة النقابات الوطنية إلى دورها القديم بعد حل نقابات التسيير الموالية للمؤتمر الوطني البائد و قد كان لعمال السكة الحديدية الذين وفدوا بالقطار من عطبرة و معهم المفصولين تعسفيا دور في هذا القرار ,. هذه النقابات الوطنية سوف تلعب مرة ثانية دورها الكبير في توجيه مسار الحكومات إلى ما فيه مصلحة المواطنين , و النقابات الوطنية بالحق كنت قد نعتهم كثيرا في مقالاتي أنهم كتيبة النضال المفقودة .
3 – تضامن قوى إعلان الحرية و التغيير و تماسك مكوناته و نبذ الخلافات بينهم و وضع مصلحة الحراك فوق أي مصلحة جزئية و ان تكون اللجنة الممثلة لهم في إجتماعاتهم مع المجلس العسكري الإنتقالي قد تمت الموافقة عليها بالإجماع بدون تخطٍ لأي مكون .
هذه اللجنة الممثلة لقوى إعلان الحرية و التغيير تعمل على هدي وثيقة الدستور الإنتقالي التي تحدد مهام السلطات الثلاث الممثلة في مجلس السيادة المدني و مجلس الوزراء أو الحكومة التنفيذية و المجلس التشريعي أو البرلمان , و السلطات الثلاث تمثل السلطة التشريفية و السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية . لقد تمت صياغة الدستور الإنتقالي بواسطة قوى إعلان الحرية و التغيير و تسليمه للمجلس العسكري الإنتقالي منذ ثلاثة ايام وجاري دراسته من المجلس العسكري الإنتقالي قبل دعوة لجنة قوى إعلان الحرية و التغيير للإجتماع معا لمناقشته .
إنما الأعمال بالنيات و قد أكد كل من المجلس العسكري الإنتقالي و قوى إعلان الحرية و التغيير أنهما ينظران لمصلحة الوطن قبل كل شئ و أنهما يعملان في شراكة من أجل أمن و إستقرار و تطور الوطن و هناء مواطنيه , فليكن هذا هو الهدف الأسمى .
badayomar@yahoo.com