الصومال توج إثيوبيا لزعامة أفريقيا!!
خالد حسن يوسف
18 January, 2024
18 January, 2024
دولتي الصومال واثيوبيا تقعان في شرق أفريقيا ولهم حدود مشتركة، وتاريخ صراع مشترك، كما أن إثيوبيا تحتل اراضي صومالية منحت لها من قبل الاحتلال البريطاني لصومال في عامي ١٩٤٨-١٩٥٤.
وهو ما أدى إلى قيام حروب وصراعات مستمرة ما بين الدولتين ونزاعات سياسية لا زالت قائمة حتى الراهن بينهما.
ويمثل الصومال واثيوبيا من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الافريقية والتي تم تأسيسها في عام ١٩٦٣ وهو العام الذي سبق اندلاع أول حرب بين الدولتين وذلك بعد مهاجمة أديس أبابا لصومال، وفي العام ذاته جرت منافسة سياسية محمومة ما بين العديد من الدول الافريقية على خلفية تحديد مقر منظمة الوحدة الافريقية.
"وفي سياق المنافسة ما بين تلك الدول أنتهت المحصلة نحو الإختيار ما بين كل من إثيوبيا والسنغال لترأس المنظمة الإقليمية، فكان صوت الصومال يرجح فوز إحدى الدولتين بمقر المنظمة، وتواصل حينها وزير خارجية إثيوبيا كتيما يفرو وكلن رجل داهية مع نظيره الصومالي عبدلاهي عيسى محمود، واستضافه إلى مأدبة عشاء في فندق بياسو، كما ورد في مذكرات وزير خارجية إثيوبيا.
وقد استهل كتيما يفرو حديثه قائلا: نرغب في الحصول على صوتكم"، وكان رد عبدالاهي عيسى " ألسنا خصوم ؟ فاستدرك وزير خارجية إثيوبيا قائلا: اخواتنا وقربنا من بعض أكبر من أي شيئ" فكان رد وزير خارجية الصومال " بغض النظر عن مآخذنا تجاهكم، الا أننا سنمنحكم صوتنا."(١)
وبذلك تزعمت إثيوبيا كل من منظمة الوحدة الافريقية والاتحاد الافريقي الذي يعد إمتداد للمنظمة الأم على مدى عقود وهكذا استطاعت أن تستثمر تلك المنحة الذهبية التي نالتها من جارها وخصمها سياسيا ودبلوماسيا.
وبطبيعة الحال ليس معلوما ما دفع الصومال وتحديدا وزير خارجيته عبدالاهي عيسى لقبول الطلب الإثيوبي، ودعم أديس للفوز للحصول على مقر منظمة الوحدة الافريقية، في ظل وجود واقع نزاع سياسي وعسكري ما بين الدولتين، علما بأن وزير خارجية الصومال كان يمثل شخصية وطنية ومن القادة السياسيين البارزين في جامعة الشباب الصومالي والذي قاد النضال لأجل استقلال البلاد من الاحتلال الأجنبي.
لاسيما وأن التوقيت ذاته كان في ظل فترة كانت تشهد حالة تأزم العلاقات ما بين الدولتين، وفي العام ١٩٦٤ قامت أول حرب ما بين الدولتين.
فالصومال لم يكن متوقعا منه ذلك القرار، وطبيعة المنطق السياسي كانت تفرض الانحياز لاختيار دولة السنغال بدلا من خصمه.
وفيما بعد فقد عانى الصومال الكثير من وجود مقر المنظمة الإقليمية الافريقية في أديس أبابا، وفي ظل تأثير ذلك على اصطفاف دول أفريقية عديدة مع الجانب الإثيوبي في نزاعه مع الصومال، مما منح خصمه قوة سياسية ودبلوماسية كبيرة.
والنتيجة أسفرت عن منح مقديشو ورقة سياسية بالغة الأهمية أديس أبابا استخدمتها الأخيرة تجاه الصوماليين ذاتهم، وهو ما يعد خطأ إستراتيجي تاريخي تم الوقوع فيه.
كما أن ذلك الإستنكار يشمل أيضا مصر والتي كانت بدورها ليست ممانعة لاختيار إثيوبيا كمقر لمنظمة الإقليمية، وكأن بإمكانها أن تتقلد هي المنصب بما كان لديها من ثقل عربي وافريقي، وإمكانية حصولها على تقل سياسي ودبلوماسي أكبر من وجود مقر المنظمة الإقليمية إلى جانب التواجد الدائم لمقر الجامعة العربية في القاهرة.
ناهيك عن أن العديد من الدول الافريقية كانت قد أخذت موقف داعم بقوة لصالح ترجيح فوز تنزانيا على وزير خارجة الصومال عمر عرتا غالب مرشح الصومال إلى منصب رئاسة مجلس الأمن الدولي في عام ١٩٧٥، في حين أن الموقف الإثيوبي كان داعما لتنزانيا، ولم يأخذ في الاعتبار الدور الصومالي الحاسم لترجيح إثيوبيا أمام السنغال.
والجدير بالذكر أن الصومال فيما بعد أخذ العبرة من قرار منحه إثيوبيا تلك الميزة السياسية والدبلوماسية، حين تم تأسيس منظمة الإيجاد في عام ١٩٨٦ والتي شكل كأحد مؤسسيها، وهو ما سأهم في أن تصبح جيبوتي كمقر للمنظمة التي ضمت عدد من دول شرق إفريقيا، وفيما بعد عانى كل من الصومال ومصر من سياسات إثيوبيا والتي أصابت سيادتهم السياسية ومصالحهم في مقتل.
خالد حسن يوسف
١- مقابلة مع الدكتور فيصل عبدي روبلي، قناةSSTV, حاوره نور عبدي، نيروبي، تاريخ النشر ٧ يناير ٢٠٢٤
khalidsf5@gmail.com
وهو ما أدى إلى قيام حروب وصراعات مستمرة ما بين الدولتين ونزاعات سياسية لا زالت قائمة حتى الراهن بينهما.
ويمثل الصومال واثيوبيا من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الافريقية والتي تم تأسيسها في عام ١٩٦٣ وهو العام الذي سبق اندلاع أول حرب بين الدولتين وذلك بعد مهاجمة أديس أبابا لصومال، وفي العام ذاته جرت منافسة سياسية محمومة ما بين العديد من الدول الافريقية على خلفية تحديد مقر منظمة الوحدة الافريقية.
"وفي سياق المنافسة ما بين تلك الدول أنتهت المحصلة نحو الإختيار ما بين كل من إثيوبيا والسنغال لترأس المنظمة الإقليمية، فكان صوت الصومال يرجح فوز إحدى الدولتين بمقر المنظمة، وتواصل حينها وزير خارجية إثيوبيا كتيما يفرو وكلن رجل داهية مع نظيره الصومالي عبدلاهي عيسى محمود، واستضافه إلى مأدبة عشاء في فندق بياسو، كما ورد في مذكرات وزير خارجية إثيوبيا.
وقد استهل كتيما يفرو حديثه قائلا: نرغب في الحصول على صوتكم"، وكان رد عبدالاهي عيسى " ألسنا خصوم ؟ فاستدرك وزير خارجية إثيوبيا قائلا: اخواتنا وقربنا من بعض أكبر من أي شيئ" فكان رد وزير خارجية الصومال " بغض النظر عن مآخذنا تجاهكم، الا أننا سنمنحكم صوتنا."(١)
وبذلك تزعمت إثيوبيا كل من منظمة الوحدة الافريقية والاتحاد الافريقي الذي يعد إمتداد للمنظمة الأم على مدى عقود وهكذا استطاعت أن تستثمر تلك المنحة الذهبية التي نالتها من جارها وخصمها سياسيا ودبلوماسيا.
وبطبيعة الحال ليس معلوما ما دفع الصومال وتحديدا وزير خارجيته عبدالاهي عيسى لقبول الطلب الإثيوبي، ودعم أديس للفوز للحصول على مقر منظمة الوحدة الافريقية، في ظل وجود واقع نزاع سياسي وعسكري ما بين الدولتين، علما بأن وزير خارجية الصومال كان يمثل شخصية وطنية ومن القادة السياسيين البارزين في جامعة الشباب الصومالي والذي قاد النضال لأجل استقلال البلاد من الاحتلال الأجنبي.
لاسيما وأن التوقيت ذاته كان في ظل فترة كانت تشهد حالة تأزم العلاقات ما بين الدولتين، وفي العام ١٩٦٤ قامت أول حرب ما بين الدولتين.
فالصومال لم يكن متوقعا منه ذلك القرار، وطبيعة المنطق السياسي كانت تفرض الانحياز لاختيار دولة السنغال بدلا من خصمه.
وفيما بعد فقد عانى الصومال الكثير من وجود مقر المنظمة الإقليمية الافريقية في أديس أبابا، وفي ظل تأثير ذلك على اصطفاف دول أفريقية عديدة مع الجانب الإثيوبي في نزاعه مع الصومال، مما منح خصمه قوة سياسية ودبلوماسية كبيرة.
والنتيجة أسفرت عن منح مقديشو ورقة سياسية بالغة الأهمية أديس أبابا استخدمتها الأخيرة تجاه الصوماليين ذاتهم، وهو ما يعد خطأ إستراتيجي تاريخي تم الوقوع فيه.
كما أن ذلك الإستنكار يشمل أيضا مصر والتي كانت بدورها ليست ممانعة لاختيار إثيوبيا كمقر لمنظمة الإقليمية، وكأن بإمكانها أن تتقلد هي المنصب بما كان لديها من ثقل عربي وافريقي، وإمكانية حصولها على تقل سياسي ودبلوماسي أكبر من وجود مقر المنظمة الإقليمية إلى جانب التواجد الدائم لمقر الجامعة العربية في القاهرة.
ناهيك عن أن العديد من الدول الافريقية كانت قد أخذت موقف داعم بقوة لصالح ترجيح فوز تنزانيا على وزير خارجة الصومال عمر عرتا غالب مرشح الصومال إلى منصب رئاسة مجلس الأمن الدولي في عام ١٩٧٥، في حين أن الموقف الإثيوبي كان داعما لتنزانيا، ولم يأخذ في الاعتبار الدور الصومالي الحاسم لترجيح إثيوبيا أمام السنغال.
والجدير بالذكر أن الصومال فيما بعد أخذ العبرة من قرار منحه إثيوبيا تلك الميزة السياسية والدبلوماسية، حين تم تأسيس منظمة الإيجاد في عام ١٩٨٦ والتي شكل كأحد مؤسسيها، وهو ما سأهم في أن تصبح جيبوتي كمقر للمنظمة التي ضمت عدد من دول شرق إفريقيا، وفيما بعد عانى كل من الصومال ومصر من سياسات إثيوبيا والتي أصابت سيادتهم السياسية ومصالحهم في مقتل.
خالد حسن يوسف
١- مقابلة مع الدكتور فيصل عبدي روبلي، قناةSSTV, حاوره نور عبدي، نيروبي، تاريخ النشر ٧ يناير ٢٠٢٤
khalidsf5@gmail.com