الضحك وحاجات تانية
د. عبد اللطيف البوني
4 July, 2012
4 July, 2012
بسم الله الرحمن الرحيم
حاطب ليل
abdalltef albony [aalbony@yahoo.com]
تقول الطرفة ان حدهم استاجر اخر ليزرع له مزرعته وبعد ان فرغ الاجير من عملية بذ البذور طلب من المالك ان يعطيه اجره المتفق عليه فرد عليه المزراع قائلا ان شاء بعد ان تنبت هذة البذرة وتنمو وتنضج وتثمر ونحصدها ونبيع المحصول نعطيك اجرك فضحك الاجير من غرابة القول فقال له المزارع (ليك حق تضحك ما خلاص ضمنت حقك ) تذكرت هذة الطرفة وانا اشاهد السيد وزير المالية في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد ان اجاز البرلمان كل سياساته الجديدة وبدات في السريان فقد ظهر الوزير تعلو وجهه الابتسامة (ليهو حق يضحك ) فقد انتصر على من وقف امام سياساته وليته توقف عند الضحك بل صرح بمل فيه انه لاتراجع عن السياسات الجديدة ولو خرج كل الشعب للشارع (ابو الزفت)
من المؤكد ان السياسات الاقتصادية الاخيرة التي تبنتها وزارة المالية لايمكن تحسب بعد الان على وزرة المالية ممثلة في وزيرها انما اضحت سياسات نظام كامل ممثلا في رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان والحزب الحاكم وسيكون من الخطا بمكان تحميل وزرها لوزير المالية ربما عندما كانت في طور المناقشة يمكن اعتبارها مشروع اي مقترح من الوزير ولكن بما انها اجيزت ونفذت ونزلت على يافوخ الشعب كالحمم اصبحت سياسة حكومة . ولكن يبقى السؤال مالذي جعل وزير المالية منشرحا ومبسوطا للاخر بعد التنفيذ بعد ان كان قبل الاجازة يلعن في سنسفيل البلاد ويصفها بالمفلسة ؟ هل كان يعتبر المعركة معركة شخصية؟ هل عدم اجازة تلك السياسة كان سوف يخرجه من الحكومة ؟ مهما يكن من امر فقد كان ينبغي للسيد الوزير ان يظهر بمظهر الحزين المتاسف ويعتذر للشعب السوداني عن الرهق الذي ادخله فيه . كان يمكن ان يعتذر عن سياسات الحكومة السابقة التي اوصلت الوضع لهذة المرحلة الكارثية . وهنا لابد من ان نحفظ للسيد الوزير انه كان قد صدح بالحق ذات مرة عندما قال ان الحكومة صرفت اموال البترول بعيدا عن القطاع المنتج من زراعة وثروة حيوانية
بالطبع ليس وزير المالية وحده بل مجمل الحكومة كان يجب ان تكون في حالة اعتذار عن السياسات الجديدة والاهم عن السياسات السابقة التي ادت للسياسات الاخيرة التي لم تترك للشعب حتى البطن التي يربط عليها الحزام فكما قال المتنبئ (فاليسعد النطق اذا لم يسعد الحال) وكما نقول في الدارجية (الكلمة الطيبة بخور الباطن) فالاعتذار يعني اولا الاعتراف بالخطا والاعتراف يعني النية في الاصلاح والاصلاح يستدعي برنامجا جديدا غير رجم الشعب والبرنامج الجديد يتطلب افكارا جديدة والافكار الجديدة تتطلب وجوها جديدة فصناع الازمة لايمكن ان يكونوا صناع الحلول
انبساط وانشراح وزير المالية المشار اليه يعكس انشراح الحكومة ممايشئ ان المعركة الكلامية التي سبقت التنفيذ كانت معركة سياسية بين اجنح متنافسة او متشاكسة داخل الحكومة وليس للاقتصاد علم البدائل فيها نصيب كما ان حالة الشعب هي الاخرى لم تكن في الحسبان ولاحول ولاقوة الا بالله
(2 )
الفاقد السياسي
الدكتور صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان ولمدة ستة عشر عاما (حتما يسجل هذا الرقم في موسوعة جنيس للارقام القياسية) والان هو رئيس القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني كما انه قاد الوفد الاقتصادي للتفاوض مع الحركة قبيل هجليج هذة الصفات تجعل منه عرابا للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الانقاذ منذ مجئيها حتى يومنا هذا . الدكتور صابر في تصريح جهير له عشية انفصال الجنوب قال ان انفصال الجنوب وذهاب 50 % من البترول من ميزانية الدولة لن يؤثر على الحالة الاقتصادية فيما تبقى من السودان
يبدو ان الحكومة او الجهاز السياسي الحاكم صدق ما ذهب اليه جهازهم الاقتصادي من ان (القشة ما بتعتر ليهم) بعد الانفصال وطبعا هذة مشكلة في المجموعة السياسية الحاكمة انها دوما تريد ان تسمع (الكلام البضحكها وليس الكلام الببكيها) لان هناك اقتصاديون فطاحلة امتلات بهم صفحات الصحف المحلية قالوها صراحة ان غياب نفط الجنوب سوف يجعل الخزينة العامة (تبكي الخواجة) . المهم في الامر سار القطاع السياسي في نهجه المنولوجي القديم وواصل نفس مسيرته بعد الانفصال
لعل اكبر دليل على ان الحكومة كلها كانت مصدقه لما قاله صابر هو ماحدث عند تشكيل الحكومة الجديدة التي اعقبت الانفصال اذ صاح الناس في كل السودان ان البلاد محتاجة لحكومة رشيقة وفاض الناس في تعديد مزايا الحكومة الرشيقة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية واورد بعضهم الاحصاءات بعدد الدستوريين في المركز والولايات وقال بعضهم ان الحكومة العريضة عطالة سياسية مقنعة سوف تعطي انطباعا سيئا وان فائض العمالة السياسية اسوا من النقص فيها ولكن الحكومة (سدت دي بي طينة ودي بعجينة) فجاءت بحكومة بل بحكومات ليس لها مثيل في كل العالم حكومة في مجلس الوزراء وحكومة في القصر حكومات في رئاسة الولايات وحكومات في المحليات لاو ايه برلمانات ما تديك الدرب حتى المحافظات اصبحت لها برلمانات
الان بعد ان وقع الفاس على الراس جاءت الحكومة لما قاله لها الناس من قبل وبدات في اتباع سياسة تخفيض العمالة السياسية (طبعا سيكون هناك فاقد سياسي سنعود له ان شاء الله في مناسبة اخرى) على الحكومة ان توضح للشعب السوداني الفضل ما كان يتقاضاه ذلك الفائض من مخصصات وامتيازات وكم سيوفر للدولة علما بان الشعب يكاد يعرف من خلال المتغيرات التي حدثت لاولئك الفاقد السياسي . الخوف كل الخوف ان تكتفي الحكومة باظهار كشف المرتبات (البيشيت) وتقول لنا ان هذا ماكانوا يتقاضونه مثل هذا الكلام لن يدخل في راس اي طفل . الخوف كل الخوف ان خطوة الحكومة هذة يكون الغرض منها امتصاص بعض( الزفرات الحرى ) فقد اتضح بما لايدعو مجالا للشك ان اولئك المخفضين ليس لهم برامج تحالفوا بها مع الحكومة او حتى كفاءة شخصية انما الشغلانة كلها توظيف ومنصب دستوري تخرج منه البخرات و الكوميشنات والحاجات التانية الحامياني
(3 )
صيدلية سياسية
بعد رفع الدعم عن السلع اهمها المحروقات وتعويم الجنيه السوداني وبقية التدابير من مراجعة للصرف الحكومي وغيرها تكون الحكومة ركبت اعلى خيولها الاقتصادية ورغم ذلك لم تقل لنا ان عاقبة هذة السياسات قمحا ووعدا وتمني بل بشرنا احدهم ان (التقيل ورا) ورفع الدعم سوف يتواصل فهذا يعني ان الماذق ليس اقتصاديا بحتا انما سياسيا بل ان التدابير السياسية التي اتخذتها الحكومة مع عدم نجاعتها تؤكد اعتراف الحكومة بان الازمة سياسية وليست اقتصادية عليه تكون السياسات الاقتصادية التي طبقت وصفة خطا من صيدلية خطا واننا بحاجة لوصفة سياسية من صيدلية سياسية
عمليات التجنيب وهي في ابسط معانيها تعني ان لاتكون لوزارة المالية الولاية على المال العام فبعض الوزرات منها الداخلية والدفاع والسدود والكهرباء تصرف مواردها على كيفها وعلى حسب اولوياتها وليس الاولويات القومية فهذة من البلاوي السياسة التي تتمظهر في شكل اقتصادي . عبد الرحيم حمدي قالها صراحة انه فشل في انهاء هذا المرض عندما كان وزيرا اما وزيرنا الحالي لم يعترف بفشله فحسب بل خاض مع الخائضين في التجنيب على طريقة اكان راكوبة ابوك اتشعلت شيل ليك فيها شلية فقد كتب لمدير الضرائب خطابا قائلا لها الاموال في حدود الربط تورد في حساب وزارة المالية العام اما مازاد عن الربط فيورد في خطاب خاص بوزارة المالية وهذا يعني انه في الحساب الثاني سوف يتصرف بغير اورنيك 15 واورنيك 17 (شفتو كيف ؟)
الحكم الفدرالي المطبق حاليا لايحمل من الفدرالية الا اسمها فقط فهو عبارة عن ترهل سياسي دستوري مهلك للموارد انني ابحث ولاية واحدة اقامت مشروعا منتجا او قالت للحكومة انها لاتريد دعما مركزيا ؟ اللهم الا ولاية الخرطوم حيث تكدس الخدمات والضرائب عليها والغريب في الامر انه مع التوسع في الحكم الولائي افقيا وراسيا لم يتم تخسيس للجهاز المركزي الحاكم فقد كان ينبغي ان تكون الحكومة المركزية رشيقة جدا تتكون من الوزارت السيادية فقط وتترك كل وزارت الخدمات للولايات فمن غير المعقول ان يكون هناك برلمانا لايقل عن اي برلمان في اي نظام مركزي وحكومة اعرض من كل حكومات العالم وفي نفس الوقت هناك حكم فدارلي ؟
الشركات الحكومية التي تعمل بموجب قانون الشركات لعام 1925 فهذةقضت على السوق نهائيا واخرجت القطاع الخاص من اللعبة فباسم الحكومة فعلت الافاعيل ويقال ان عددها فاق الخمسمائة ومعظمها تكون اسهم الحكومة فيها 19 % لانها لو وصلت لعشرين في المائة سوف تخضع لمراجعة المراجع العام فمثلما فشلت كل محاولات انهاء التجنيب وفشلت محاولات تخسيس الحكم الفدرالي فشلت كذلك محاولات القضاء على الشركات الحكومية فهذا يوضح بجلاء ان الازمة سياسية وليست واقتصادية في اصلها اذن لابد من تغيير التشخيص بالتالي الوصفة ثم البحث عن الصيدلية الصاح