الطاهر حسن التوم ماذا بعد الإغفاءة

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن
استمعت للقاءات التي أجراها الطاهر حسن التوم مع كل من عامر حسن عباس و التي سماها "من داخل الكلية الحربية و قصة الجيش السوداني" و الأخرى مع سناء حمد العوض و هي تناولت عدد من العناوين و خاصة التي تتعلق ب "الحركة الإسلامية و الموقف من انقلاب اللجنة الأمنية و البرهان" و هي قضية مثير للجدل من حيث التوقيت و إثارة الموضوعات التي تتعلق بالهجوم الذي كان قد بدأه الطاهر حسن التوم على الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للقوات المسلحة.. حقيقة للتاريخ أنا لا اعرف الطاهر إلا من خلال قناة النيل الأزرق و كنت مشاهدا جيدا للبرامج التي كان يقدمها " مراجعات و حتى تكتمل الصورة" و عندما تم تأسيس قناة " سودانية24" تأسست كقناة اقتصادية تهتم بالقضايا الاقتصادية لكي تسهم في عملية خروج أزمة البلاد الاقتصادية و البحث عن حل مشاكله و تطوير عملية التنمية في البلاد.. و إذا كانت القناة استمرت على هذا المنوال تكون قد حصرت المشاهدين في قطاع ضيق جدا في المجتمع.. لذلك كان لابد أن تفتح القناة لبرامج سياسية و ثقافية و ترفيهية لكي تجذب قطاع عريض من المشاهدين، و استطاع الطاهر حسن التوم أن ينهض بالقناة و ينافس حتى القناة الأم " قناة النيل الأزرق" و في البرامج السياسية تفوقت قناته على الأخريات. هذا كان نجاح الطاهر حسن التوم و الفريق الذي معه.
كنت قد كتبت عن نجاح القناة في عدد من الصحف التي تصدر في السودان " الجريدة و الأحداث و إيلاف" و عندما كتبت كتابي " سحر الإبداع في العمل الإعلامي" كتبت عن نجاح القناة و مجهودات الطاهر حسن توم، و أيضا نجحه عندما كان يتولى إدارة النشر في حكومة ولاية الخرطوم بصدور العديد من العناوين من الكتب التي أضافت للثقافة السودانية و لم التقي بالطاهر وجها لوجه إلا مرة واحدة في أستوديوهات القناة بالرياض كنت مع الأستاذ غسان عثمان.. في ديسمبر 2018م عندما بدأت انطلاقة الثورة بدأ الطاهر عدد من اللقاءات المضادة للثورة، و الرهان على بقاء النظام، كان الطاهر يعتقد أنها حالة من الشغب يقوم بها بعض الشباب و ربما تنتهي.. هذا السلوك المضاد للثورة في تلك الفترة تأكدت أن موقف الطاهر حسن التوم يتحكم فيه عاملان.. الأول أن الطاهر يعتقد أن مصالحه مرتبطة ارتباطا وثيقا و قويا بالإنقاذ و يخاف أن تتعرض هذه المصالح للخطر إذا حدث تغييرا للنظام السياسي.. الثاني هل الطاهر لا يحسن التحليل السياسي لمجريات الواقع و لمعرفة الميكانزمات المؤثرة فيه و التي تحرك الشارع بقوة، خاصة أن الصراع السياسي ليس بين الإنقاذ و المعارضين فقط، أنما الصراع الحاد أيضا كان داخل الحزب الحاكم و رفض تيار عدم ترشيح البشير عام 2020م..
عندما أندلعت الحرب في 15 إبريل 2023م، بدأت تتغير التحالفات على الساحة السياسية، بين مؤيد للقوات المسلحة و بين مؤيد للميليشيا و داعمين لها من الخارج و خاصة دول الأمارات و تشاد و أثيوبيا و ليبيا حفتر.. وقفت أنا مع القوات المسلحة باعتبارها المؤسسة القومية و الحامية لوحدة البلاد من التمزق. و أعلنت الموقف في نفس يوم الحرب و مسجل في صفحتي في الفيس.. ذلك الوقت لم أكن أعلم من الذي سينتصر الانقلاب الذي قامت به الميليشيا، أم الجيش سوف يفشل الانقلاب و ينتصر لوحدة البلاد.. و نعرف أن الحرب كر و فر و لكن وقوف الشارع السوداني مع الجيش قد رفع الروح المعنوية لمقاتلي الجيش الذي كانت متحركاتهم تقابل بالتهليل و الزغاريد من المواطنين، هذا التأييد هو الذي غير معادلة الحرب، و هو الذي زاد الناس إيمانا، خاصة أن وقوف الشعب مع الجيش سوف يهزم كل المؤامرات و الدسائس ضد الوطن.. و معروف أن الحرب و السياسة مليئة بالمناورات و التكتيكات التي تؤرق الذين لا يستطيعوا قرأت الأحداث و موقف الأطراف إذا كانت تكتيكا أم هو قرار أخر.. لكن كان الملاحظ أن الطاهر يغيب عنه ذلك و بدأ حربه الإعلامية على قيادة الجيش.. هناك فارق كبير بين النقد و بين محاولة تشويه الصورة.. السؤال الذي يتبادر للذهن لماذا في هذا التوقيت عندما بدأ الجيش بالانتصارات في أمدرمان و بحري و بدأت القيادات تتحركة لمقابلة المقاتلين في كل مناطق الموجهة.. حقيقة السؤال ماذا يريد الطاهر حسن التوم هل العودة إلي نظام الإنقاذ للبحث عن مصالح كانت قد وقفت ساعة السقوط؟ أم العودة لمحطة تجاوزتها الأحداث و لا يمكن العودة لها..
أجرى الطاهر حسن التوم لقاء مع سناء حسن العوض، و هو لقاء تم له أختيار زمن بدقة متناهية، لإحداث بلبلة و تشويه على عمليات الجيش الجارية في الميدان، الهدف منها هو التشكيك في قيادات الجيش.. و الغريب أي سياسي إذا تمعن لحديث سناء يعرف تماما إنها ناشطة سياسية تحاول ان تلمع نفسها، و أن حديثها سوف يخصم منها و لا يضيف إليها شيئا.. و لا اعتقد أن أي سياسي في أي حزب سياسي في السودان إذا أراد أن يحقق مع عضو كبير في السن أن يرسل لهم من هو أقل منهم في العمر سنين عددا، لأنها من باب العرف و الثقافة السودانية لا تجوز، كما أن سناء بنت معلوماتها على شخص توفى..
الشيء الوحيد الذي أريد أن اؤكده للطاهر أنني كنت في الخرطوم من نوفمبر 2018م و حتى الأسبوع الأخير من شهر مارس 2019م.. و الإنقاذ سقطت بثورة شعبية قادها الشباب في كل الأحياء في مدن السودان.. الشباب دفعوا ضريبة السقوط أرواح من أصدقائهم و زملائهم، ليس كما تقول هي مؤامرة اللجنة الأمنية و تستدعي التحقيقات مع قيادات الحركة الإسلامية التابعة للمؤتمر الوطني.. و الثورة نفسها شارك فيها قطاع من شباب الإسلاميين.. أن الذين يرفضون مقولة أن الثورة هي التي اسقطت الإنقاذ هم الذين ارتبطت مصالحهم بالإنقاذ و يعتقدون عودتها مرة أخرى سوف تعود هذه المصالح.. و هذا حكم المستحيل التاريخ لا يعيد نفسه.. و الصراع االدائر لآن حول برؤية من يتم التحول الديمقراطي عبر الحوار السوداني السوداني ولا الروافع الخارجية .. و الجيش قال كلمته السياسة بعد دحر الميليشيا..
أن شن هجوما على قيادة الجيش في هذه الفترة تعني دعما لأجندة أخرى غير انتصار الجيش، على من يراهن الطاهر حسن التوم؟ إذا كان الطاهر أتخذ من النقد سلوكا للتقويم هذا حق مطلوب ديمقراطيا، و يفتح أبوابا للحوار العقلاني، خاصة أن البلاد تواجه أكبر تحدي لكي تحافظ على وحدتها.. و الملاحظ: أن أغلبية القيادات الإسلامية التزمت الصمت و مراقبة الموقف.. ربما تأكيدا ما قاله الدكتور غازي صلاح الدين منذ الصراع في الفترة الانتقالية، قال ( نحن الإسلاميين دائما نراهن على الزمن كفيل أن يحدث التغييرات) و بالفعل قد أحدث تغييرات كبيرة في الواقع السياسي... نسأل الله حسن البصيرة.

 

آراء