الطبخة الإجرامية القديمة المتجددة

 


 

 



كلام الناس

 

هذه الرواية التي حسبتها عاطفية من عنوانها "الحب في المنفى" فاجأتني وأيقظت الأحاسيس التي بلدتها الأيام وتراكم الالام رغم إستمرار الجرائم الإرهابية التي تستهدف الأبرياء العزل خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
تجري أحداث الرواية التي ألفها بهاء الطاهر في باريس لكنها تتناول مختلف الإختراقات التي ترتكب ضد الإنسانية، وهو يحكي قصة مطلقته وإبنيهما خالد وهنادي الذين لم يغارقوا دواخله حتى بعد أن إنغمس في علاقة عاطفية حميمة مع المترجة بريجيت شيفر التي إلتقى بها في مؤتمر صحافي عقده الدكتور مولر حول إنتهاكات حقوق الإنسان في شيلي في ذلك الوقت.
لن أدخل معكم في تفاصيل العلاقة الحميمة بين بطل الرواية وبين بريجيت التي كانت في عمر إبنته هنادي والتي ربما استوحى منها عنوان الرواية، لكنني سانقلكم مباشرة للمشاهد الإجرامية التي حدثت في ذلك الوقت والتي مازالت تحدث خاصة تجاه الشعب الفلسطيني التي عززها الرئيس الأمريكي المثير للجدل حتى داخل أمريكا دونالد ترامب بحضور رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بإعلانه ما أسماه "صفقة القرن".
بطل الرواية مراسل صحافي لإحدى الصحف العربية التي تصدر بالقاهرة كاد أن يدخل في علاقة مهنية مع أمير عربي مقيم في باريس كان ينوي إصدار صحيفة عربية، لكنه اكتشف أن الأمير الثري له علاقات مشبوهة مع الموساد الإسرائيلي ومع جماعة متأسلمة خاصة بعد أن لاحظ التغير الشكلاني في يوسف المتطلع للعمل في الصحافة بدلاً من العمل في المطبخ في المحل الذي تملكه زوجنه إيلين.
من ناحية أخرى إنزعج بطل الرواية من التغيير الذي طراً على إبنه خالد بعد أن بدأ يتخذ مواقف متشددة مع شقيقته وحتى مع أمه للدرجة التي طلب فيها من شقيقته أن لاتذهب للنادي وأمه التي بدأت ترتدي الحجاب وتكتب في الصحيفة مقالات دينية بدلا من إشرافها على صفحة المرأة ودفاعها عن حقوقها.
رغم حالته الصحية التي جعلت الطبيب المشرف على علاجه ينصحه بالإبتعاد عن عالم الصحافة حفاظاً على صحته وأن يمتنع عن التدخين ويتجنب الإنفعال إلا انه عاد للإهتمام بمايجري في الشرق الأوسط، خاصة بعد أن أخبره الدكتور مولر قائلاً : هناك طبخة يعدونها الان في منطقتكم وهناك إعادة ترتيب للأوراق ومفاوضات سرية بين مختلف الأطراف ومفاوضات بين دول ومنظمات و"سمو الأمير" ضالع فيها.
الصحافي اليساري إبراهيم الذي زاربطل الرواية إبان وجوده في مهمة صحافية في باريس كان في قلب الأحداث وأصر على الإتصال ببطل الرواية كي ينقل له من الميدان تفاصيل المشاهد الإجرامية التي حدثت في صبرا وشاتيلا ، من ناحية أخرى نقل المذيع حامد باسكال مشاهد مروعة من هذه المجازر الإجرامية.
بعد ذلك جاءت رسالة لبطل الرواية من رئيس مجلس إدارة الصحيفة التي يراسلها يخبره فيها بإيقافه عن مراسلة الصحيفة متحججاً بخفض المنصرقات، لكنه شارك هو وريجيت - التي أصبحت هي أيضاً مطاردة وملاحقة في رزقها -
في المظاهرة الحاشدة التي خرجت في باريس منددة بهذه الجرائم الوحشية.
في ختام الرواية حاولت بريجيت حرف العربة التي أقلها بها بطل الروايه للمطار في محاولة للإنتحار سوياً إلا أنه سيطر على "الدركسون" حتى أوصلها لصالة المغادرة وأسرع هو لاأرادياً نحو مقر سمو الأمير الثري لكنه فشل في الوصول إليه بسبب الحُجاب والكلاب.
يختم بهاء الطاهر الرواية - التي لم تنهي في الواقع - وبطلها يردد أ: لم أستطع الوصول للأمير بسبب الحراس والكلاب .. لاشئ غير نباح الكلاب.. لن أصفي حسابي مع الأمير.. لن أصفي حسابي مع الكلاب ... كنت أنزلق في بحر هادئ تحملني موجة ناعمة وصوت ناي عذب يصحبني بنغمته الشجية إلى السلام وإلى السكينة.

 

آراء