الطيب صالح يسكن أخيرا بقلب الخرطوم

 


 

 

وسط كثير من المحبطات تنقل الاخبار حركة دؤوبة لوالي الخرطوم تخالف تماما الجالسين بمقاعدهم الوثيرة يديرون شوون المواطنين من علي البعد .. فبالامس طاف والي الخرطوم بقطعة أرض بموقع مميز بالعاصمة خصصت كمركز ثقافي بأسم الطيب صالح … أعادني الخبر لمعرض الدوحة للكتاب حينما تزينت بوابة الدخول الرئيسية بصورة مجسمة للروائي العالمي والذي طاف العالم بقريته " كرمكول " وبرؤيته عرس الزين التي وجدت رواجا واقعدت القراء عرب وعجم بمقاعد الاندهاش الماتع .. صورة " التربال " المتفرجن علي بوابات ساحة الثقافة والمثاقفة والتجمع الاسري للعلم والتعلم بدوحة الخير لم تكن فقط لفته ذكية من القائمين علي معرض الكتاب لكنها إمعانا للاحتفاء بشخصه ولتشكيل الذائقة الثقافية خليجيا عربيا ودوليا .. وعرفانا لعطائه كمساهم بتأسيس وزارة الاعلام وتسنمه لمقعد اليونسكو مقيما بقطر لسنوات .. كيف لا وهذا الطيب ظل من يعشقون تصفح الكتب والغوص في بحور الحكي الروائي بمترو مدينة الضباب لندن و بمقاهي الشانزليزيه وبمكتبة الاسكندرية وقاعات المحاضرات بجامعات هارفرد وجورج تاون ومن هم علي وسائدهم يمجدونه ويحتفون به إلا نحن وهم ..
ولكن حينما أسلم روحه بأحد مشافي انجلترا " صحى الجبابرة " ووقتها شاءت الظروف ان أكون بالخرطوم حضورا لتشييع مهيب لرجل أحبه الزولات المغلوبين علي أمرهم في كثير من الازمنة.. تماما كمحبة العجم والفرنجة ولم يحظ الا بمقبرة تحتويه بمقابر البكري بام درمان في ذلك الصباح حففناه بأغصان النخيل وكأننا ننفذ وصية أمه عيشة وشقيقته علوية فأهلنا ناحية دنقلا العجوز ومحيطها ما زالت عالقة بمعتقداتهم الموغلة بعظم التاريخ النوبي الكوشي أن جريد النخيل يبقي يسبح ويحمد العلي القدير او ربما امتثالا لمقولة إن كان بيد أحدكم فسيلة من نخيل وقامت القيامة إن استطاع أن يغرسها فليغرسها او هكذا .. ووقتها تلقت صديقتي د بخيته امين اتصالا لتوثيق سيرته .. وكان أن أنجزنا كتاب ( الطيب صالح .. نخلة علي شاطيء الابداع ) طبع علي نفقة بنك المال المتحد بالخرطوم وإمعانا في فضل قطر التي أقعدته بوقار وبحجمه المعطاء علي مقعد اليونسكو حينما كان ملء السمع والبصر .. إستكتبنا رفقته من كوكبة المثقفين د. حسن النعمة ود احمد عبدالملك ود حسن الرشيد ..
وبالامس والخرطوم تصحوا لابنائها المبدعين وبذات إحتفاؤنا وزوار معرض الدوحة للكتاب برمزية صورته أسعدنا خبر تخصيص قطعة أرض مميزة لاقامة بقعة للاشعاع الثقافي الادبي يكون تؤاما لمركز عبدالكريم ميرغني الذي يتبنى جائزة باسمه ..
ان الموسسات الثقافية بالاهمية التي توازي مقار التعليم والمعرفة وربما تفوقها فما بال في بلاد كالسودان يعج بتنوع تراثي أثني وثقافي سياحي وشغف فطري للمعرفة والبلاد تتشكل لنهضة ديمقراطية تنموية وان تم حسن ادارة هكذا مركز فقطعا سيكون أحد المعالم الجاذبة لطاقات الشباب والنشء والشيب وكمنارة عالمية لسفن تأهت طويلا وسط أمواج عارمة ..مبروك إسكان الطيب صالح والذي لم يسكن الخرطوم إلا لماما لظلم ذوي القربة والدم السيال أبداعا وشجونا .. أه أه يا وطن .
عواطف عبداللطيف
اعلامية مقيمة بقطر
Awatifderar1@gmail.com
////////////////////////////

 

آراء