ibrahimelmekki@hotmail.com لا تستند هذه المقولة إلى انقسامات العرب التاريخية كالعرب العاربة والمستعربة والعرب المسلمة والنصرانية والعرب السنة والعرب الشيعة ولا تؤسس نفسها على انقسامات العرب المعاصرين إلى ثوريين ورجعيين وعلمانيين وأصوليين وفلانيين وعلانيين ولكننا نستخدمها هنا للتنويه بأحدث الانقسامات العربية وهي انقسامهم إلى حماسيين وفتحاوية و غزاوية ورملاوية أو بعبارة أخرى إلى عرب المقاومة وعرب الحل السلمي وهما المعسكران اللذان يقتسمان الساحة في هذه اللحظة. ويتصدر الفريق الزائر كل من قطر والسودان واللاعب الذري إيران بينما يلعب لصاحب الأرض كابتن حسني مبارك (مصر العربية) والبرازيلي طويل الخبرة سعود الفيصل. وواقع الحال هو أن وراء ذلك الاصطفاف عقلان متمايزان هما عقل السلام وعقل المقاومة. ولقد ساد الأخير في معظم حقب تاريخنا المعاصر أي منذ النكبة عام 1948 إلى حرب العبور عام 1973وهي مدة ربع قرن توالت علينا فيها الحروب والهزائم وخيل إلينا أن مسيرة التاريخ تتكون من الحرب فالهزيمة فالإعداد لحرب جديدة على طريقة لاعب اللوتريه وفي بسالتها وحماسها رأت الجماهير العربية أن أداء جيوشها القتالي يتحسن من حرب إلى حرب وان الحرب التالية ستكون المعركة الفاصلة التي ستعيد فلسطين وتمسح من تاريخنا متوالية الهزائم والانكسارات وربما لذلك ارتاحوا في البداية ( في البداية فقط)لحرب حزب الله على إسرائيل وصمود اللبنانيين الشيعة أمام جحافلها لفترة تجاوزت الستة أيام وحاليا هنالك الكثير من الأبرياء الذين استهواهم صمود غزة لعشرين يوما دون أن يروا الطبيعة العدمية لذلك الصمود . إلا أن المرحوم السادات وضع خاتم النهاية على خيار الحرب كحل للقضية العربية –الإسرائيلية وبعد محادثات مضنية في المنتجع الرئاسي في كامب ديفيد حصل الرئيس السادات على جائزة نوبل للسلام واستعاد الأراضي التي فقدناها ونحن نحاول استعادة فلسطين دون أن يستعيد لنا شبرا واحدا من فلسطين التاريخية ورأى بعض العرب في ذلك اعترافا ضمنيا بتفوق إسرائيل العسكري والتقني والنووي بينما قال البعض الآخر أن السلام هو الطريق لتحقيق الحقوق الفلسطينية مثل إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودتهم إلى أرضهم المغتصبة ونيلهم التعويض الكافي عن ممتلكاتهم وآلامهم. وبتلك الآمال العريضة جرى التوقيع على اتفاق كامب ديفيد ومن بعده ولفترة وجيزة طغى منطق السلام على ما عداه وفوق اعتراضات أبو عمار تم التوصل إلى اتفاق أوسلو الذي شحن القيادة الفلسطينية كطرد غير مؤمن عليه إلى الأرض المحتلة وأدخلها في تجربة الإدارة اليومية لشئون شعب متمرد محروم من كل شيء وذلك ابتداء من قضايا توفير الخبز إلى منح التصاديق للأندية الليلية والكازينوهات على الطريقة البيروتية وفي كل ذلك سجلت الإدارة الفتحاوية فشلها البليغ بينما لجأت غريمتها – حركة حماس الإسلامية – إلى الأساليب التي غدت ماركة مسجلة للإسلاميين كفتح العيادات لتطبيب المرضى بالمجان وتوزيع الأقمشة والأغذية وفتح رياض الأطفال وعلى الميدان السياسي ابتكرت حماس أسلوب الأحزمة الناسفة وتمكنت من تصدير الانتحاريين إلى إسرائيل ولكن سرعان ما نضب معينها من الانتحاريين وتوقف ذلك الأسلوب القتالي المبتكر ولكن بعد أن أسهم في تصنيف المنظمة كمنظمة إرهابية من جهة ومن جهة أخرى ضمها إلى حركة المقاومة العربية/الإسلامية ووضعها في أحضان التحالف الإسلامي الكبير الذي يسعى لحرمان النظم العربية القائمة من هيبتها ومصداقيتها توطئة لانتزاع السلطة منها وهو تحالف يتكون من حزب الله وتنظيم القاعدة ودولة إيران وعناصر الإخوان المسلمين في كل الدول العربية وكل الساعين إلى تدمير النظام العربي القائم واستبداله بنظام إسلامي . وفي ذلك الإطار فجرت حماس حربنا الأخيرة مع إسرائيل وقد رأت في إشعال الحرب وسيلة لتغذية الحرب الاشمل والأكبر بين التيار الإسلامي والأنظمة القائمة بحيث يبدو للرائي من بعيد أنها أنظمة متواطئة مع إسرائيل ولا تريد قتالها دفاعا عن الشعب الفلسطيني. وقد تكون الأنظمة العربية عاجزة أو فاسدة أو مشلولة ولكنها بعيدة جدا عن التواطؤ مع إسرائيل وهي صاحبة المصلحة في حبس الجني الإسرائيلي داخل القمقم حتى لا يقدم على ما هو أسوأ مما ارتكب وبدرجة لا تقاس.ولهذا السبب تخلت الأنظمة العربية ذات الشأن من الانجراف مع العواطف الشعبية والاستجابة للحماس المتهور ورفضت الدخول في الحرب إلى جانب حزب الله أو إلى جانب حماس لأنها لا تريد دمشق محتلة ولا قاهرة مقصوفة ولا مكة مدمرة وكل ذلك مصير أسوأ مما جرى لبيروت وما حدث لغزة ومن شأنه أن يسحق معنويات الشعوب العربية والمسلمة بشكل لا يقبل الإصلاح وقد رأى عقلاء الأمة اللجوء إلى الصبر والمهادنة إلى حين بروز ظروف دولية تمكن من عقد سلام مشرف نستطيع في ظله أن نبني قوتنا ونواجه عدونا في ساحات الوغى دون خوف. والمبدأ الأساسي هو أن طريق التحرير لا يكون ببناء الجيوش وإنما ببناء الأمم وكثيرا ما استشهدت بالحالة الصينية فقد كان بإمكان الصين إن تأخذ فورموزا (تايوان)عنوة كما فعل متطوعوها في كوريا ولكنها كانت ستضطر للدفاع عنها بوجه الولايات المتحدة بما في ذلك احتمال قصفها نوويا كما جرى لهيروشيما في نهايات الحرب وبدلا من القتال المباشر راحت الصين تبني امة صينية قوية في الاقتصاد والثقافة والتسليح وبأكثر الوسائل سلمية وافق العالم على مبدأ الصين دولة واحدة بنظامين اقتصاديين .لقد صارت الصين أسدا يكفيه أن يزأر لينال ما يريد.أما نحن العرب فقد رضينا أن نظل فئرانا بأنياب طويلة هي الجيوش التي بنيناها لتحرير فلسطين ولكنها سرعان ما انقلبت علينا وأضافت إلى ذ لنا التاريخي أنواعا جديدة من الذل والهوان وفي كل الأحوال فان ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.