الغاء الدولار الجمركي واثاره الكارثية 

 


 

 

السادة مجلس الوزراء...

السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته...

ظللنا منذ ايام الثورة الاولي ننادي بازالة التشوهات الاقتصادية لنضع اقتصاد دولتنا في الطريق الصحيح من تحرير لقيمة الجنية ورفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والغاز والدواء والخبز مع ابقاء دعم يتناسب والشرائح الضعيفة فيما يخص الخبز والكهرباء وادخال ذوي الدخل المحدود تحت مظلة التامين الصحي والبطاقات العلاجية وان تستغل فروقات الدعم في التعليم والصحة والطرق والبنية التحتية مع انهاء مايسود مؤسسات ووزارات الدولة من ترهل اداري وتسريح الفائض للانضمام في دفع عملية الانتاج الزراعى والصناعى كما ظللنا نطالب بتقشف الحكومة وان تكون القدوة الحسنة للمواطن لانجاح هذه العملية الجراحية الصعبة...بالفعل قامت الحكومة بتحرير قيمة الجنيه ورفع الدعم عن المحروقات والادوية رفع كامل وجزئي عن الخبز والكهرباء ولكنها تجاهلت مايليها من تقشف وازالة الترهل والصرف البزخي....

لم ننادي بالغاء الدولار الجمركي لاننا علي علم بان الامر شائك ومعقد ويحتاج لورش عمل متخصصة تضم وزارة المالية والجمارك ووزارة التجارة وديوان الضرائب واصحاب النصيب الاكبر وشركاء المصلحة الا وهم القطاع الخاص من اتحاد اصحاب العمل واتحاد الغرف التجارية وشعب الاستيراد المختلفة وكذلك شعب الصادر...للاسف الغت الحكومة الدولار الجمركي مع اجراء بعض الاصلاحات والتعديلات في التعرفة الجمركية تخفيضا احيانا والالغاء احيانا لبعض الاستراتيجية لكنها تجاهلت التعديل المناسب لمعظم السلع الضرورية مقارنة مع الفارق الكبير الذي حدث في المعالجة مع تعمدها ان تترك القيمة المضافة كما كانت من قبل. ولو الحكومة جعلت الجمارك صفرية في كل السلع الاستراتيجية والضرورية وابقت القيمة المضافة لوحدها كما حدث الان فهذه كارثة ناهيك عن وجود رسوم جمركية في معظم السلع... وحتي لا نلق القول علي عواهنه دعونا نتحدث بلغة الارقام والحسابات لنوضح لكم حجم الزيادات التي ستطرأ علي بعض السلع وبحكم عملي وتخصصي ساخذ قطع غيار السيارات مثال وهي تعتبر من السلع الضرورية لارتباطها بالترحيل عامة سواء ترحيل الاشخاص او البضائع ....

نفترض وصلت بضاعة للمحطة الجمركية قيمتها 100000 دولار امريكى فقط مائة الف دولار وخلونا نحسب ماكان يتم دفعه علي شهادة الوارد ايام الدولار الجمركى 15 جنيه...(كانت تحسب كالاتي 25% جمارك 10% رسم اضافي 3% ضريبة ارباح اعمال بالاضافة ل17 % قيمة مضافة تحسب من قيمة البضاعة زايد رسوم الجمارك والرسم الاضافي والضرائب) ....

اولا الجمارك...

100000 دولار ×  38% × 15ج =

570000 ج...

ثانيا القيمة المضافة...

100000 دولار × 15ج تضاف ليها قيمة الجمارك اعلاه 570000 ج والناتج × 17%=      351900ج

بجمع الجمارك مع القيمة المضافة يصبح جملة ماتدفعه علي شهادة الوارد يساوي  921900 جنيه سوداني...


نفس البضاعة بعد الغاء الدولار الجمركي وعمل التخفيضات (10 جمارك و17% قيمة مضافة للبضاعة زايد قيمة الجمارك)

اولا الجمارك ...

100000 دولار × 10% × 440ج =

4400000ج

ثانيا القيمة المضافة...

100000 دولار × 440ج  تضاف ليها قيمة الجمارك اعلاه 4400000 ج والناتج × 17%   = 8228000ج

بجمع الجمارك مع القيمة المضافة يصبح جملة ماتدفعه علي شهادة الوارد يساوي 12628000جنيه سوداني


بمقارنة الحالة الاولي الدولار الجمركي 15 مع الحالة التانية الغاء الدولار الجمركي تجد قيمة شهادة الوارد تضاعفة 13 مرة.

في نفس الوقت تجد كل تصريحات الحكومة انو مافي زيادة في الجمارك والسلع ستظل في محلها ده كلو كلام وحكي وذر للرماد في العيون...

لم نكن نتوقع في اكثر الحالات تشاؤما ان تزيد الجمارك في السلع الضرورية عن 5% وكذلك القيمة المضافة عن 3 او 5%....

ولو طبقنا حالة التشاؤم اعلاه وحسبنا ماسيتم دفعة علي شهادة الوارد بعد الغاء الدولار الجمركي لنفس البضاعة 100000 دولار لكانت معقولة للدولة كحبابات وفي حدود المعقول الصعب للمواطن

اولا الجمارك....

100000 دولار × 5% جمارك × 440ج =

2200000ج

ثانيا القيمة المضافة....

100000 دولار × 440ج تضاف قيمة الجمارك اعلاه 2200000ج والناتج 5%× قيمة مضافة = 2310000ج

وبجمع الجمارك مع القيمة المضافة يصبح ماتدفعه علي شهادة الوارد يساوي 4510000 جنيه سوداني وده مبلغ معقول وزيادة منطقية...تتناسب ودخل الفرد...لكن الغير منطقي وغير مقبول انك تزيد الرسم علي شهادة الوارد 13 مرة لسلعة ضرورية...

هل تعلم الحكومة بهذه الزيادة الكبيرة فتحت باب التهريب علي مصرعيه واعطت الاشارة الخضراء لتجار الشنطة وستفتح ابواب فساد كتيرة وكبيرة...



والنقطة الاهم في هذا الالغاء الخطير والمعالجة الفطيرة وتجاهل الحكومة الجزء المتعلق بالضرائب واثاره الكارثية علي التجار والمستوردين وهنا اود اثارة بعض النقاط...

اولا... ضريبة ارباح الاعمال التي تم الغاءها في الحقيقة لم تلغ لانها كانت تدفع كجزء من ارباح الاعمال مقدما ويتم خصمها نهاية السنة عند تقديم الميزانية والمراجعة السنوية الذي تم ضحك علي الدقون وبدل دفع جزء مقدم كلو اصبح مؤخر....

ثانيا قبل الالغاء كانت القيمة المضافة بسيطة واغلب التجار يحسبوها جزء من التكلفة لكن الان وبعد الغاء الدولار الجمركى اصبحت القيمة المضافة مبلغ كبير جدا جدا لا يتناسب ووضعنا الاقتصادي المتهالك و17% دي رقم كبير لايوجد في اي دولة في العالم ...

ثالثا... مع التحرير والغاء الدولار الجمركى من المفترض مراجعة نسب الضرائب سابقا كانو بيعتبرو التاجر بيبع بهامش ربح 20 وبعد خصم المصروفات بيشيلوا ضرائب تقريبا 35 او 30% وماكانت فارقة كتير مع التاجر لانو بيغطي من فروقات الاسعار وغيرو اما الان مع وضع الامور في موضعها الحقيقي والطبيعي بكل تأكيد ستكون هنالك منافسة شرسة في الاسواق نسبة لارتفاع معدلات التضخم وضعف القوة الشرائية وبالتالي ستتدني الارباح لاقل مستوياتها ولايمكن ان تحسب نسبة الضرائب كما كانت سابقا.

سؤال....هل تعلم الحكومة الان بضاعة قيمتها 2000 دولار عليها جمارك 10% وقيمة مضافة 17%  بعد اضافة الجمارك علي السلعة ونحسب ترحيل من المنشأ لبورسودان للخرطوم ورسوم مواني وعمال وتخليص وشهادة منشأ ورسوم تختيم وتحويل 3% فقط وربح للتاجر 10%  ستصبح قيمتها 2800 دولار.

بمعني اذا صاحب برادو عايز يعمل صيانة لعربيتو وجاء للتاجر واعطاهو فاتورة بالمبلغ سيلغي الشراء ويشيل ال 800 دولار اعلاه يشتري منها تذكرة ذهاب واياب لدبي ويدفع رسوم تاشيرة واقامة وفسحة 3 ايام ويرجع شايل اسبيرات صيانة عربيو معاهو صحبة راكب ومعاهو هدايا كمان ويطلع بالمطار معزز مكرم وهو شايل المسموح بيهو قانونا حسب قرار وزير التجارة والذي يسمح بدخول العفش الشخصي في حدود ال 2000 دولار....المثال اعلاه للتنبه من عدم المنطق في اتخاذ القرارات المتعجلة والغير مدروسة. ستفشل الدولة في تحقيق الايرادات مع رسوم الجمارك العالية والقيمة المضافة الغير منطقية وسيزداد التهرب الجمركي والضريبي وستشتعل تجارة الشنطة وتنهار التجارة.



ختاما اسف للاطالة ارجو من الحكومة ان لاتستعجل الخطوة  وتكون ورش عمل مشتركة من الجهات ذات الصلة واشراك كل من اتحاد اصحاب العمل واتحاد الغرف التجارية من مصدرين ومستوردين مستصحبين معهم كل الشعب التجارية وان تاخذ الورش واللجان الوقت الكافي لاصدار نسب جمركية وضريبية تتناسب وكل سلعة حسب الضرورة والاحتياج...

رسالة للحكومة التنفيذية.... يجب عليكم عدم تجاهل رجال المال والاعمال فيما يخصهم من قرارات مصيرية واضعين في الاعتبار ان من بينهم من يدير شركاته واعماله بطرق علمية وعملية واتخاذ قرارات ناجزة ونافذة وفعالة اكتر من ادارة كثير من القائمين علي امر دواوين الدولة... وهم اكثر حرصا علي استقرار الاقتصاد وامن الوطن...الحكومة التنفيذية لا تستغنى عن رجال الاعمال ويجب ان تشركهم في كل القرارات الاقتصادية وان يكونوا يدها اليمني في ذلك...

لكم كل التقدير...واكرر اسفي للاطالة...

الاستاذ المحامي

حافظ محمد نور خيري


zico.omer@yahoo.com

 

آراء