القوى السياسية والغفلة وإعادة إنتاج الأزمات

 


 

فيصل بسمة
7 January, 2024

 

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

و ما زال قآئد مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) المتمردة محمد حمدان دَقلُو (حِمِيدتِي) يواصل جولاته الأفريقية ، و قد وجد الكثير من الإهتمام و الترحاب و المعاملة المميزة و كأنه شخصية رئاسية ذات مقام رفيع!!! ، و ذلك على الرغم من إلمام العواصم الأفريقية بما إرتكبته مليشيات الجنجويد المتمردة من قتل و إنتهاكات ضد الدولة و الشعوب السودانية ، و قد مهدت لتلك الجولات أطراف إقليمية و مجموعات سياسية سودانية ، و وفرت لقآئد الجنجويد الملطخة أياديه بدمآء الأبريآء الغطآءات السياسية و اللوجستية!!!...
و قد شاهدت جموع السودانيين عبر الوسآئط وقآئع لقآء حميدتي مع مجموعة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) برئاسة السيد عبدالله حَمدُوك رئيس وزرآء الفترة الإنتقالية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا و توقيعهما على وثيقة الإتفاق الإطاري ، و تابعت المؤتمرات الصحفية التي مارس فيها حميدتي هواياته في اللعب بالحقآئق و معالجتها و إعادة إنتاجها/إخراجها بحيث توافق طموحاته و تطلعاته ، و يبدوا أن أديس أبابا تحرص حرصاً شديداً على أن تكون مقراً دآئماً لجميع الإتفاقيات السودانية التاريخية التي جَابَت و ما زالت تَجِيب الهَوَا لبلاد السودان!!!...
و يبدوا أن كراهية القوى السياسية السودانية (قحت و تقدم و أخواتهما) لجماعة الأخوان المتأسلمين (الكيزان/الإنقاذ) قد سببت لهم ضبابية في التفكير و التخطيط ، و جعلتهم يرتمون دون وعي في أحضان الشياطين ، و يبدوا أن هذه القوى عاجزة عن التقدم و تقديم الأفضل ، و أنها لا تتعلم من أخطآءها ، فهاهي (تقدم) تقدمُ إلى أديس أبابا يتقدمها ذات الشخصيات في معية ذات رئيس الوزرآء الذي تسبب و آخرون في خيبات و كوارث فترة ما بعد سقوط المخلوع عمر البشير ، و هاهي ذات القوى تقوم/تَقدُمُ على إعادة إنتاج/إخراج ذات المسرحيات السياسية المعادة/المكررة/المملة التي تعقب المجازر و الإنتهاكات ، و التي تنتهي بالتوقيع على وثآئق إتفاقيات مع ذات شخصيات اللجنة الأمنية العليا للجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) ، و هاهم يعودون بالذاكرات إلى ذكريات مجزرة القيادة العامة و خيبات: الوثيقة الدستورية و إتفاقية سلام جوبا و الإتفاق الإطاري و الأحاديث الفطيرة عن:
- اﻟﺘﻤﺰق السياسي و الإجتماعي و اﻟﺘﺪھﻮر الإقتصادي و اﻷﻣﻨﻲ الذي أصاب بلاد السودان
- الكلفة الباهظة لويلات و عذابات الحرب و الإنتهاكات المروعة و القتل و السلب و النهب و التدمير و الخراب
- الممرات الآمنة و عودة النازحين/اللاجئين و الإدارات المدنية للمناطق المحتلة من قبل المليشيات المتمردة
- العدالة الإنتقالية و لجان التحقيق الوطنية و المحاسبات على الإنتهاكات و الحروب
- وحدة بلاد السودان و المواطنة المتساوية و الحكم المدني الفيدرالي
- إعادة بنآء القوات الأمنية و بقية مؤسسات الدولة و الإقتصاد
- تفكيك نظام الثلاثين (٣٠) من يونيو ١٩٨٩ ميلادية
و لقد إدعت (تقدم) الحياد بينما كان الأجدى و الأجدر بها أن تكون منحازة إلى جانب الحق ، حتى لو إستدعى الأمر أن تقول للأعور من الكلام الدُّوغرِي ما يجرح المشاعر ، فأمر الوطن ليس فيه تهاون و لا يقبل أنصاف الحلول...
و يبدوا أن القوى السياسية قد تناست أن الأطراف العسكرية التي يتفاوضون معها حول ذات الأمور و يقالدونها هي ذات (الزُّول الكَاتِل ولدك) ، و هم الذين وثقت لهم أقوال:
- ما قلت ليكم البلد دي بَلِفَهَا عندنا
- نِحنَا أسياد الربط و الحل
- ما في ود مَرَة بِفِك لسانو فوقنا
- مش قاعدين في الضُّل و نِحنَا فَازعِين الحَرَايَّة
- نِحنَا الحكومة ، و يوم الحكومة تَسَوِي ليها جيش بعد داك تكلمنا
- عمارات الخرطوم تسكنها الكَدَايس
- ما بنسلمها لناس عَوَالِيق
- ما بنسلمها لناس بِسِنُّوا لينا في السكاكين
- و إن شآء الله تمطر حَصُو
و يبدوا أن القوى السياسية من الغفلة و السذاجة بحيث يظنون/يعتقدون/يؤمنون بأن القتلة المتعطشين إلى السلطة و سفك الدمآء و نهب الموارد الذين لا يراعون المواثيق و الإتفاقيات سوف يسملونهم السلطة و أمر إدارة بلاد السودان على طبق السلام الذهبي حباً في إقامة الدولة المدنية أو شخوصهم!!! ، و يبدوا أن القوى السياسية و في تهافتها و تعجلها إلى العودة إلى كراسي السلطة لا تمانع من غض الطرف عن التغول اللأخلاقي في الشئون/الأزمة السودانية من قبل بعض من الدوآئر الأجنبية التي تسعى إلى خدمة و رعاية مصالحها في بلاد السودان و المنطقة!!!...
الخلاصة:
حل الأزمة السودانية يحتاج إلى لاعبين محليين جدد يمتلكون مقدرات/صفات قيادية ، و ذلك لأن اللاعبين الحاليين الوالغين في الشأن السياسي من العسكر و المدنيين لا يمتلكون الأهلية الأخلاقية التي تؤهلهم لتولي أمر السلطة و إدارة الدولة السودانية ، مما يعني أن على أصحاب المصلحة الحقيقية من الثوار و المناضلين أن يتقدموا الصفوف عوضاً عن ترك الأمر للأرزقية و الطفيلية السياسية و السواقط الحزبية و أمرآء الحروب و جماعات الهوس الديني ، و أن يتولوا زمام المقاومة المدنية و العسكرية ، و أن يعملوا على تحقيق/إنجاز شعارات الثورة الخالدة:
حرية ، سلام و عدالة...
العسكر للثكنات و الجنجويد ينحل...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

fbasama@gmail.com

 

آراء