القوى الوطنية واحياء اتفاق إطاري آخر

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن لقاء وفد من تنسيقية القوى الوطنية برئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في بورتسودان، و إعلان نيتها توقيع ميثاق سياسي مع القوات المسلحة، أعتقد هي خطوة لم تدرس سياسيا بشكل جيد، و تعتبر ردة فعل بما قام به تحالف "تقدم" من توقيع " إعلان سياسي أديس أبابا" مع قائد ميليشيا الدعم.. أن موقف القوى المكونة لتنسيقية القوى الوطنية الداعم للقوات المسلحة هو موقف متسق سياسيا مع الشارع السوداني الذي وقف مناصرا و مؤيدا للجيش في معركة الكرامة، و أن توقيع ميثاق سياسي مع الجيش لكي يجعل التنسيقية الحاضنة السياسية له، تكون التنسيقية تريد أن تعود بنا إلي ذات " الاتفاق الإطاري" بصورة أخرى، و تدخل القضية السياسية في سباق محموم من أجل التقرب للجيش لكي تصبح هي الجهة الوحيدة المناط بها تشكل سلطة الفترة الانتقالية..
يقول مصطفي طنبور أحد قيادات التنسيقية بعد اللقاء (أن التنسيقية أكدت دعمها ومساندتها للقوات المسلحة وهي تخوض معركة الكرامة وأن أى عملية سياسية لا تنطلق إلا بعد القضاء على المليشيا المتمردة التي تريد اختطاف البلاد وتدميرها (إذا كانت التنسيقية ترفض عملية اختطاف البلاد من قبل الميليشيا بالانقلاب الذي قامت به، و هو فعل مدان و غير مقبول.. أيضا محاولة استغلال الظرف و تحاول التنسيقية أن توقيع إعلان سياسي مع الجيش لا يقل أثرا عن عملية الاختطاف.. أن البلاد تشهد حربا شرسة و الجيش كله يخوض هذه الحرب، و قالت قيادته تكرارا أن العملية السياسية تبدأ بعد إنتهاء الحرب.ز و بالتالي أن أي طرح سياسي الهدف منه الانفراد بالعملية السياسية يصبح خطوة غير مقبولة.
أن حديث على عسكوري أحد قيادات التنسيقية، عقب اللقاء ( أن اللقاء تطرق إلى مجمل الأوضاع بالبلاد وموقف القوى السياسية والجهود المبذولة لجمع الصف الوطني وتوسيع قاعدة المشاركة لكل القوى السياسية السودانية) هذا الحديث يتوافق مع حديث القائد العام للجيش و الذي ظل يردده منذ الصراع الدائر حول فكرة " الإتفاق الإطاري" و يجب على القوى السياسية جميعها أن تتوافق على الحد الأدني لكي تصبح مؤهلة أن تقدم أفكارا بموجبها تتوافق مع الجيش على حكم البلاد.. و محاولة البعض العودة إلي ذات " الإتفاق الإطاري" و لكن فقط بتغيير الاعبين في المسرح السياسية، و هي مسألة سوف تقود البلاد مرة أخرى لصراع سياسي غير مفيد... و الذين يحاولون تشكيل حكومة فترة انتقالية أخرى عن محاصصات حزبية بمسميات جديدة، اعتقد أن هؤلاء لم يستفيدوا من دروس تجارب الفشل التي أدت للحرب.. أن بعض السياسيين بتفكيرهم المغلق حول مصالح ضيقة يجهضون الأعمال الوطنية العظيمة برغباتهم الشخصية و تطلعهم للصعود من خلال السلم الخلفي، هؤلاء يجب أن يعيدوا التفكير مرة أخرى لأفكارهم ذات البعد الواحد..
أن مسيرة العديد من القوى السياسية و الحركات، و التي وقفت مع القوات المسلحة صفا واحدا ضد مغامرة ميليشيا الدعم التي أضرت بالوطن و المواطن من تخريب و دمار و سرقة و نهب و أغتصابات، يجب أن تجعل الجميع أن يفكروا تفكيرا عقلانيا حكيما يكون الوطن هو الأول و الثاني و الثالث و ليس مصالح مكوناتهم و مصالحهم الشخصية، يجب أن القفز فوق هذه الرغائب الضيقة، حتى يستطيع الكل أن يمارس التفكير العقلاني الذي يفتح نوافذ يمر منها الهواء النقي الذي يجعل الكل يفكر بحكمة.. أن التفكير المحدود لاغتنام الفرص عند الأزمات يضعف الثقة بين المكونات..
أن خروج الشعب السوداني في كل ولايات السودان تأييدا للجيش، و هم يستقبلون متحركاته بالتكبير و التهليل كان لها الأثر القوى في رفع الروح المعنوية للمقاتلين في كل مكان، و كانت أيضا محفزا قويا أن يندفع الشباب ملبين دعوة الاستنفار التي أطلقها القائد العام، و أيضا دعوة المقاومة الشعبية لحمل السلاح دفاعا عن مناطقهم و ممتلكاتهم و اعراضهم، هؤلاء بينهم المتعلمين في كل حقول المعرفة و أيضا الخبرات... ماذا تقول القوى السياسية إذا أصر هؤلاء وحدهم يجب أن يسمح لهم الجيش إدارة الفترة الانتقالية.. لا اعتقد يقبلون ذلك.. أن دعوة التنسيقية لتوقيع " ميثاق سياسي" مع الجيش مهما تدثرت بثوب القومية و غيره أن الهدف من ذلك هو السطو على سلطة الفترة الانتقالية..
أن دعوة التنسيقية لحوار سوداني سوداني اعتقد هو مخرج البلاد من أزمتها، و عليها أن تتمسك بهذه الدعوة دون السعي لتوقيع ميثاق مع الجيش.. أن البرهان منذ صراع " الإتفاق الإطاري" كان يكرر في كل خطاباته، أننا لا نريد أن نحكم، و لكن لابد من مشاركة كل القوى السياسية في حوار و الوصول الاتفاق الحد الأدني .. و كرر البرهان هذه المقولة في زيارته الإولى و الأخيرة أيضا لمصر، و في عدد من خطاباته من على منابر معسكرات الجيش المختلفة.. يجب على القوى السياسية أن لا تعيد العملية السياسية لذات فكرة و صراع ما قبل الحرب، يجب عليها أن تفكر خارج دائرة السلطة، و سوف تجد حلولا أفضل، و لكن الذين يركزون على السلطة هؤلاء سوف يضعون العوائق لعقولهم و لا يساعدهم من عملية التفكير المنطقي و الصحيح الذي يقود للحل. و نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com

 

آراء