الكتابة في زمن الحرب (47) : نتائج الحروب على الثقافة

 


 

 

الثقافة السودانية، مثلها مثل العديد من الثقافات التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، والتي تواجه كمية من الضغوطات الشديدة وذلك نتيجةً لعدة عوال اهمها الحروب والمجاعات اضافة للكوارث الطبيعية. هذه الأزمات بلا ادنى شك تؤثر وبشكل مباشر على الفعل الثقافي وعلى البيئة التي يمكن أن تنتج فيها الإبداع. ورغم ذلك، نجد أن المثقفين السودانيين الذين يعيشون في المهجر يبدعون بشكل ملحوظ. هذا قد يكون مرتبطاً بعدة عوامل:
(1) الحرية الفكرية: يعيش المثقفون السودانيون في المهجر بعيداً عن الضغوط السياسية والقمع، مما يتيح لهم مجالاً أوسع للتفكير والإبداع. في السودان، تقييد الحريات كان عاملاً رئيسياً في إعاقة النشاط الثقافي.
(2).التفاعل مع ثقافات أخرى: المهجر يمنحهم فرصة الاحتكاك بثقافات جديدة ومتنوعة، مما يغني تجربتهم الثقافية ويضيف أبعاداً جديدة لإبداعهم. كما أن البيئات المستقرة في الخارج توفر الفرص للتعبير الفني والأدبي بعيداً عن الصراعات.
(3 )الاغتراب والهجرة: يولد الشعور بالحنين إلى الوطن والانتماء إلى جذور ثقافية قوية دافعاً للإبداع. الهجرة تجبر المثقف على إعادة النظر في هويته، جذوره، ومستقبله، مما يثري نتاجه الأدبي والفكري.

الثقافة السودانية وثقافة الأزمات:
الحروب والمجاعات: هذه الأزمات أدت إلى تعطيل الكثير من المؤسسات الثقافية داخل السودان. لا يوجد استثمار حقيقي في الثقافة وسط الأولويات الاقتصادية والسياسية، وتظل الثقافة غالباً ضحية لهذه الأزمات.
الكوارث الطبيعية: مثل الفيضانات والتصحر، تسهم في تدهور البنية التحتية، مما يعيق تنظيم الفعاليات الثقافية وتبادل الأفكار.

مستقبل الثقافة السودانية:
في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية، هناك فرص وتحديات:
(1). الفرص: يمكن للمثقفين السودانيين في الداخل والخارج تشكيل مشهد ثقافي جديد إذا تم توفير بيئة ديمقراطية وحرة. التعاون مع مؤسسات عالمية ومنظمات ثقافية دولية قد يعزز من استمرارية الإنتاج الثقافي.
(2) التحديات: وعلى رأسها التوترات السياسية، تدهور الأوضاع الاقتصادية، واستمرار الحروب يمكن أن يظل عائقاً أمام استعادة الزخم الثقافي. الحل يكمن في تحسين التعليم وتطوير البنية التحتية الثقافية ودعم الفنانين والمثقفين.

الخروج من عنق الزجاجة: كيف ومتى؟..
حري بنا أن نقول ان الخروج من الأزمات الثقافية يتطلب عدة خطوات واهمها:
اولاً: إصلاح سياسي واقتصادي: لا يمكن الحديث عن نهوض ثقافي في ظل غياب الاستقرار السياسي. الحاجة ماسة إلى بناء دولة مدنية تؤمن بحرية الفكر والتعبير.
ثانياً/: دعم الثقافة كجزء من الهوية الوطنية: يجب أن تدرك الحكومات المتعاقبة أهمية الثقافة في بناء الأمة، وبالتالي تحتاج إلى تخصيص موارد ودعم البنية التحتية الثقافية.
ثالثاً/: تمكين الشباب: الشباب يمثلون طاقة هائلة للنهضة الثقافية، ولا بد من فتح المساحات لهم لتقديم إسهاماتهم.
رابعاً/:!تطوير المؤسسات التعليمية: التعليم هو أساس أي نهضة ثقافية، وبالتالي يجب أن تكون هناك إصلاحات تعليمية جذرية تعزز الفنون والآداب كجزء من الهوية الوطنية.

 

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com

 

آراء