*أرجو أن تسمحوا لي بتقديم هذه المساهمة بمناسبة تخصيص برنامج "حال البلد" الذي يقدمه الطاهر حسن التوم في قناة سودانية 24 للإحتفال بالعيد ال15 لتأسيس صحيفة "إيلاف" الإقتصادية التي أسسها ويرأس تحريرها الدكتور خالد التجاني.
* في بحثي عن الصحف التي تصدر باللغةالعربية في أستراليا وجدت صحيفة عراقية إسمها "الفرات" تصدر كل اسبوعين، ظللت لفترة طويلة كلما أود السؤال عنها أقول لاإرادياً هل صدرت "إيلاف اليوم"؟. ............ *لم أتعرف عليه إلا بعد قيام "الشراكة الذكية"التي كانت ثمار دمج ثلاث مؤسسات صحفية كانت تصدر"الصحافة" و"الحرية" و"الصحافي الدولي"،لكن توثقت علاقتي به أكثر خلال الزيارات الصحفية، داحل السودان وخارجه، ومن خلال قرءاتي لكتاباته في صحيفة"إيلاف" الإقتصادية التي هو ناشرها ورئيس مجلس إدارتها، وفي صحف ومواقع إلكترونية أخرى، إنه صديقي الدكتور حالد التجاني النور. *قرأت له قبل ذلك كتابه المهم "الخيار صفر"، لكن كتابه "نصيبي من النصيحة"الذي أهداني إياه ونحن في طريقنا إلى نيالا في رحلة عمل صحفية، يمكن إعتباره أكثر من كتاب، و المقالات التي تضمنها، شهادة حية معبرة عن الواقع المأزوم الحاليفي السودان. *من الصعب إستعراض مثل هذا الكتاب المحشود بالمقالات الفكرية، لكن لابد من التوقف عند بعض الإضاءات المهمة التي جسدتها المقالات الشجاعة الصريحة الموضوعية الصادقة، بما فيها من نصائح غالية، ففي مقالاته عن"الأزمة الوطنية..سنوات التيه .. المخرج من الحيرة " يحذر من عواقب تراجع فرص الحوار الوطني - هذا قبل أن يتراجع بالفعل ويعود السودان للدوران في فلك الإختناقات السياسية والإثتصادية والأمنية. *خلص في هذا الجانب إلى أن أزمة السودان لن تحل عبر الهروب إلى الأمام بلا شفاء من إدمان المفاضات الجزئية والصفقات الثنائية، الحل الوحيد الذي بات ممكناً في رأي الدكتور خالدهو التوافق على وضع إنتقالي وحوار وطني شامل يشارك فيه كل الفاعلين في الساحة السودانية بلا إقصاء أو عزل للإتفاق على مستقبل لا يستطيع طرف واحد مهما بلغ شأنه أن يفرضه على الجميع. *في مقاله بعنوان"حوار بلا إرادة للتغيير والإصلاح" تساءل الدكتور خالد التجاني : لماذا ظلت دعوات الحوار المتكاثرة غير منتجة، بل أثمرت نتنائج عكسية، من مظاهرها أن الصراع السياسي تطور إلى نزاع مسلح،والذي كان مقتصراً على أزمة الجنوب إمتد لتصيب حمى الحوب الأهلية أطراف البلاد الأربعة. *في ص 111 يقول الدكتور خالد: إن الفريضة الغائبة اليوم هي الرؤية الكلية الهادفة لإيجاد حلول لمشكلات البلاد، حلول بحجم قضايا الوطن وتطلعات مواطنيه، حتى يكون هناك إطار مستدام فعال قادر على إستيعاب واقعنا بكل تعقيداته، بدلاً من الحلول الجزئية التي أثبتت مسؤوليتها في إستمرار أزمات البلاد. *خصص الدكتور خالد فصلاً كاملاً تحت عنوان "الإسلاميون .. إستحقاقات عودة الوعي" طرح في مقدمته السؤال التالي: أين تكمن علة الحركة الإسلامية السودانية ؟ وقال إن رياح التغيير والحرية والثورة على الإستبداد التي عمت المنطقة فضحت ذرائعية وضحالة المشروع السياسي للحركة الإسلامية السودانية، إذ ضبطتهم متلبسين بالوقوف في الجانب الخاطئ والخاسر من التأريخ. *يمضي الدكتور خالد التجاني في تشريحه لعلة الحركة الإسلامية السودانية ويقول : أنه من الحطأ بمكان أن ينظر للأمور بعد كل هذه السنوات الطويلة من التجربة المتعثرة للحكم، وكان الأزمة مجرد مشكلة تنظيمية، ويضبف قائلاً : مامن سبيل أمام "الإسلاميين" اليوم إلا التحلي بالشجاعة الكاملة، والوعي العميق، والأفق الواسع، لإجراء مراجعة جذرية شاملة، بداية من الأفكار المؤسسية للتيار الإسلامي وتصوراته الأساسية، تأخذ في الإعتبار نتائج هذا الفشل الزريع للغارة الإنقلابية التي جاءت وبالاً عليهم وعلى البلاد. *أكتفي بهذا القدر من الإضاءات ، فهناك فصل كامل بعنوان"دارفور.. فاضحة الجميع"، لذلك قلت أنه أكثر من كتاب في كتاب واحد، قال فيه الدكتور خالد التجاني نصيحته الي قطعت مصارينة كما عبر عن ذلك"بين يدي الكتاب" مستشهداُ بالعبارة البليغة المنسوبة للشيخ حمد النحلان،شايب الصوفية"أب سماً فاير" : "وامغصتي" النصيحة قطعت مصاريني. ////////////////////