الكهرباء والماء والضرائب والاتصالات

 


 

 




التطور غالباً له معارضوه، ولم أقل دائماً وإنما قلت غالباً، والخائفون لهم ما يبررون به خوفهم، ولا بد لهم من تطمينات لأن ما بجعبتهم من الاخفاقات كثير، ولا يمكن أن نقف عند تقانات وأفكار القرن الماضي، ولا بد من خطوات تعوض غياب الاستراتيجيات التي ملأت الدنيا جعجعة ولم نر طحيناً.. بالمناسبة كيف هي المفوضية القومية للاستراتيجية بعد تاج السر محجوب؟؟ «أخير قبيل».
مثال: الصراف الآلي دخل بلادنا متأخراً عشرين سنة عن جارتها السعودية، وكثير من مصارفنا تمشي بسرعة النملة إن لم نقل السلحفاة في حوسبتها وإدخال خدمات مثلما في دول أخرى. وحتى الآن مصارفنا رغم ما نرى من تقدم في بعضها إلا أنها لا تقبل الجديد إلا بعد زمن طويل. أما الحكومة الالكترونية فهي «أحلام ظلوط» نسمع ولم نر. ومنهم من لا يريدها أن تصبح واقعاً، وسبب ذلك أن جهات حكومية لا يسعدها الضبط، وتريد البرطعة والتجنيب وزارة الداخلية مثالاً.
وكل ذلك لا يمنع أن نعترف بأن مرفق الكهرباء يوم أدخل نظام الدفع المقدم قضى على عيوب كثيرة، ولا ننسى أنه سمي أول الأمر «الجمرة الخبيثة»، والكل يقرُّ الآن بأنها حميدة وليست خبيثة. ودرَّت على الكهرباء أموالها «على داير المليم»، ويجب أن تأتي بعد ذلك رقابة البرلمان لتَعرف وتُعرِّف أين يصرف ذلك المال.
وبعدها اقترحنا من خلال هذا العمود الاستفادة من برنامج الكهرباء لتحصيل رسوم المياه اقتراحاً عاماً، وبعد أن عجزنا عن أن يكون عاماً ركزنا على ولايتنا ولاية الجزيرة، وتشكر فقد أطاعت وصممت قانوناً لهذا الغرض وقَبِله الناس، لا أقول من أول مرة ولكن بمرور الزمن، وتبعت بعد الجزيرة ولايات عديدة استرشدت بقانون ولاية الجزيرة. ونسأل الله أن يثبت الأجر. ومن محاسن هذا التحصيل أن توفرت الكهرباء للتشغيل بلا انقطاع، غير أن بند الصيانة يحتاج إلى «جكة».
واليوم نريد أن نقترح على ديوان الضرائب اقتراحاً يريحه راحة كبيرة ويخفف عنه ويملأ خزينته بحق دون تعب أو نصب.. ضريبة القيمة المضافة رغم ما لازمها من عيوب تظل أكثر الموارد الضرائبية دخلاً في ظل قلة المعلومات وصعوبة تحصيل الضرائب من المكلفين، كما في دول أوروبا مثلاً، ففي العالم الثالث كلما زاد مالك قلت ضريبتك والعكس بالعكس، وربما يدفع طفل الدرداقة رسوماً أكثر مما يدفعه رجل أعمال. وتبقى القيمة المضافة هي أوسع المظلات انتشاراً رغم عيوبها كما أسلفنا.
لست عالماً ببواطن الأمور، ولكن ضريبة القيمة المضافة على الاتصالات 30% أمر مبالغ فيه على المواطن، ورغم ذلك يتركها ديوان الضرائب لشركات الاتصالات فترات متفاوتة من الزمن، رغم أن شركات الاتصالات تتحصلها من المواطن فوراً. وضريبة القيمة المضافة على الاتصالات هي أسهل الضرائب إحصاءً وبأجهزة لا تعرف «الدغمسة»، فكل شركات الاتصالات تملك نظاماً system رائعاً جداً، وتعرف في كل لحظة ما لها وما عليها.
لذلك لا أرى معنىً لأن يترك ديوان الضرائب هذه المبالغ يوماً واحداً لشركات الاتصالات، وعليه نقترح أن يتم تحصيل كل ضريبة القيمة المضافة على  الاتصالات عند الساعة 00:00 في تلك اللحظة أي الثانية عشرة ليلاً أو كما يقولون هم «23:59:59» فتقوم كل أنظمة شركات الاتصالات لتودع ما تحصلته من قيمة مضافة على المحادثات والمبيعات في ذلك اليوم لحساب ديوان الضرائب في بنك السودان، والأمر لا يحتاج إلى أية قوة خارقة.. برمجة كمبيوتر واجتماع اجتماعين تنسيقيين بين الضرائب وشركات الاتصالات وبنك السودان. والثقة في الآلة أصبحت أكثر من الثقة في البشر.

ahmedalmustafa ibrahim [istifhamat@yahoo.com]

 

آراء