اللامبالاة وإستباحة النصوص وعدم التكافؤ
كلام الناس
*بعض الأعمال تجبرك على التوقف عندها خاصة تلك التي تنعش حاسة الإندهاش التي كادت أن تقتلها الحياة المادية الروتينية التي ضيقت علينا مساحة التفاعل والإنفعال.
*أكتب هذا بمناسبة المعرض الذي أُفتتح يوم السبت الماضي ويستمر حتى التاسع والعشرين من أبريل المقبل بصالة بيكوك قاليري Peacock Gallery في أوبرن- سدني تحت رعاية مجلس بلدية كمبرلاند Cumberland Council.
*الذي حرك حاسة الإندهاش المعرض المختلف الذي قدمه الفنان الذي درج على الخروج على المألوف في الفنون الجميلة والتطبيقية وهو يرتاد افاق أرحب تحرك ساكن الثقافة والفنون وتنقلنا إلى فضاءات تجمع بين الفكرة والإبداع الفني.
*عندما خرج على جمهورة منذ سنوات خلت بمعرضه"فك الشفرة" لم يفك الشفرة أصلاً إنما ترك المتلقين يجتهدون بأنفسهم في فك الشفرة كما قال في كلمته لدى إفتتاح معرضه الحالي أنه يترك للمشاهد حرية التناول الفني للعرض.
*حتى عندما إنتقل إلى مرحلة الواقع المقلوب التي جسد لنا في بعض أعماله التداخل اللامرئي بين المنظور وماوراء الأشياء أمام أعيننا في مشاهد تجبرك على التفكير وإعادة النظر في طبيعة الكون والأشياء وأنت تقف على أرض الواقع بكامل وعيك المحدود.
*في هذا المعرض إنتقل بنا إلى مرحلة أرحب وهو يجمع بين ثلاثة أعمال تنصيبية تعبر عن مضامين مختلفة مثل اللامبالاة والتجاهل وعدم التكافؤ وإستباحة النصوص الدينية والسياسية .
* العرض الذي أثار كل من شاهده هو العمل التنصيبي المقلوب تماماً Up and down الذي يجعل المشاهد يقف على سطح الغرفة المقلوبة من الداخل ليشاهد العالم المقلوب فوق رأسه والتلفزيون المقلوب يستعرض أحداث العالم الكارثية والإنسان نائم ولا يبالي.
*قصد الفنان المدهش أن ينفذ الأخبار والأحداث العالمية والإقليمية والمحلية وفي مقدمتها أحداث النزاعات والحروب والعنف والإرهاب التي يبثها التلفزيون "أبيض وأسود" كأنه يريد أن يقول انها ستصبح جزءًا من التاريخ.
*إنه الفنا ن غسان عباس محمد سعيد "غسان سعيد" الأسترالي من أصول سودانية الذي عبر في عمله الثاني عن ظاهرة إستباحة النصوص الدينية والسياسية من خلال عرض معبر لمجموعة من الكتب في أوضاع محبوسة ومقيدة ومضغوطة.
• العمل الثالث جسد فيه غسان سعيد بعض جوانب عدم التكافؤ في المجتمعات الإنسانية عبر أنماط من مشاهد "الفائض" الغذائي - عند البعض - الذي يجد طريقه إلى مكبات القمامة في عالم يعاني فيه الملايين من البشر من ويلات الفقر والجوع والمرض والبؤس والفاقة.