المؤتمر الاقتصادي (2): مسمار في نعش التهريج !!
انتهى المؤتمر الاقتصادي إلى خير ووعد وإلى (توصيات غراء) وتلفّت الإنقاذيون يميناً وشمالاً في حيرة وغيظ ووجمت فلولهم التي تريد أن تشغل الساحة السودانية بالتهريج والصياح و(المكاء والتصدية) فخرست الألسن وانزوى الأبالسة..! وكان المؤتمر الذي عقدوه في أيامهم (كرنفالاً للجهل) حتى أن احد الذين يعتبرونه من (نواراتهم) صعد إلى منصة المؤتمر وقال أمام الحشد الإنقاذي إنه يقترح الاستعانة بالجن المؤمن لحلحلة المشاكل الاقتصادية (أي والله) وأشار إلى انه ينصح بالتركيز على (الجن السوداني)..! ولم يتصدى له أي أحد من الحاضرين الملتحين بما فيهم شيخهم ليقول له: ألم تسمع بأن رجالاً من الإنس كانوا يعوذون برجال من الجن (فزادوهم رهقاً)..؟! والرجل صاحب تعيين الجن في مؤسسات الإنقاذ موجود (وحيٌ يُرزق) ومداخلته منشورة وموثقة في الصحف..وبيننا الأرشيف والتسجيل المرئي والصوتي...!
وعلى كل حال قلنا بالأمس إن انعقاد المؤتمر كان من بركات الثورة التي جعلت من حق أي مواطن سوداني أن يوجه انتقاداً مباشراً لرئيس الحكومة وانتقاد أدائه وأداء حكومته ووزرائه والمطالبة بعزلهم وهذه من سنن الحرية والديمقراطية وإطلاق صوت المواطنين تجاه الحكومة خادمة الشعب.. والجميل أن الحكومة تقر بأنها تسمع لصوت الشعب وتستجيب لندائه وتقرّ بأنها ما جاءت إلا لخدمته (فالشعب هو المُخدِّم الأصلي صاحب الحق) والحمد لله الذي (اذهب عنا أذى الإنقاذ وعافانا) من عهد (الدغمسة) والحصانة المبتذلة والقداسة الكاذبة التي تجعل من نكرات الإنقاذ (ذوات مصونة) تحرسهم الأطواق الأمنية والجلاوزة والحرّاس المدججين بالسلاح المُشرع في وجه الناس في (المشية والجيّه)..وما يحرسون إلا شرذمة غارقة في الإجرام واللصوصية..!
وقد شهد المؤتمر الاقتصادي في جلساته التداول الحر والمقارعة بالحجة رغم بعض المداخلات التي لا تناسب طبيعة المؤتمر التي تخالف طبيعة الليالي السياسية.. وقد كانت ورش المؤتمر ولجانه وخلاصاته مثالاً طيباً لجدية النقاش العلمي حول تشخيص التحديات ومقترحات الحلول وتعيين مهام الأجسام الاقتصادية من هيئات حكومية وقطاع أعمال ومؤسسات أهلية وشعبية ورقابية، وتوصيف كيفية إدارة الموارد والمال، والصادر والوارد، والضرائب والجمارك، والتمويل والاستثمار، والزراعة والصناعة، والنقل والاتصال، والتجارة والتعدين، والطاقة والتقنية، وتأمين الغذاء والدواء..الخ ورسم الاستراتيجيات الاقتصادية والخطط الآنية والمباشرة وقصيرة ومتوسطة المدى وطويلة الأجل..الخ
عبارة سقيمة سخيفة سمعناها (للأسف) من متحدث أو متحدثة في مداولات جلساته العامة في معرض النقد للأداء السياسي والتنفيذي ونسمعها أحياناً من غيرهم.. وهي عبارة (خايفين يجي يوم نقول يا حليل الإنقاذ)..! هذه العبارة يقولها (بالغفلة) مشفقون.. ويقولها الفلول غرضاً ومرضاً.. ولا اعرف عبارة (موغلة في السخف) أكثر من هذه العبارة العليلة الطائشة.. فلا يمكن في (أزل الله وأبده) أن يأتي يوم مهما كان (عبوساً قمطريراً) يجعل الناس يحنّون فيه إلي عهد الإنقاذ حتى ولو جاء بعدهم فرعون وهامان والتتار والمغول وأهل عاد وثمود والمؤتفكات..! كيف يأتي يوم يبكي فيه الناس على الإنقاذ قاتلة الأنفس وناهشة الأكباد و(زارعة الخوازيق) ومنتهكة الحرمات وسارقة (الروّاب والتيراب) والمتاجرة بقوت العيال ولبن الأطفال ودواء الحوامل..؟! الإنقاذ التي مزقت شرف الوطن وأرضه وأهانت كرامة المواطنين ومرّغت اسم السودان في الوحل و(فككت جبارته) وأشاعت الفساد والاستبداد ولم تترك فضيلة إلا وداستها ولا حرمة إلا وانتهكتها..!! لنشطب (هذه العبارة البايخة) من دفاترنا..وليتركها أنصار الثورة للفلول..! وليكن تنفيذ توصيات المؤتمر الاقتصادي صفحة جديدة نضرب بها مثالاً جديداً للجدية والسلوك العلمي.. فهذه الثورة جاءت لتمحق سنوات (الإدارة بالجهل) وأيام الإنقاذ الكالحة التي كان شعارها المُحبب: (دخلوها وصقيرا حام)..!!
murtadamore@gmail.com